Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 8, 2017
A A A
بري قلق من مخطط التقسيم
الكاتب: البناء

 

لبنانياً، تسير الأمور وفقاً للروزنامة التي وضعها الجيش اللبناني لمعركته لتحرير الجرود اللبنانية من قبضة داعش، ويبدو الالتفاف حول الجيش وحجم التفويض المفتوح الممنوح له فرصة لتخطي التعقيدات التي يمكن أن تعطّل حركته، فقد أكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» انّ كلّ ما يحتاجه الجيش للتحرّك بحرية وبلا تعقيدات تعيقه قد تمّ التفاهم عليه بين القيادات اللبنانية، وخصوصاً على مستوى الرئاسات الثلاث، حيث الصورة واضحة لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري بأهمية التنسيق العسكري بين الجيش اللبناني والجيش السوري والحاجة لدور حزب الله في هذه المعركة، مع تأكيد محورية وقيادة الجيش اللبناني لها، وأنّ رئيس الحكومة سعد الحريري يتفهّم ذلك ولا يمانع بأن يتصرّف الجيش، وفقاً لمقتضيات المعركة، وكما يراها. وهذا ما يفترض أن يكرّسه اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الذي ينعقد اليوم، بعدما اكتملت الاستعدادات العسكرية واللوجستية للمعركة، وبات واضحاً أنّ طريق التفاوض شبه منعدم، على الأقلّ حتى الآن.

الجيش يعزّز مواقعه بانتظار الهجوم البري
استكمل الجيش اللبناني لليوم الثالث على التوالي استراتيجية القضم للمرتفعات والمواقع الفاصلة بين نقاط انتشار الجيش وانتشار تنظيم «داعش» وبعض مراكزه في جرود القاع ورأس بعلبك واقترب الجيش أكثر من المواقع التي يسيطر عليها، وذلك لتعزيز وتثبيت مواقعه والاستطلاع بالنار مواقع العدو ونقاط قوته وانتشاره وأسلحته، قبل بدأ المعركة البرية والالتحام المباشر مع المسلحين وحاميات المواقع، حيث بات توقيت المعركة بيد الجيش ومرتبط بالميدان، بعد أن كان مرتبطاً بالقرار السياسي الذي اتخذ على أعلى المستويات وبالتوافق على إنهاء الوجود الإرهابي على الحدود، بحسب ما علمت «البناء».

وقد تكثّفت عمليات التحشيد اللوجستية الميدانية والعسكرية للجيش وشوهدت أمس، «أرتال من الشاحنات المحمّلة بالصواريخ والقذائف الثقيلة متّجهة إلى شرق وادي البقاع».

وقبيل انطلاق المعركة البرية المتوقعة في أي لحظة، لا يزال مسار التفاوض مجهولاً في ظل غياب أي إشارة تفاوضية من قبل «التنظيم»، الذي بادر أمس وفي تطوّر أمني جديد، الى اطلاق 7 صواريخ غراد، سقط 4 منها داخل القاع قرب أحد مراكز الجيش و3 داخل مشاريع القاع، ولم يُسجل وقوع اصابات، في محاولة لرفع معنويات مقاتليه المنهارة نتيجة الحصار الذي يتعرّضون له من جميع الجهات. وأعقبت عملية إطلاق الصواريخ، غارات وهمية نفذها الطيران الحربي «الاسرائيلي» في أجواء مناطق النبطية وإقليم التفاح ومرجعيون والخيام وعلى علو متوسط.

وأشارت مصادر عسكرية لـ «البناء» الى أن «إطلاق الصواريخ هو عمل استباقي من داعش للإيحاء بأنه يملك الجهوزية والاستعداد لخوض المعركة، لكن ذلك لن يغيّر في المعادلة الميدانية وهو عمل معنوي وليس فعلاً مادياً». ولفتت الى أن «صواريخ غراد التي أطلقت تستخدم في عملية الهجوم وليس الدفاع، وهي تصنّع محلياً وربما اطلاقها في هذا التوقيت، يدل على أن التنظيم مأزوم ويريد أن يأتي طلب التفاوض من الجانب اللبناني وليس منه».

وردّ الجيش على إطلاق الصواريخ بقصف مواقع «التنظيم» في جرود رأس بعلبك والقاع بالمدفعية والراجمات محققاً إصابات مباشرة.

وأوضحت قيادة الجيش في بيان أن «وحدات الجيش استهدفت براجمات الصواريخ والمدفعية مراكز تنظيم داعش الإرهابي في جرود رأس بعلبك والقاع، وذلك بعد تعرض أطراف بلدة القاع لسقوط 8 قذائف مصدرها المجموعات الإرهابية في جرود البلدة».

ثلاثة محاور بثلاث قوى
وقال مصدر عسكري لـ «البناء» إن «الجيش استكمل كل تحضيراته للمعركة المتوقعة والاستعدادات أصبحت شبه منتهية وأصبح على تماس مع تنظيم داعش»، وأشارت الى أن «المعركة ستبدأ على ثلاثة محاور ومن ثلاث قوى وفي توقيت متزامن، لأن الجبهة مشتركة ومتداخلة بين لبنان وسورية وبالتالي التنسيق واقع حكماً ولا يحتاج إلى اي قرارٍ سياسي»:

المحور الغربي: سيتولاه الجيش اللبناني وسيتقدّم الى مواقع المسلحين باتجاه الشمال للسيطرة على التلال الموازية لرأس بعلبك والفاكهة والقاع ويصبح على تماس مع المسلحين.

الثاني: يتولاه الجيش السوري وينطلق بهجومه من عسال الورد باتجاه الشرق.

الثالث: حزب الله وهو موجود على التلال الموازية لانتشار «داعش» وسيتقدم باتجاه الجنوب والشرق ويتلاقى في إحدى النقاط مع الجيش السوري. وبالتالي تكتمل عملية الإطباق على «التنظيم» من جميع الجهات، باستثناء نافذة تترك للمسلحين للانسحاب منها في حال خضعوا للتفاوض.

لكن هل فعلاً يريد تنظيم «داعش» التفاوض؟ وعلى ماذا يراهن في معركته وهو محاصَرٌ من الجهات كلها؟ وفي حال أراد التفاوض وكان يحتفظ بالعسكريين المخطوفين التسعة لديه في الجرود، فماذا ينتظر؟ وفي حال خضع للتفاوض، الى أي المناطق السورية سيذهب؟ وأين سيسلّم العسكريين؟ ومن يضمن انتقالهم إلى لبنان؟ ومن يؤمن انتقالاً آمناً للمسلحين الى الشرق السوري؟ لا سيما بعد قرب سقوط محافظة الرقة معقل الداعشيين بيد الجيش السوري، ومع وصول القوات المسلحة السورية الى مدينة السخنة، والى مشارف دير الزور الذي يُعتبر أيضاً معقلاً ثانياً لداعش؟ وهنا يشير المصدر نفسه إلى أن الضربات الصاروخية على القاع «مؤشر لرفض قيادة داعش أي تفاوض أو تسوية ما، علماً أنها سبق ورفضت التسوية التي جرت مع جبهة النصرة». ويتخوّف المصدر من أن «يكون رهان المسلحين على المخيمات في عرسال وما تحويه من احتضان وبؤر الإرهاب»، خاصة أن «تجربة النصرة ليست بعيدة».

ويشير المصدر في هذا الإطار الى أن «أي معلومات عن مصير العسكريين لم تظهر بعد، وبالتالي إن لم تظهر، فإن الجيش لن يدخل في أي مفاوضات ولن يسمح بخروج أي مسلح حيّ من أرض المعركة، وبالتالي بات المسلحون أمام خيارين: إما الاستسلام وسوقهم أسرى وإما الموت ونهاية داعش في لبنان وسقوط دولته المزعومة».

اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع
ومع تسارع التطورات الميدانية على الحدود، واقتراب عملية الحسم، دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع إلى اجتماع قبل ظهر اليوم في بعبدا، لعرض الأوضاع الأمنية في البلاد. وأكد الرئيس عون أن «الوحدة الوطنية التي تعززت في الفترة الأخيرة، حمت لبنان ومكّنته من مواجهة الارهاب بإرادة وطنية جامعة». وطمأن خلال استقباله وفداً من الانتشار اللبناني إلى أن «الأوضاع تتجه نحو الاطمئنان والخير».

.. وبري قلق من مخطط التقسيم
وعاد رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى لبنان أمس، منهياً زيارة رسمية الى إيران، وأكدت مصادر الوفد المرافق أن «المسؤولين الإيرانيين بدءاً من رئيس الجمهورية الى رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف وسواهم ممن التقاهم رئيس المجلس على هامش الاحتفال، أعربوا عن ارتياحهم للوضع اللبناني، وشجعوا بري على المضي في لعب دور على الصعيد اللبناني لجهة تعزيز الوفاق وتحصين الوحدة الوطنية، إلا أنهم التقوا مع رئيس المجلس على القلق والخوف مما يجري في المنطقة من رسم معالم جغرافية جديدة تؤدي في النتيجة إلى تقسيم المقسم وخلق كيانات جديدة. وان المسؤولين الإيرانيين أبدوا ارتياحهم لاستعادة لبنان قسماً من الجرود والأرض المحتلة في منطقة عرسال ومحيطها وتمنوا نجاح لبنان في تحرير ما تبقى من أرضه. كما أعربوا عن ثقتهم بأن المعركة التي ستستكمل في البقاع ورأس بعلبك لا بد وأن تحقق المزيد من الانتصارات».

أضافت المصادر أن القيادة الإيرانية أبدت الرغبة في تعزيز التعاون مع لبنان وحكومته أكثر وأعربت عن استعدادها لدعمه في مختلف المجالات.

وفد وزاري موسَّع إلى سورية
في سياق آخر، يزور وفد وزاري موسع سورية الأسبوع المقبل، ولفتت المصادر الى «أن زيارة الوفد منسقة مع رئيس الحكومة، إذ لا يمكن لوزير أن يقوم بزيارة الى أي دولة من دون موافقة رئيس مجلس الوزراء، وبالتالي الزيارة منسّقة ولن تسبّب أي انقسام حكومي في الجلسة المقبلة»، ولفتت الى أن «الزيارة والملفات التي سيبحثها الوفد محصورة بالشق الاقتصادي وفي إطار جهود اعادة إعمار سورية ولن تتطرّق الى الملفات السياسية»، وأوضحت أن «مجلس الوزراء سيقرّر في جلسته الأربعاء الوزراء الذين سيكونون في عداد الوفد»، لكن تأكدت «مشاركة وزير الصناعة حسين الحاج حسن».