Beirut weather 19.1 ° C
تاريخ النشر January 30, 2018
A A A
باسيل لم ينجح في “تقمّص” بشير
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

اشتباك “أمل” و”التيار” قنبلة متدحرجة… باسيل لم ينجح في “تقمّص” بشير
*

لو أراد الرئيس نبيه بري القيام بحملات انتخابية شعبيه واسعة قبيل الاستحقاق في أيار المقبل، لما أتت ثمارها أكثر من حالة شد عصب قواعد حركة أمل بعد العبارات القاسية التي اطلقها الوزير جبران باسيل في حق رئيسها. وكان رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري قد دخل على خط الازمة بهدف تبريدها، وزار قصر بعبدا مرتين بعيدا من الاعلام، اضافة الى محطته أمس، وهو لم يرض بما أدلى به باسيل في حق رئيس المجلس، إلا أنه لم يلمس لدى رئاسة الجمهورية الاهتمام المطلوب لاحتواء الأزمة والسرعة الضرورية لطي هذا الملف الساخن قبل اتساع شراراته الى المناطق.

وعلى الرغم من كل ما حصل، لم يقدم عون على الاتصال ببري بغية ترطيب الاجواء ودفع باسيل الى التحلي بالجرأة الأدبية للاعتذار من اللبنانيين اولاً ومن رئيس المجلس ثانية.

ويروي مرجع -غير شيعي- كانت له محطات طويلة مع الرئيس الراحل بشير الجميل انه على الرغم من جولاته الحربية والقتالية مع شخصيات لبنانية وفلسطينية، كان يتحدث خلالها في حلقات مغلقة باللغة العامية، لم يتناول يوماً اياً من خصومه بالمسائل الشخصية، بل حافظ على اقتناعاته ومبادئه حيال من لا يلتقي معهم، الى آخر يوم في حياته. ويزيد المصدر على ذلك أن باسيل يحاول اليوم، في عز انهماكه بالانتخابات النيابية، ان يتقمص شخصية بشير في البيئة المسيحية، “وهو غير قادر على تنفيذ هذا الدور لأنه ليس من قماشة بشير الذي بقي محافظا على اخلاقيات عالية حيال الآخر”. وثمة من يسجل هنا لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الامر نفسه، ولا سيما عند تناوله شخصية لا يلتقي معها، وهي في حجم السيد حسن نصرالله.

وكان من أول ترددات قنبلة باسيل التأثير السلبي على مؤتمر ابيدجان الذي لم تكن تنقصه الا القنبلة الأخيرة، ولا سيما ان الفئة الكبرى من الوجوه الاغترابية من ابناء الجالية أعلنت مقاطعتها، اضافة الى إعلان شخصيات عاجية كبيرة عدم حضورها، وهذا ما أبلغته الى السفارة اللبنانية في ابيدجان.

وصدرت اصوات عدة دعت الى الاسراع في تأجيل المؤتمر الى موعد لاحق، باعتبار أن إبقاءه في موعده سيزيد الامور توتراً، ولا سيما بعد الكلام الاخير لباسيل، ولن يساهم في اعادة اللحمة بين المغتربين ولا بين المقيمين في الداخل الذي يتحضرون لانتخابات النيابية. وان الحفاظ على السلم الاهلي في رأي متابعين لا يقل أهمية عن إتمام الاستحقاق الانتخابي، فما النفع الذي سيكسبه اللبنانيون إذا اشتعلت الفتنة بين الشيعة وجزء من المسيحيين؟

وتجاوزت الازمة المفتوحة والاخيرة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل حدود القواعد الديبلوماسية، وتفلتت من قواعد الآداب السياسية بفعل سقطة وزير الخارجية وانعكاس هذا الأمر على انعدام الثقة بين قيادتي الطرفين وجمهورهما، ليصبح مؤتمر الطاقة الاغترابية في ابيدجان أولى الضحايا بسسب الانقسامات في الداخل التي سرعان ما تم تصديرها الى الخارج، بحيث صار انعقاد المؤتمر مهدداً، ولا سيما ان رجال الاعمال الشيعة، اضافة الى أعداد كبيرة من افراد الجالية في هذه الدولة وبلدان افريقية أخرى تشكل العصب الاغترابي فيها، أبلغت الدوائر المعنية في السفارة ووزارة الخارجية عدم مشاركتها في مؤتمر “لن يساهم في جمع المغتربين، بل يعمل على تفتيتهم”. وصدر بيان لافت في هذا الصدد من غرفة التجارة والصناعة اللبنانية في ساحل العاج التي أعلنت فيه انسحابها من المؤتمر.

ومنذ بداية وقوع شرارة ازمة مرسوم ترقية ضباط دورة 1994، ثمة من سارع الى تحذير قياديين في حزب الله من خطورة ما ستصل اليه الامور جراء كرة النار المتدحرجة بين قواعد حركة أمل والتيار الوطني الحر، باعتبار أن الوضع وصل الى انحدار غير مسبوق، نسف كل ما تم التوصل اليه من وقف للاشتباك الاعلامي بين تلفزيوني الطرفين.

لا مفر من الانتخابات
وثمة من يشبه الوضع الناشئ في البلد بجولات القتال في اعوام الحرب. واذا لم تهدد موعد اجراء الانتخابات النيابية، فهي في أبسط الحالات قد تؤدي الى اجراء الاستحقاق وسط ظروف غير مؤاتية في المناخ الانتخابي الذي يهدد الانتخابات. وتؤكد مصادر قيادية في حركة أمل ان لا مفر من اجراء الانتخابات في موعدها، وان من يعمل على تطييرها لن يحصد الا الريح، ومن يظن أنه يخدم المسيحيين عبر هذا النوع من السياسات لن يساهم إلا في افتعال الازمات بين اللبنانيين، وان الشريحة الكبرى منهم لا توافق على الادبيات التي يعتمدها باسيل.