Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر September 4, 2018
A A A
بالصور: بلدة لا وجود فيها لأبواب.. والسبب أسطورة تعود إلى 300 عامٍ!
الكاتب: سيريا تشاترجي - بي بي سي
_103281599_331b3758-c180-407d-bde5-286c653c953e _103280899_81431d88-e3b5-4293-a8e3-e5749136acc5 _103280901_c87d2149-5688-4d4b-9a74-716817c42c91
<
>

لا يزال سكان بلدة “شاني شينغنابور” الهندية يحافظون على تقليد قديم يتمثل في عدم تركيب أبواب لمنازلهم، وجعلها مفتوحة على مصراعيها أمام الجيران وزوار المنطقة من الحجاج الهندوس.
تمتد البلدة على مساحة لا يزيد نصف قطر دائرتها على كيلومترٍ واحد، بمدينة أحمدناغار في ولاية ماهاراشترا.
وتستقبل هذه القرية الصغيرة، التي لا يتجاوز عدد منازل سكانها نحو المئتين، حشوداً من الحجاج الهندوس الذين يتدفقون عليها لأداء صلواتهم للإله الهندوسي شاني.
هناك ستجد أحد أكثر المعابد في الهند تبجيلاً لهذا الإله، الذي يضع سكان البلدة ثقتهم الكاملة فيه باعتباره حامياً لهم. وقرر هؤلاء، بسبب أسطورةٍ تعود إلى 300 عامٍ تقريباً، عدم تركيب أبواب لأيٍ من منازلهم.
ولا يقتصر ذلك على البيوت فحسب، وإنما يمتد إلى كل المباني الخدمية في “شاني شينغنابور” تقريباً؛ من الفنادق إلى مركز الشرطة، وحتى المصرف. ولذا لن تجد هناك محلاً واحداً يبيعك أقفالاً أو مفاتيح.
أمرٌ نادرٌ في عالمنا اليوم
يتمثل المزار الخاص بالإله شاني الموجود في البلدة في حجر ضخم أسود اللون، يبلغ طوله 1.5 متر، موضوع على منصة بدون غطاء من أي نوع.
ويتدفق زيت الخردل طوال الوقت من حاوية مُعلقةٍ فوق المزار، ليستحم “المعبود” بذاك السائل الذي يرمز للتفاني الذي يكرسه له المؤمنون به. ولا يغلق المعبد أبوابه على الإطلاق، إذ يظل مفتوحاً ليلاً ونهاراً على مدار السنة.
ورغم أن هذا المعبد – كثيف الزوار – يمثل مزارا متواضعا، فإنه يُدار حالياً من جانب وقفٍ يتلقى تبرعاتٍ ماليةً كبيرةً من الحجاج والهندوس المخلصين.
وبمرور الوقت، ذاعت شهرة هذه البلدة، وترسخ إيمان سكانها بعقيدتهم. ويعيش هؤلاء في مساكن بسيطة وعمليةٍ، تُتْرَك أبوابها مفتوحةً خلال فصول السنة، دون أن تجد فيها سوى إطارات الأبواب فحسب عند المداخل.
وبينما توفر الستائر نوعا من الخصوصية، يُستخدم نوع من الخشب الرقيق في بعض الأحيان لحماية النصف السفلي من المدخل، للحيلولة دون دخول الحيوانات الضالة إلى المنازل.
اللافت أن السكان يمارسون أعمالهم اليومية دون شعورٍ بالقلق إزاء مسألة تأمين منازلهم أو ممتلكاتهم. ويبلغ إيمانهم الراسخ بالإله الهندوسي حد إقدامهم على السفر خارج القرية لأيامٍ، دون أن يطلبوا من الجيران التحلي باليقظة حتى لا تتعرض منازلهم للسرقة.
ويقول ديانيسوار كودالكر الذي يدير بيت ضيافة مخصصاً للحجاج الزائرين للقرية: “إذا كان هناك شخصٌ مخادعٌ أو يحاول السرقة في البلدة، فإنه لن يستطيع الفرار مما سينزله به الإله شاني من ألوان العقاب، وسيتحمل عواقب أفعاله”.
ويضيف كودالكر بالقول: “عندما ننعم بالحماية إلى هذه الدرجة، لا داع للقلق بشأن اتخاذ ترتيباتٍ للسلامة والأمن. هناك حالاتٌ شهدت تركيب البعض أبواباً أو مزاليج في منازلهم، وقد عانى هؤلاء من الحظ السيء أو وقعت لهم حوادث، أو تكبدوا خسائر في أنشطتهم التجارية”.
أسطورة الإله شاني
يُعتقد أن الإله شاني تجسيدٌ لكوكب زحل، وهو يحظى بتبجيلٍ من جانب عددٍ لا حصر له من المؤمنين به، الذين يقصدون هذه البلدة قادمين من مختلف أنحاء الهند لأداء صلواتهم لأجله.
بمرور السنوات، أصبحت هذه البلدة مقصداً ذات شعبية متنامية للحجاج الهندوس
وبحسب اعتقاد سائد في هذه المنطقة، رأى بعض الرعاة في القرن السابع عشر حجراً ضخماً أسود اللون، يطفو على سطح مجرى مائيٍ يمر عبر بلدة شينغنابور. وبحسب الأسطورة، عندما انتشل هؤلاء الرعاة الحجر ودفعوه بعصا، بدأت الدماء في التدفق منه على الفور، ما حدا بالسكان للاحتشاد لرؤية هذا المشهد.
وفي تلك الليلة، رأى أحد الرعاة في منامه الإله شاني وهو يقول له إن هذا الحجر هو تجسيدٌ له وممثل عنه. وعندما سعى الراعي – خلال الحلم – للحصول على إذنٍ من الإله الهندوسي لتشييد معبدٍ مُكرسٍ له، قال له شاني إنه لا يحتاج لسقفٍ فوق رأسه لأن “السماء كلها سقفه”.
ثم طلب الإله شاني من الراعي التعبد له يومياً، وأكد له أن القرية لن تعاني بعد الآن من خطر السرقة بأي شكلٍ من الأشكال. وفي تلك الآونة أُعيد تسمية البلدة لتصبح “شاني شينغنابور”.
وتقول ربة منزلٍ تُدعى أوجولا بوهوشاهِب دانغي: “هذه قريةٌ صغيرةٌ يعرف كل واحدٍ فيها الآخرين. هناك قدرٌ هائلٌ من الثقة بين أفراد المجتمع وبعضهم بعضاً، وهم يمدون يد العون لبعضهم في أحرج الأوقات. في الآونة الأخيرة، انتقل بعض الغرباء عن البلدة ممن أقاموا أكشاكاً قرب المعبد، للإقامة في القرية. لكنهم تبنوا بدورهم تقاليد (المنطقة) وثقافتها القائمة، من صميم قلوبهم وبشدة”.