Beirut weather 17.43 ° C
تاريخ النشر July 1, 2024
A A A
بارولين يغادر خائباً.. قلبنا على الموارنة وقلبهم على الحجر!
الكاتب: عبدالكافي الصمد

كتب عبدالكافي الصمد في “سفير الشمال”

لم ينجح الموفد البابوي أمين سرّ الفاتيكان بيترو بارولين، خلال الأيّام الأربعة التي أمضاها في لبنان، بتذليل العقبات التي تعترض إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وإزالة الخلافات بين أركان الطائفة المارونية، إذ غادر بعدما لم يفلح ليس فقط في إقناعهم في أن انتخاب رئيس جديد، أيّاً يكن هذا الرئيس، أفضل من الفراغ، إنّما فشل أيضاً في جمع أقطابهم الأربعة في لقاء برعايته، ولو شكليّاً.

ومع أنّ زيارة بارولين إلى لبنان كانت لهدف رعوي، غير أنّ السياسة كانت حاضرة فيها بقوة، لا بل إنّ تقارير أشارت إلى أنّ الزيارة جاءت بدفع وإيعاز مباشر من البابا نفسه، وأنّ مجيء بارولين إلى لبنان لرعاية إحتفال تقيمه منظمة فرسان مالطا كان سبباً ظاهراً وتبريراً للزيارة التي كان هدفها بذل جهد لإقناع أقطاب الموارنة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وإنهاء الفراغ في قصر بعبدا سبباً مباشرا للزيارة، بعدما وصلت إلى دوائر الفاتيكان تقارير وُضعت على الطاولة تشير بوضوح إلى خوف وقلق جدّيين على مصير ومستقبل المسيحيين والموارنة في لبنان خصوصاً والشّرق عموماً، في ضوء التطوّرات والمتغيّرات الهائلة في العالم والمنطقة.

مغادرة بارولين لبنان خائباً ومستاءً يعود إلى جملة عوامل كانت حصيلة الأيّام الأربعة التي أمضاها في لبنان: أولاً عدم قدرته على جمع قادة الرباعي الماروني (التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية والكتائب والمردة) في بكركي تحت عباءة البطريرك الماروني بشارة الراعي؛ ثانياً عدم نجاحه في عقد لقاء ثنائي بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيّار الوطني الحر النائب جبران باسيل؛ ثالثاً عدم لقائه جعجع ما ترك أسئلة ورسم علامات إستفهام حول الأسباب والمبرّرات؛ ورابعاً عدم نجاحه في ردم الهوة بين البطريرك الراعي والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي قاطع لقاء بكركي إحتجاجاً على وصف الراعي المقاومة بـ”الإرهاب”، من غير أن يستدرك الراعي موقفه ويلملم تداعياته.

كلّ ذلك دفع بارولين إلى مغادرة لبنان مستاءً، وعلى نحو رئيسي من تعاطي القادة الموارنة مع الأزمة الرئاسية، فلم يملك قبل مغادرته لبنان إلّا أن يترك إرشاداً رسولياً للقيادات المسيحية بأن “يكونوا إلى الطاولة لا عليها”، أيّ أن يكونوا شركاء في إدارة الوطن مع شركائهم في الوطن من مختلف الطوائف، لا أن يتحوّلوا إلى كعكة يتقاسمها من يجلسون حول الطاولة من قوى محلية وإقليمية ودولية.

فهل نجح بارولين في إيصال رسالة الفاتيكان إلى أقطاب الطائفية المارونية ومرجعيتهم الدينية في بكركي، أم أنّه لمس أنّه كان ينفخ في قربة مقطوعة، لأنّهم يقدّمون مصالحهم الضيقة على مصلحة الطائفة والمسيحيين والوطن، وأنّ خوف الفاتيكان عليهم يفوق خوف المرجعيات المارونية على أنفسهم وعلى طائفتهم؟