Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر December 15, 2016
A A A
بعد حلب حزب الله قادر على تنفيذ خطة نصرالله
الكاتب: محمود زيات - الديار

القراءات الاسرائيلية لحسم المعركة في حلب لصالح الرئيس السوري بشار الاسد وحلفائه الروس والايرانيين و«حزب الله»، تجزم بان حلب لم تكن لتسقط لولا مساعدة «حزب الله» والدعم الايراني، وقبلهما مساعدة روسيا الكبيرة التي بدأت في أيلول 2015، وهي تسببت باستقرار خطوط دفاع الجيش السوري، وسمح للأسد فيما بعد بإعادة سيطرته على مناطق كان فقدها، وفي حلب، ها هو يقوم بتسجيل إنجازه الأكبر، ورجحت ان يتم توجيه التحالف الروسي – الإيراني – السوري نحو مدينة إدلب.

ولعل اهم ما حمله الحسم في حلب، تزايد القلق الاسرائيلي من مشاعر الانتصار المتزايدة لدى «حزب الله» في لبنان، أما التركيز الاسرائيلي فانه يتوجه نحو الحدود في هضبة الجولان وامكانية أن يبادر الأسد إلى طرد المسلحين الذين يسيطرون على طول الحدود في الجنوب السوري، الامر الذي قد تسمح بتواجد «حزب الله» والحرس الثوري الايراني  قرب الحدود، وهذا تهديد واضح بالنسبة لإسرائيل.

ثمة من يعتبر من الاسرائيليين، ان اسرائيل انخرطت بالكامل في الحرب الدائرة في سوريا، ضد الرئيس بشار الاسد وحليفته ايران ، من خلال عمليات اغارة على مراكز حكومية سورية والدعم الذي تقدمه في الجنوب السوري إلى تنظيمات ارهابية، منها تنظيم «فتح الشام»، وخرجت منها برهانات خاسرة، زادت من حجم التحديات التي تواجهها لمواجهة «حزب الله» في الحرب المقبلة، والخلاصة التي باتت على طاولة صنَّاع القرار الاسرائيلي… ان السعودية وقطر وتركيا ومعهم الولايات المتحدة الاميركية وحلف «الناتو» هُزِموا في حلب، وان الرئيس الاسد بلور سيطرته على دولته بفضل دعم حلفائه الروس والايرانيين و«حزب الله»، فيما اسرائيل زادت من جرعات قلقها.

بعد معارك الحسم الحلبية في سوريا، باتت الاسرائيليون على موعد دائم مع انتصارات جديدة لـ«الحلف المزعج»، ممهورة بتوقيع العدو المقلق، الذي يمثله «حزب الله، الذي ما زال تحت مجهر جنرالات الحرب وكبار المحللين والمراقبين لمسارات الصراع في المنطقة، فالتنظيمات المسلحة التي تقاتل النظام في سوريا، هُزِمت… وادلب ستكون الهدف المقبل للجيش السوري وحلفائه، هذا ما يراه محلل الشؤون العربية في موقع «والاه» الصهيوني آفي يسسخروف، تعليقًا على تحرير المناطق المتبقية من أيدي المسلحين، انطلاقا من ان مهمة محور الممانعة الذي يضم الرئيس السوري بشار الاسد وروسيا وايران، فيما «حزب الله» حاضر في هذا الحلف بقوة، من خلال دوره العسكري المتصاعد والحاسم للعديد من المعارك العسكرية الصعبة التي سجلت في لائحة الانجازات العسكرية الكبرى التي تحققت حتى الآن.

وقال إن هذا المحور يسعى إلى السيطرة على كل المنطقة الشمالية – الشرقية لسوريا وصولاً إلى الحزام المنتشر جنوبًا من هناك باتجاه دمشق، من أجل تأمين استقرار الرئيس بشار الأسد، والتواجد الروسي في سوريا، وان الرابح الأساس من سيطرة الجيش السوري على حلب إضافة إلى دمشق، هما موسكو وطهران.

واذا كان الاسرائيليون يسخنون الجمهور الاسرائيلي، بـ«بشرى» ان المواجهة العسكرية في الشمال (المتاخم لجنوب لبنان والجولان) ام في الجنوب (المتاخم لقطاع غزة)، فانه يسوقون على ان هذه المواجهة باتت مسألة وقت ليس الا، وهو ما توصلت اليه ما يسمى «لجنة رقابة الدولة في الكيان الاسرائيلي، الا ان الشكوى دائما، ان اسرائيل لم تستغل الوقت للتحضير لهذه المواجهة.

وبحسب كلام رئيس اللجنة، فان تقرير مراقب الدولة حول جهوزية الجبهة الداخلية الاسرائيلية لخوض مثل هذه المواجهة، وكيفية مواجهة الهجمات الصاروخية، أظهر صورة قاسية، فلا يوجد خطة سنوية للاستعداد، وهناك خلافات بين الوزارات على الصلاحيات، والملاجئ ليست صالحة، وهناك نقص في صافرات الإنذار وجهوزية الدولة جزئية فقط لإخلاء السكان، واخطر ما جاء في خلاصات اللجنة، انه  في الحرب المقبلة ستتخلى الحكومة الاسرائيلية عن السكان، تمامًا كما حصل في الحروب السابقة. ويلفت مُعد التقرير الى أن ما يقارب ثلث سكان الشمال بدون ملاجئ، والمؤسسات التعليمية غير محمية حتى الآن كما هو مطلوب والخطة الحالية لإخلاء السكان ليست رهن التنفيذ، وما يعزز هذه المخاوف صدور اصوات من داخل الكنيست الاسرائيلي (البرلمان الاسرائيلي) تؤكد على ان الحرب في الشمال ( مع حزب الله) حتمية، لكن الى حين اندلاعها، فان الحكومة الاسرائيلية تلعب على الكلام وتتخلى عن «مواطنيها».

وفي قراءة للتطورات العسكرية الاستراتجية التي حصلت في حلب، اشارت صحيفة «معاريف» الصهيونية  الى أنه يتم الحديث في إسرائيل عن «حزب الله» اليوم كما كان يحصل خلال حرب لبنان الثانية (في تموز العام 2006 )، والتركيز على قدراته الصاروخية، الى جانب الحديث عن مخازن الصواريخ التي يمتلكها، لافتة الى أن إسرائيل تتحدث عن محاولات «حزب الله» نقل سلاح كاسر للتوازن من سوريا الى لبنان. واعتبرت  أن الموقف الإسرائيلي لا يأخذ بالحسبان عملية التحول التي مرّ بها «حزب الله» خلال السنوات العشر الأخيرة، وتحديدًا منذ اندلاع الحرب في سوريا قبل خمس سنوات. وأن الاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية، التي لا ترتكز على وضع «حزب الله» الحالي، لن تدفع إدارة ترامب الى تكريم إسرائيل.

ولان القلق الاسرائيلي من التطورات الجارية في حلب  يتصاعد، نظرا للعجز في تقديم تقييم موضوعي حول قدرات «حزب الله» العسكرية، فان الاعتقاد الاسرائيلي السائد يتحدث عن ان الحرب المقبلة لن تكـون بين اسرائيل و«حزب الله»، بل انها ستكون حربا بين إسرائيـل وايران، وهذا الامر يغير من النظر الاستراتيجية الاسرائيلية والعالمية للحرب، وبرأي الصحيفة نفسها، فان «حزب الله» تحول من منظمة تتبنى حرب العصابات، الى جيش تنتشر قواته في كل المطقة، وتزعم ان اكثر من الف عنصر من «حزب الله» يشاركون في المعارك ضد تنظيم «داعش» في منطقة الموصل في العراق، وهذه القوات تقوم بتدريب المقاتلين العراقيين، اليوم اصبح لدى «حزب الله» القدرة لتنفيذ خطة  ( امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله) أقله على الورق، اجتياح الجليل ومحاولة السيطرة على مستوطنات إسرائيلية.

وثمة من يدعو الاسرائيليين الى الالتفات إلى واقع حصل قبل شهر ونصف، ففي نهاية تشرين الأول، وبعد صراع دام سنتين ونصف، تراجع حزب «المستقبل» بزعامة سعد الحريري أمام إيران و«حزب الله»، وسمح بإنتخاب الجنرال ميشال عون رئيسًا للبنان، وصعود عون يشير الى إنكسار العربية السعودية، و«تتهم»(!) الصحيفة الجيش اللبناني بتقديم المساعدة لـ «حزب الله» خلال القتال في حرب العام 2006، سيما في توجيه صواريخ ضد اسرائيل، وجمع معلومات إستخباراتية عن الجيش الإسرائيلي، وتخلص الى القول: على الجيش الإسرائيلي أن يفترض اليوم أن كل ما لدى الجيش اللبناني سيستخدمه «حزب الله» في المعركة القادمة، وأنه يمكن لإسرائيل أن توجه تهديدًا بتدمير جـنوب لبـنان في المعركة القادمة، لكـن لا يـوجد أحد في الجـانب الثاني يصغي الى ذلك. وعليه «إسرائيل» ليس لديها ردع، سواء مع أو بدون تهديدات. المعركـة القـادمـة ستُفتح عندما تقرر إيران فتحها، الا اذا استبقت إسرائيل الإيرانيين.