Beirut weather 29.65 ° C
تاريخ النشر January 11, 2019
A A A
باحثون: «كوكاكولا» موّلت أبحاث السمنة في الصين ضماناً لمصالحها
الكاتب: أسامة نعمان - الشرق الاوسط

قال باحثون في جامعة هارفارد الأميركية إن شركة «كوكاكولا» لإنتاج المشروبات الغازية، نجحت في فرض مصالحها الاقتصادية على ميدان الأبحاث والسياسات الصحية في الصين. وكوّنت الشركة شبكات واسعة نجحت -من خلال علاقاتها بمنظمة غير ربحية- في ضخ أموال دُفعت لإجراء الأبحاث، وتوطيد علاقات متينة مع المؤسسات، وتأسيس علاقات شخصية مباشرة مع العلماء والتأثير على ميدان الأبحاث العلمية حول السمنة والبدانة، وعلى الحلول المناسبة لتفادي هذه الحالة الوبائية. وقد تأثرت السياسات الصينية بذلك وتماشت مع مصلحة الشركة.
وقالت سوزان غرينهالغ البروفسورة في مؤسسة جون كنغ وويلما كانون فيربانك للأبحاث المتخصصة بدراسات المجتمع الصيني في الجامعة، إن الدراسة هي الأولى من نوعها التي لا توضح كيفية تأثير الصناعات الغذائية على السياسات الصحية، بل وعواقبها أيضاً. ونُشرت نتائج الدراسة في «المجلة الطبية البريطانية» و«مجلة بابليك هيلث بوليسي» للسياسات الصحية.
وقالت الباحثة الأميركية: «لقد أُجريت دراسات على مدى عقود من السنين حول محاولات الصناعات الصيدلانية الكبرى للتأثير على البحث العلمي وإملاء سياساتها، إلا أن الدراسات حول شركات الغذاء والمشروبات العملاقة لا تزال في مراحلها الأولية». وأضافت: «لا أعرف أياً من الدراسات التي وثّقت هذا النوع من التأثيرات، خصوصاً على سياسات دولة بأكملها».
ووجدت البروفسورة غرينهالغ، لدى مراجعتها السياسات الصينية، تماثلاً مع اللغة والنهج المستخدمَين من قِبل شركة «كوكاكولا»، وقالت متحدثة عن نهج السياسات المتعلقة بالسمنة: «على سبيل المثال كانت السياسات تتحدث عن ضرورة توازن الطاقة وعن أهمية اعتبار النشاط البدني جزءاً من العلاج الطبي أو إيجاد توازن بين تناول الطعام وبين الحركة… وهذه السياسات تتماثل مع مصالح (كوكاكولا) بشكل كبير، كما أنها لا تتماشى مع بعض السياسات التي وضعتها منظمة الصحة العالمية».
وأضافت الباحثة أن معهد «إنترناشيونال لايف ساينسيس» وهو منظمة غير ربحية مقرها في الولايات المتحدة، كان في صدارة الجهود الهادفة إلى تسيير السياسات الصينية. وقد أسس نائب رئيس «كوكاكولا» حينذاك عام 1978 هذا المركز الذي يمتلك 17 فرعاً حول العالم أحدها في الصين.
وقد افتُتح الفرع الصيني لهذا المعهد عام 1993 وترأسه الاختصاصي في التغذية تشين تشونمنغ الذي يمتلك صلات قوية مع الشركة. وفي ما بعد أصبح هذا الاختصاصي الصيني مديراً لمركز في الصين مماثل لمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها الأميركي، ووثّق علاقاته مع القطاع الطبي في الصين.
ودرست الباحثة الأميركية أرشيف هذه المنظمة غير الربحية بين أعوام 1999 و2015 الذي ضم كل نشاطاته العلمية والمتعلقة بالسياسات الصحية، ابتداءً من تمويل الأبحاث الصينية وانتهاء بعقد المؤتمرات الهادفة لوضع أسس السياسات الصحية.
وأظهر الأرشيف أن الفترة حتى عام 2004 شهدت وضع حدود لتعريف السمنة ووضع مبادئ غذائية للحد منها. إلا أن الأمر تغير بعد ذلك عندما أخذت شركة «كوكاكولا» بانتهاج شعار «نمط الحياة النشط الصحي»، الذي يعد الطعام والمشروبات جزءاً من نمط الحياة الصحي الهادف إلى تجنب حدوث السمنة… مع التركيز أساساً على النشاط البدني والرياضة.
وقد انعكس هذا التوجه فوراً على السياسات الصحية الصينية في هذه الفترة، إذ وجدت الباحثة أن ثلث أبحاث السمنة الممولة بين أعوام 2004 و2009 من قِبل الشركة كانت تنصبّ حول النشاط البدني لدرء السمنة. إلا أن هذه النسبة ارتفعت إلى الضعف لأبحاث النشاط البدني بين أعوام 2010 و2015، مقابل التراجع الشديد في أعداد الأبحاث التي تدرس تأثير الغذاء والمشروبات على السمنة.