Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر June 2, 2020
A A A
بعد عقود..الأملاك البحرية الى الدولة!..ووزير الأشغال لـ”العهد”: لن أرضخ لأي ضغوطات
الكاتب: فاطمة سلامة - العهد

في كل مرة تُطرح فيها الحلول لمالية الدولة المنهكة، يجري فتح ملف الأملاك البحرية. هذا الملف لطالما كان الحاضر الأبرز على لائحة الخبراء الاقتصاديين عندما يتحدّثون عن إيرادات الدولة. عشرات السنين مرّت على هذا الملف، خسرت فيها الدولة المليارات من حقوقها. ولمن لا يعرف ما هي قصّة الأملاك البحرية، هي باختصار قصّة تختصر معاناة الدولة مع مجموعة من المحظيين والنافذين وغيرهم تمكّنوا من السطو على مساحات شاسعة من ممتلكاتها دون وجه حق. هذا الحال لا يزال مستمراً منذ عقود. والملفت أن الدولة أعطت مهلا لتسوية أوضاع المعتدين على الأملاك البحرية عبر تسديد الرسوم المتوجبة عليهم، إلا أن البعض استمر في اعتداءاته على الشاطئ اللبناني دون أن يرف له جفن، وكأن شيئا لم يكن. يتّكل هؤلاء على تجربة السنوات الماضية التي أتاحت لهم العبث بالملك العام، دون تحرك جدي على الأرض من قبل الدولة اللبنانية. تحرك يردع مخالفاتهم واستملاكاتهم غير المشروعة ويعيد للدولة حقوقها المهدورة.

إلا أنّ ما حصل قبل أيام لناحية بدء الدولة بتنفيذ قرار وضع اليد على أملاك عامة بحرية محتلة، وختمها بالشمع الأحمر، يؤكّد أن عقلية جديدة بدأت تظهر للتعاطي مع هذا الملف، عقلية منتظرة منذ سنوات لاسترجاع حقوق الدولة المهدورة على الشاطئ الذي حُوّل الى ملك خاص، لتبدأ مرحلة جديدة في عمر هذا الملف، بموازاة أصعب مرحلة تمر بها الدولة، وتبدو بأمس الحاجة الى قرش يهبط عليها من السحاب. فماذا يقول وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار عن خطوة البدء بتحرير الأملاك البحرية؟ ما الذي تغيّر حتى اتخذت الدولة اللبنانية هذا القرار المنتظر منذ عقود؟ وما خطة الوزارة في هذا الصدد؟.

وزير الأشغال: لن أرضخ لأي ضغط سياسي

في حديث لموقع “العهد” الإخباري، يؤكّد وزير الأشغال العامة والنقل -وهو الوزير المختص والمعني بمتابعة قضية الأملاك البحرية- أنّ هذا الملف من الملفات المهمة جداً والبت به يشكّل خطوة ايجابية جداً. إنه كأي ملف يُعيد للدولة هيبتها لأنّ تنفيذ القانون على أي جزء من القطاعات التي شهدت تعديات يمكّن المواطن من استعادة ثقته بالدولة اللبنانية ويولّد إيرادات للخزينة تبدو بأمس الحاجة اليها. وعليه، يُشدّد نجار على أنني لن أرضخ لأي ضغط سياسي أو تسويات. الضغط الوحيد الذي سأرضخ له هو ضميري.

نوعان للمخالفات.. وبعد 12 آب ستضع الدولة يدها على جميع المخالفات

ما خطة الوزارة المستقبلية؟ يجيب نجار عن السؤال بالإشارة الى أنّ المخالفات تقسم الى قسمين؛ أول يتعلق بالمخالفات التي أتت بعد تاريخ 1/1/1994 بحسب القانون 64/2017. هذه المخالفات غير قابلة للتسوية، وسيتم احتساب الغرامة خمس مرات (المساحة x السعر التقديري). في هذه الحالة ستعمل الدولة على إزالة الأملاك الموجودة أو وضع اليد عليها عبر استثمارها في المستقبل.

أما القسم الثاني، فيتعلّق -بحسب نجار- بالمخالفات التي حصلت قبل تاريخ 1/1/1994. قسم من المخالفين عملوا على تسوية أوضاعهم، وهناك قسم آخر أعطيت لهم مهلة حتى 12 آب للقيام بتسوية استناداً الى القانون 160 الذي يعلّق المهل. وفق نجار، كان هناك مهلة لتسوية الأوضاع، لكن البعض لم يتمكّن ربما بسبب حراك 17 تشرين والأحداث التي تلته. وهنا يؤكّد نجار أنه عندما نعطي فترة تمديد مهلة للأشخاص الذين كان لديهم مجال للقيام بتسوية والظرف منعهم، فأنا أتصرف من وحي ضميري والقانون، مع استشارة عدد كبير من الاختصاصيين والقانونيين.

ويُشدّد وزير الأشغال العامة والنقل على أنّه وبعد هذا التاريخ ستباشر الدولة بوضع يدها على الأملاك البحرية اذا لم يسارع المخالفون للقيام بتسوية المخالفات ودفع الغرامات المتوجبة عليهم. ويلفت المتحدّث الى أنّ الدولة ستقرّر ما اذا كان سيتم الاستفادة من الأملاك البحرية بشكل مباشر أو غير مباشر واستثمارها عبر تأجيرها أو إجراء مناقصة بشأنها، مؤكداً أنّ وزارة الأشغال العامة والنقل بصدد وضع خطة للتعاطي مع الأملاك والانشاءات في المستقبل.

المخالفون يجب أن يدفعوا رسوما عالية تبدأ بثلاثة أضعاف وتنتهي بخمسة

كم تُدخل هذه القضية إيرادات الى الخزينة؟ يؤكّد نجار أن لا فكرة واضحة لدينا، فالقضية لا تزال في بدايتها، وهناك الكثير من المتوجبات من المفترض أن يتم تحصيلها. وفق الحسابات، فإنّ كل المخالفين على الأملاك البحرية يجب أن يدفعوا رسوما عالية تبدأ بثلاثة أضعاف وتنتهي بخمسة أضعاف، وبطبيعة الحال سيكون هناك مدخول مهم للخزينة، يُضيف نجار.

مئات الاعتداءات..وتطبيق القانون على الجميع

وحول المساحات المعتدى عليها في لبنان، يوضح وزير الأشغال أن لا تقديرات دقيقة لديه، لكن هناك حوالى 270 اعتداء على الأملاك البحرية حصلت بعد تاريخ 1/1/1994، وهناك 1068 اعتداء قبل التاريخ المذكور وبمساحات متفاوتة. وهنا يُشدّد نجار على أننا مصرون على تطبيق القانون على الجميع، ولا استثناءات. وفق حساباته، فإنّ الاستثناءات الوحيدة التي سيتم البحث بها مع وزارة الشؤون الاجتماعية تتعلّق بما اذا كان هناك أملاك تستخدم كمسكن وليس كاستثمارات. يتوقّف نجار عند هذه النقطة منوهاً الى أنّ السنوات الماضية شهدت تعديات في مناطق قليلة أنشئت فيها مساكن، وبالتالي وفي ظل الظروف التي نعيشها سيتم البحث في البدائل انطلاقاً من أننا لا نستطيع ترك الناس في الشارع. أما المحلات التي يتم استثمارها على الشاطئ لأسباب تجارية وغيرها فلن تستثنى وسيطبّق عليها القانون مئة بالمئة وبحذافيره.

الظروف تحتّم علينا تفعيل المداخيل

ما الذي تغيّر لتتخذ الدولة المبادرة بعد تقاعس لسنوات؟ يُعقّب الوزير على السؤال بالقول :” النية هي التي دفعتنا للبدء بحسم هذا الملف، بالاضافة الى العمل باستقلالية وتجرد والابتعاد عن التأثر بالسياسة والسياسيين. نحن كحكومة تكنوقراط لا أجندة لدينا غير الخروج من هذه “الحفرة” الاقتصادية والأزمة المعيشية”. برأي نجار، فإنّ الظروف تحتّم على الدولة أن تفعّل مداخيلها لناحية الجبايات والضرائب التي لا تدفع في الأملاك البحرية وغيرها. ويُكرّر لا أجندة لدينا غير إنقاذ البلد والقيام بجهد لكي يكون هناك خطة إنقاذ اجتماعية وانقاذية.

وفي الختام، يتمنّى نجار أن يكون ملف الأملاك البحرية باكورة كل الملفات لتسترجع الدولة هيبتها ووجودها على الأراضي اللبنانية ماليا واجتماعيا واقتصاديا وعلى كافة الأصعدة.