Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر November 4, 2018
A A A
بعد تجريدها من الجنسية البلجيكية.. هذا ما طلبته «الأرملة السوداء»!
الكاتب: عبد الله مصطفى - الشرق الأوسط

خسرت الجنسية البلجيكية العام الماضي عقب إدانتها في ملف له صلة بالإرهاب
تقدّمت مليكة العرود المغربية الأصل الملقبة باسم «الأرملة السوداء»، بطلب للحصول على حق اللجوء في بلجيكا، بعد أن قرَّر القضاء سحب الجنسية البلجيكية منها، العام الماضي، بعد إدانتها في ملفّ له علاقة بالإرهاب، وأرادت العرود من وراء طلب اللجوء في بلجيكا أن تتفادى عملية إبعادها إلى المغرب، موطنها الأصلي، وذلك حسبما ذكرت صحيفة «لاليبر» البلجيكية اليومية على موقعها الإخباري بالإنترنت.
وأشارت وسائل إعلام في بروكسل إلى أن مليكة العرود، التي جُرّدت من جنسيتها البلجيكية، العام الماضي، موجودة حالياً في مركز مغلق تمهيداً لإبعادها إلى المغرب. وتُلقب مليكة العرود بـ«الأرملة السوداء»، وسُمِّيت بهذا الاسم لأنها ترمَّلت خلال زيجتين، بعدما قتل الزوجان اللذان ارتبطت بكل واحد منهما على التوالي خلال مواجهات مسلحة خاضاها إلى جانب تنظيم «القاعدة»، وبعد قضائها عقوبة السجن لمدة ثماني سنوات تم تجريدها من جنسيتها البلجيكية في 30 تشرين الثاني 2017، لأنها «أخلَّت بواجباتها كمواطنة بلجيكية». وحسب الإعلام البلجيكي، فإنه بعد تجريدها من الجنسية البلجيكية أصبحت العرود تحمل فقط الجنسية المغربية، وبالتالي يجب ترحيلها إلى المغرب.
وفي 11 تشرين الأول 2018، أُلقي القبض عليها في منزلها، بهدف طردها من بلجيكا، وتم نقلها إلى مركز «بروج» المغلق، ومن أجل البقاء في بلجيكا حاولت مليكة العرود طلب إجراءات عاجلة أمام مجلس التقاضي لملفات الأجانب، حيث ادعت أنها ستتعرض للتعذيب إذا تمت إعادتها إلى المغرب، كما تقدمت أيضاً بطلب اللجوء للأسباب نفسها.
ورفضت محكمة تقاضي الأجانب الإلحاح الشديد لمليكة عرود، وقالت إن المحكمة لا تستطيع النظر في شكواها أثناء انتظار طلب اللجوء. وقالت المحكمة إنها يمكنها النظر في الملف فقط إذا تم رفض هذا اللجوء، وهو أمر محتمل، وإلى ذلك الحين لا تزال محتجَزة في بروج.
ويعود النظر في ملف سحب الجنسية من العرود إلى عام 2014، واستغرق الأمر قترة طويلة بعدما لجأ الدفاع عن العروض إلى المحكمة الدستورية العليا، ولكن مع بداية شهر (كانون الأول) 2017 انتهى الأمر بقرار من محكمة الاستئناف العليا، وقال المحامي العام البلجيكي أندريه فاندورن خلال الجلسة إن العرود يجب ألا تحتفظ بالجنسية البلجيكية لأنها ظلّت على مدى سنوات طويلة تدعو إلى القتال وبشكل متواصل.
وتحدثت مليكة ومحاميها خلال الجلسة، وقال المحامي إنه منذ خروج العرود من السجن، في كانون الاول من عام 2016، ظلَّت تلتزم بالدستور والقوانين البلجيكية، ولكن المحكمة كان لها رأي آخر، وقررت سحب الجنسية البلجيكية من كريمة العرود التي تُحسَب على تنظيم القاعدة، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام البلجيكية.
وقالت صحيفة «ستاندرد» على موقعها الإلكتروني، إن العرود تُعتَبَر أيقونة التشدد في بلجيكا، حيث فقدت زوجين في السنوات الماضية؛ أولهما كان عبد الستار دحمان الذي قُتِل في عام 2001 خلال عملية انتحارية لقتل الزعيم الأفغاني السابق أحمد شاه مسعود.
وكانت العرود قد تزوَّجَت دحمان في مركز إسلامي ببلدية مولنبيك ببروكسل في عام 2000، كان يديره الشيخ بسام العياشي الذي وصفته وسائل الإعلام في بروكسل بأنه راديكالي «متشدد»، وتوجَّهت مليكة بعد ذلك، مع زوجها إلى أفغانستان في العام نفسه للعيش في ظل حكومة طالبان، وتلقى زوجها دحمان أوامر من أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» إبان ذلك، بقتل القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود في 9 أيلول 2001.
وبعد عدة سنوات تزوَّجت مليكة من جديد من التونسي معز غرسلاوي، وذهبت للعيش معه في سويسرا ونشطا معاً في المواقع المتشددة على الإنترنت، حيث كان يتم منها الإعلان عن المسؤولية عن هجمات إرهابية والترويج لأفلام تتضمن عمليات قتل لرهائن، وصدر ضدهما حكم بالحبس في سجن سويسري بسبب نشر الكراهية، وعادا بعدها إلى بلجيكا، ومارسا النشاط نفسه، وجرت محاكمتهما في بروكسل، وصدرت ضدهما عقوبة بالسجن لمدة ثماني سنوات في عام 2010، بسبب التورُّط في تجنيد الشباب للسفر والقتال في أفغانستان، وأُطلِق سراح مليكة نهاية عام 2016، بينما كان الحكم ضد غرسلاوي غيابياً، بسبب سفره إلى المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان، وأصبح واحداً من أبرز قيادات «القاعدة» هناك، بحسب جهاز الاستخبارات البلجيكي، الذي قال إن غرسلاوي قُتِل في عام 2012، خلال غارة جوية أميركية، ولكن لم يتم تأكيد مقتله بشكل حاسم حتى الآن.
وانتقلت مليكة للعيش في إحدى المدن التابعة للجزء الفلاماني من بلجيكا الناطق باللغة الهولندية، واتبعت دروساً لتعلُّم اللغة خلال هذه الفترة.
وفي الجلسة ذاتها التي نظرت فيها المحكمة في ملف مليكة العرود، نهاية العام الماضي، تقرر أيضاً سحب الجنسية من البلجيكي من أصل تونسي بلال صغير (44 عاماً)، الذي صدر ضده في عام 2008 حكم بالسجن عشر سنوات لتورطه في تسفير أعداد من المقاتلين الشباب إلى العراق، وكانت من بينهم الانتحارية البلجيكية موريل ديجاك التي قُتِلت في عام 2005، أثناء عملية انتحارية استهدفت قافلة عسكرية أميركية.
وقال الإعلام البلجيكي إن سحب الجنسية من أشخاص تورطوا في ملفات لها صلة بالإرهاب تظلّ عملية محدودة نسبياً، وفي حالات خاصة، وقد سبق سحب الجنسية من عدد من المحسوبين على مقاتلي تنظيم القاعدة، ومنهم طارق معروفي وعامور سليطي ومحمد الحدوثي ومحمد ريحا. وأخيراً سُحِبت الجنسية أيضاً من فؤاد بلقاسم مسؤول جماعة «الشريعة في بلجيكا»، التي حظرت السلطات نشاطها قبل سنوات، الموجود حالياً في أحد السجون البلجيكية، لتنفيذ عقوبة السجن في قضية تتعلَّق بتجنيد وتسفير شباب للقتال في مناطق الصراعات في سوريا والعراق، وهي اتهامات نفاها بلقاسم أثناء جلسات المحاكمة.
وفي العام الماضي، جرت الموافقة على تعديل تشريعي يُلغِي الحاجة إلى مسار قضائي طويل الأمد للنظر بشكل منفصل في قضايا سحب الجنسية، وأصبح من حق القاضي أن يُصدِر قراراً بسحب الجنسية من أي شخص يصدر ضده حكم بالسجن لمدة تزيد على خمس سنوات، في قضايا ذات صلة بالإرهاب، بعد أن تتقدم النيابة العامة بطلب للقاضي، في هذا الصدد، بحسب ما ذكر الإعلام البلجيكي.