Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر July 2, 2017
A A A
برسم حكومة إستعادة الثقة
الكاتب: د. عامر مشموشي - اللواء

مشكلة السلاح المتفلت، تحوّلت إلى قضية رأي عام بعدما اعترفت حكومة استعادة الثقة بعجزها التام عن وضع حدّ لهذا السلاح لأن هناك جهات سياسية لا تكتفي بعدم رفع الغطاء عن أصحابه، بل تغطيه وتحميه أيضاً وليست الضحايا التي سقطت في هذا السلاح، وليس آخرها الرجل الثمانيني المقعد في منطقة بعلبك سوى أسطع دليل على عجز الدولة عن التصدّي لهذه الظاهرة المتفشية في كل الأراضي اللبنانية.

سمعنا بالأمس القريب وزير الداخلية المسؤول الأول عن حماية أمن المواطنين يتحدث بعد اجتماع مطوّل مع رئيس الجمهورية عن إجراءات مشددة سوف يتخذها لوضع حدّ لهذه الحالة الشاذة في الوقت الذي كان الرصاص القاتل يغطي السماء احتفاءً بفوز الطلاب بشهادة التكميلية وكان اللبنانيون استمعوا إليه في السابق يقترح على الحكومة إعادة العمل بقانون إعدام القاتل كونه من وجهة نظره الحل الأنسب والوحيد لوقف هذا التفلت في السلاح بين أيدي اللبنانيين غير أن مجلس الوزراء إرتأى بعد مناقشته لاقتراح الوزير المسؤول الأول عن أمن المواطن، عدم الأخذ باقتراحه حرصاً علی سمعة لبنان بين الدول المتقدمة التي أقدمت على إلغاء عقوبة الإعدام كونها تتنافى مع الإنسانية ومع حقوق الإنسان، وقد يكون مجلس الوزراء على حق في ذلك استناداً إلى تجربة لبنان في هذا الأمر والتي أثبتت عدم جدواها في ظل استمرار تفلت السلاح في يد معظم اللبنانيين الذين يتمتعون بغطاء سياسي واسع يحول دون محاسبتهم على ما يقدمون عليه من قوى تعتبر نفسها أكبر من الدولة وتتمتع بامتياز استقدام السلاح بكل انواعه واشكاله وتوزيعه على المحازبين والأنصار والاتباع والأزلام، من دون أن تعطي أي اعتبار للدولة ولكن أجهزتها الأمنية المنوط بها أساساً تطبيق منع وجود السلاح الا بيد عناصرها المكلفين بحماية أمن المواطن اللبناني، وقمع كل من يخالف هذا الأمر باستخدام القوة.

بعد تصرح وزير الداخلية بضرورة إعادة العمل بقانون اعدام القاتل هلل اللبنانيون وطالبوا الحكومة بالاستجابة لاقتراحه، لكن فريقاً كبيراً من هؤلاء يعرف ان إعادة العمل بهذا القانون قد يكون له مفاعيل إيجابية على صعيد الحد نسبياً من تفلت السلاح، ومن سقوط الضحايا بشكل يومي كما هو واقع الحال لكنه لا يمنع بشكل قاطع من وقوع جرائم قتل الأبرياء ما دامت الحكومة لا تستطيع أن تجمع السلاح من يد المواطنين بشكل قاطع طالما أن هناك جهات تتجاهر بحمل السلاح باستقدامه على عينك يا تاجر، كما يقول المثل الدارج بحجة حماية نفسها متجاوزة حقوق الدولة في أن يكون السلاح بين يديها بشكل حصري ويكون جميع اللبنانيين متساوين في منع حمل أي نوع من السلاح والتجول به، واستخدامه للقتل المتعمد انتقاماً أو لأي سبب آخر، فالمطلوب إذن لإنهاء هذه الظاهرة، جمع السلاح من جميع المواطنين من دون أية استثناءات، وحصره بيد القوى الأمنية المولجة بحماية أمن المواطن ومنع التعدي عليه كما هو واقع الحال ومع إعادة العمل بقانون الإعلام لأنه عندئذ يصبح رادعاً لأي مواطن يقدم على ارتكابه جريمة القتل المتعمد على أن تبدأ السلطة المسؤولة بوقف رخص حمل السلاح، وحسنا فعل وزير الدفاع باقدامه على هذه الخطوة على أمل منه ان تشكّل حافزاً للتخفيف من التفلت الأمني ومن سقوط ضحايا هذا التفلت، لكن الأمر يبدو حتى الآن ليس وارداً عند السلطة التي ما زالت تكتفي بالحديث عن التشدّد في معاقبة مرتكبي جرائم القتل، ولم تعلن حتى الآن عن أية خطة وضعتها للقضاء بشكل نهائي على هذه الظاهرة التي أصبحت غريبة عن كل المجتمعات المتحضرة نتيجة الإجراءات الشاملة والرادعة التي اتخذتها دول وسلطات هذه المجتمعات.