Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر June 12, 2022
A A A
بالصور: قداس في اهدن في ذكرى ١٣ حزيران
الكاتب: موقع المرده

أحيت اهدن ومنطقة زغرتا الذكرى الـ ٤٤ لمجزرة اهدن، التي ذهب ضحيتها الوزير والنائب الشهيد طوني فرنجيه وزوجته فيرا قرداحي وطفلتهما جيهان و٢٨ من أبناء المنطقة، حيث غصت باحة قصر الرئيس الراحل سليمان فرنجيه في اهدن بالوفود والشخصيات المعزية، يتقدمها وزراء ونواب حاليون وسابقون، فاعليات سياسية واجتماعية وتربوية وامنية ودينية، رؤساء اتحادات بلدية وبلديات ومخاتير، وحشود من الاهالي.

وقد استقبل المعزين رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه وزوجته السيدة ريما، يحيط به نجلاه النائب طوني وزوجته السيدة لين وباسل وزوجته السيدة ماريان، ووزراء “المرده ” الحاليين والسابقين الى نقيبة المحامين في الشمال السيدة ماري تيريز القوال رئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني خير ورئيس بلدية زغرتا اهدن انطونيو فرنجيه وكوادر المرده.
وقد شارك معزياً الوزراء زياد المكاري، جوني القرم وجورج بوشيكيان ومثل الوزير علي حميه مدير عام النقل البري والبحري محمد تامر.
كما شارك النواب جهاد الصمد، ميشال المر، ووليد البعريني وممثل النائب ويليام طوق السيد طوني الشدياق.
وشارك النائبان السابقان اسطفان الدويهي وسليم سعادة الى حشد من الشخصيات.

ترأس القداس المونسنيور اسطفان فرنجيه الذي القى عظة جاء فيها:”بعدَ إنقطَاعٍ سَبَبتْهُ أزمةُ إنتشارِ وَباءِ كُورونَا، هَا نَحنُ نعودُ اليومَ للإحتفالِ بِذكرَى الثَّالِثِ عَشَر مِن حزَيران، ذِكرى مجزَرَةِ إِهدن الَّتي راحَ ضَحيَّتَها النَّائِب طُوني فرَنجيّه وَزَوجَتِهِ فِيرَّا وِطِفلتِهِمَا جيهان وَمَجموعَةً مِن أبناءِ إهدِنْ الأبرياء، سَقَطوا شُهداءً على مَذبَحِ الوطنْ.
هذا الوَطَنُ قَد صُبِغَت تُربَتُهُ بالأحمَرِ في إِهدِن فَجرَ الثَّالِثِ عَشَر مِنْ حُزَيران 1978 وَعَمَّقَتِ الجُرحَ المَسيحيّ واللُّبنانيّ، الّذي لَم وَلَنْ يُشْفَى إلَّا بإنتِصَارِ قَضِيَّتِهِمْ، أي إِنْتِصارِ الوَطَنِ عَلَى مِحَنِهِ، وانتصَارِ المَحبَّةِ على البُغضِ والسَّلامِ على كُلِّ أنواعِ الحُروبِ وانتصارِ الوطَنِ الواحِدِ على الأَوطانِ، والإنفِتَاحِ على الإنغلاقِ والوحدَةِ على التَّقسيمِ.
إنَّ الكنيسةَ ليسَتْ مُؤسَّسَةً جَامِدَةً مُسْتَقِرَّةً بَل تَبْقى في حَالَةِ حَجٍّ مُستَمِرٍّ أي فِي حَالَةِ بَحثٍ وَتَجَدُّدٍ في طَريقِهَا إلى هدفٍ مُحَدَّدٍ هُوَ الوُصولِ إلى المَلكوتِ أيّ إلى الكَمالِ في الحُبِّ والإتِّحادِ باللهِ. وَعندَمَا يَضيعُ الهَدَفُ يَضيعُ كُلُّ شَيءٍ وَتَبقَى المَسيحيَّةُ مُجَرَّدُ أطلالٍ نَتَغنَّى بَماضيهَا وَيضيعُ المسيحيونَ في السَّطحيَّةِ والإنعزالِ والخَوفِ مِنَ الآخرِ ويَغرقونَ في أوحالِ هذا العالَمِ وَيفقدُونَ رِسالتَهُمْ في الشَّهادَةِ لِلمَحَبَّةِ وَيُصبِحونَ كَالمِلحِ الَّذي فَقَدَ مُلُوحَتَهُ.

لَقَد وَصَفَ البَابَا القِدِّيس يُوحَنَّا بُولُس الثَّاني فِي الإرشادِ الرَّسوليِّ “رَجاء جديد لِلُبنان” وَاقِعَ المَسيحيينَ في لُبنانَ في ذَلِكَ الوَقتِ قَائِلًا: “إنَّ كَنيسَة لُبنانَ […]، إِمْتُحِنَتْ بِنَوعٍ خاصٍّ إمتحاناً ذَريعاً في ضَميرِهَا. فَقَدْ شاهدَتْ بعضَ أبنائِهَا يُقتلون ويَقتُلون ويَتَقاتلون. وَهيَ لا تَزالُ تُعاني مِنْ نِزاعاتِهِمْ المُتَوَقِّدَةَ دائِماً …”.
وَكَمْ أشبهَ اليومَ بالأمسِ!
النِّزاعاتُ مُستَمِرَّةٌ وَالتَّقاتُل مُستَمِرٌّ وَإنْ تَغَيَّرَت الأشكالُ والأساليب وَلكِنَّ الجَهلَ واحِدٌ والحقدُ واحِدٌ.
بعدَ خمسةَ وعشرين عاماً مِن زِيارةِ البابا القدّيس وَتوقِيعِهِ الإرشادَ الرَّسوليّ أينَ أصبحَ الوَطنُ – الرِّسالة؟ هَل مَنْ يَجرؤ على القِيامِ بِتَقييمٍ ذاتيٍّ وَجماعيٍّ؟ هل تَساءلنَا أينَ كانَ المسيحيونَ مُنذ ثلاثينَ سنةٍ وأينَ أصبحوا؟ وأينَ سَيُصبِحون إذا استَمَرَّينَا بالنَّهجِ ذاتِه؟
هل تساءَلنَا أمامَ الرَّبِّ عن أمانَتِنَا للإنجيلِ وَعَنْ إِلتِزامِنَا الفِعليِّ في اتِّبَاعِ يسوع ؟

إنَّ الإختبارات الَّتي عِشنَاهَا وَنَعيشُهَا مُنذُ سَنَواتٍ تُؤَكِّدُ لَنَا التَّالي:

1- لَقَد استَبْدَلَ البَعضُ السِّلاحَ الَّذي يَقتُل الجَسَدْ بِسِلاحٍ أخطرَ يَقتُلُ النَّفسَ وَالجسَدَ معاً وَهوُ سلاحُ النَّميمَةِ وَالإفتراءِ وإلقاءِ الإتِّهاماتِ بالخِيانَةِ والقَتلِ الجَماعيِّ والفَرديِّ وتعميمِ الإتِّهاماتِ بِالفسادِ، دون السُّؤالِ عَن العواقِبِ ودونَ الشُّعورِ بأيِّ ذَنبٍ أو مسؤوليَّةٍ ضميريَّةٍ وَوَطنيَّةٍ.

2- لَقَدْ إِستَبْدَلَ البعضُ الكَلِمَةَ الَّتي تَجمعُ بِتبادُلِ الشَّتائِمِ وَالكلامِ الجارِحِ الَّذي يُعَزِّزُ التَّفرِقَةَ وَيُنَمّي الأحقادَ والكَراهيَّة.

3- لقَدْ إستَبْدَلَ البَعض سياسَةَ تَطهيرِ الذّاكرات والضَّمائِرِ بسِياسَةِ نَكشِ القُبورِ واسترجَاعِ المَاضي .

4- لقد إِستبدَلَ البعض تعبئَةَ النَّاسِ بِمَحَبَّةِ الوَطَنِ وعَيشِ القِيَمِ الإنسانيَّةِ وَالرّوحيَّةِ بتعبئةِ النَّاسِ ضِدَّ بعضِهِم البَعض.

5- لقد إِستبدَلَ البعض السَّعيَ إلى السلام بالسّعي إلى إشعالِ الحُروبِ في الدَّاخلِ وفي الخَارِجِ، وَفي كُلِّ الإتجاهاتِ مَع العِلمِ أنَّ رِسالتَنَا كَمسيحيين هِيَ بِناء الجُسور ودَفنِ الأحقَادِ وَتعزيزِ مَنطِقِ المُصالحَةِ وتَفَهُّمِ الآخرِ وَهواجِسهِ.

6- لقد تَقَلَّدَ البعضُ سلاحَ الكَلِمَةِ الهَدَّامَةِ الّتي تُحرِّضُ وَتهدِمُ بَدَلًا مِنْ تَقَلُّدِ سِلاحِ الكلمَةِ المَسؤولَةِ الّتي تَبني السَّلامَ والعدالَةَ.

7- لَقد نسيْنَا أو تَناسَينَا الأعداءَ الخارجيين – وَفي مُقَدِّمتِهِم العَدوَّ الصُّهيونيَّ – الّذين يُريدونَ تحقيقَ مَصالِحَهُم على حِسابِ لُبنانَ والتهينَا بِمُعاداةِ بَعضِنَا بَعضًا.

8- لقد استبدلنا العمَلَ على الخُروجِ مِن الأزمَةِ الإقتصاديّة الَّتي يَغرَقُ فيها الوَطن والإهتمامِ بِخُبزِ النّاسِ وَدوائِهِم ومُؤسَّسَاتِهِم الّتي تَنهارُ الواحدة تِلوى الأخرى واستبدَلنَا مُعالجَةَ هُمومِ القُضاةِ والمُحامينَ والعَسكريينَ والإعلاميينَ والمُعلمينَ والأطباء والممرضينَ والمُعوقينَ والمُوظَّفينَ وَغيرَهُم مِن أبناءِ وبناتِ شعبِنَا الطَّيِّبِ بِمعارِكَ إفتراضيّةٍ ووَهميَّةٍ وشعاراتٍ رنَّانَةٍ وَمعارِكَ لا وقتَ لَهَا الآن إنَّمَا الأولويَّة للتعاضُدِ والتَّضامُنِ واحترامِ بعضِنَا بعضًا وَوَقفِ تَبادُلِ الإتِّهاماتِ وإيجادِ الحُلولِ لِدَعمِ صُمودِ النَّاس.
9- لَقَد استَبدَلَ البَعض مِنَّا وَطَنَهُ بأوطانٍ أُخرى واعتبروهُ فُندُقًا عِندَمَا ساءَت خِدمَتُهُ استبدلوهُ وَنَكروهُ وشتموهُ ونَسَوا أفضالَهُ والخيراتِ الّتي جَنَوهَا مِنهُ. إنَّ الوَطنَ كالأُمِّ او الأبِ لَو شاخَ أو ضرَبَتْهُ الأمراضَ يبقى الأبُ أو الأمُّ اللذين ضَحَّيا بِحياتِهِمَا مِنْ أجلِنَا. إنَّها أزمةُ الوفاءِ في هذا البلدِ ومعَ الرّئيسِ الأميريكيّ الرّاحلِ جون كنيدي نقولُ :” لا تسأل عمَّا يُمكنْ لوَطَنِكَ أنْ يَفعَلَهُ لكَ، إسأل ما يُمكِنُكَ القيامَ بِهِ لِوَطَنِكَ.” ومع الأخوين رحباني ومع السيدة فيروز سَيبقَى كُلُّ شريفٍ ووفيٍ يُرَدِّدُ ” بحبك يا لبنان يا وطني … بفقرك بحبك وبعزك بحبك …كيف ما كنت بحبك بجنونك بحبك… وحبي من ترابك بكنوز الدني وبحبك يا لبنان يا وطني”
في الخُلاصَةِ، لا بُدَّ مِن صَحوةِ ضَميرٍ شامِلَةٍ فلَا سبيلَ لِلخلاصِ مِن مَا نَعيشهُ مِن أزماتٍ في لُبنانَ إلَّا بِعودَةِ الجميعِ وخُصوصًا العاملينَ بالسِّياسَةِ إلى العملِ مِنْ أجلِ مَصلحَةِ الوطنِ واحترامِ الإستحقاقاتِ الدّستوريَّةِ والأعرافِ الوطنيَّة ِوأخذِ القراراتِ الضَّروريَّةِ بِكُلِّ مسؤوليَّةٍ وصِدقٍ مع الذّاتِ ومعَ الآخرين، مُبتَعدين عَنْ القراراتِ والخِطابَاتِ الشَّعبويَّةِ وَالتَّمَلُّقِ والتَّقلُبَاتِ الدرَاماتيكيَّةِ وَالسَّريعَةِ في المَواقِفِ والتّحالُفَاتِ وَالتَّحريضِ الإعلاميِّ لأنَّ كُلّ ذلِكَ قَد أفقَدَ ثِقةَ واحترامَ النَّاس للسياسيينَ وشوَّهَ صُورَتَهُمْ.

وفي الخِتامِ أُصلَّي مَعَكُم على نِيَّةِ رئيسِ تَيَّارِ المَرده صِاحِبَ المعالي الوزير سليمان فرنجيه، حَامِلَ الأمانَةِ بِثِقَةٍ ومسؤوليَّةٍ، سائِلًا اللهَ أن يَزيدَهُ حِكْمَةً وَتَعَقُّلًا في زَمَنِ الجُنونِ هَذا، في زمَنِ قَلَّ الصِّدقُ والنُّبلُ والثًّباتُ على المبادئِ في الأمورِ السّياسيَّةِ والوطنيَّةِ، هُوَ الّذي سَلكَ مُنذُ شبابِهِ دَربَ التَّصالُحِ معَ الذّاتِ ومَعَ الآخرينَ ودَافعَ عَن المَظلومينَ ، وَمَشَا دُروبَ المُصالحَةِ والغُفرانِ بِشهامَةٍ وشجاعةِ وَدونَ مُقابِل، وَمِنْ مَوقِعِ القُوَّةِ لا الضُعفِ، وإنطلاقًا مِن إيمانِهِ المَسيحيِّ والتزامِهِ الوطنيِّ، وَكانَ يُردِّدُ وَمُنذُ سنواتٍ طِوال أَنَّهُ مَا مِن أحدٍ يُمكِنُهُ أنْ يَجنيَ شيئاً مِنَ الحربِ. الجميع يخرجونَ مِنهَا مُصابينَ وَضُعفاءَ إِنْ خَرجوا أحياءْ. وَقَد رَدَّدَ مِراراً أنَّهُ لا يُريدُ توريثَ الحِقدِ لأبنائِهِ وَلِمُناصيريهِ وَدَعَا لإختصارِ طريقِ الآلامِ على اللُّبنانيينَ مِن خِلالِ بِناءِ التَّفاهُماتِ وَمَدِّ الجُسورِ وعَدَمِ تَضييعِ الفُرَصِ لإنقاذِ الوطنِ والتَّعامُلِ بِواقعيَّةٍ مَعَ الأوضاعِ الإقليميَّةِ والدوليَّةِ والبِناءِ على القواسِمِ المُشتَرَكَةِ بينَ اللُّبنانِيينَ لا التَّركيز على الخِلافات الَّتي لَيستْ بِيَدِنَا في أكثرِ الإوقات.
وَنُصلّي معكَ يا صَاحِبَ المَعالي وَمَع نَجلِكَ النَّائب طوني فرنجيه السَّائِر إلى جَانِبِكَ وعَلى خُطاكَ بِثِقَةٍ عاليَةٍ بالنَّفسِ وَجُرأةٍ وَصِدقٍ وَقُدرَةٍ على بِناءِ التَّفاهُماتِ بِحكمَةٍ وصبرٍ وَنُصلّي مَعَ جميعِ المُشاركينَ مَعَنَا في هَذه الذَّبيحةِ الإلهيَّةِ مِن أجلِ لُبنان الجريحَ الّذي استشهدَ مِنْ أجلِهِ الشُّهداءَ الأبرار.

فالرَّحمَةُ والخُلودُ لِجَميعِ شُهداءِ هَذا الوطنِ وعَلى رأسِهِمِ الشَّهيد طُوني فرنجيه وَنذُكُرُ أيضًا مَن نَفتَقِدُهُ في هذه المُناسَبَةِ المرحوم روبير فرنجيه ووالداه المغفورُ لهم الرَّئيس سُليمان فرنجيه وزوجته السيدة إيريس وشقيقته ماي وجميع موتاهم”.