Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر November 1, 2017
A A A
انفصاليو كاتالونيا رضخوا لمدريد بدل مواجهة محفوفة بالمخاطر
الكاتب: موسى عاصي - النهار

في شوارع برشلونة تسير الحياة بشكل طبيعي، لم يتأثر الناس هنا بالهزة السياسية التي حصلت مع فشل محاولة الاستقلال. هم يمارسون حياتهم وأعمالهم اليومية، ونشاط المناصرين، انفصاليين كانوا أم وحدويين، الذي شهدته بعض ساحات المدينة، أمام مقر الحكم في “سانت جاومي” أو في محيط مقر البرلمان، انتهى وتحول الى احاديث ومناقشات بين الناس، وأحيانا كثيرة بين الخصمين، في المقاهي وعلى الارصفة.
لم تترك الازمة ندوباً واضحة على المجتمع الكاتالوني، فزعماء الحركة الانفصالية فضلوا الانحناء أمام العاصفة، على المواجهة مع الدولة المركزية “المصرة على عدم تقديم أي تنازل واسترجاع الاقليم الى سيادتها ولو بالقوة”، على حد قول الناشطين من الاحزاب الانفصالية، وهذا الخيار كان الانسب، في رأي مناصري رئيس الاقليم كارليس بوتشيمون المقيم في بروكسيل، لتجنيب البلاد أزمة وربما مواجهة عنيفة.
ودعا بوتشيمون مناصريه الى “الاستعداد لطريق طويل”، مشيراً الى أن “الديموقراطية ستكون أساس انتصارنا”.

مصلحة البلاد أهم من الاستقلال
وفي الشارع، كان مناصرو الانفصال واضحين جداً في خياراتهم، وعلى رغم الخيبة الكبيرة والشعور بالهزيمة. فانهم رأوا في ما آلت اليه الامور أفضل الحلول لتجنيب كاتالونيا مواجهة خطيرة بين الانفضاليين والوحدويين. وقال مواطنون سألتهم “النهار” عن موقفهم، إن بوتشيمون كان ذكياً جداً بعدم اختيار الاصرار على السلطة والاستمرار في اجراءات الانفصال “لأن مدريد لن تتراجع في تهديدها بوضع اليد على الاقليم ولو بالقوة”، مما يعني أن بقاء الزعيم الانفصالي وفريقه في برشلونه كان سيؤدي الى اعمال عنف اذا ارادت الحكومة الاسبانية القبض عليه.

الى صناديق الاقتراع
وقد رضخ الانفصاليون تماماً لمشيئة مدريد مع اعلان بوتشيمون قبوله باجراء الانتخابات المبكرة التي حددت الحكومة الاسبانية موعدها في 21 كانون الاول المقبل. وبهذا الاعلان تتحول المواجهة بين الانفصاليين ومدريد الى لعبة ديموقراطية تحدد الفائز فيها صناديق الاقتراع، وترسم مستقبل البلاد على النحو الذي يراه الناخبون.
وخلافاً للانتخابات التي أجريت في 2015 والتي منحت الانفصاليين من قوميين وديموقراطيين ويساريين متشددين الغالبية في البرلمان، وكذلك الاستطلاع الذي نُظم في الأول من تشرين الاول الماضي، يتوقع أن تكون انتخابات 21 كانون الاول أكثر تمثيلاً للارادة الحقيقية للمجتمع الكاتالوني على اساس ان مشاركة الوحدويين كانت أقل بكثير من مشاركة الانفصاليين في المحطات السابقة. وبسبب “الشعور بخطر الانفصال”، سيشارك الوحدويون بكثافة هذه المرة، كما قال قادتهم في التظاهرة الضخمة التي نظموها. وأظهر مسح رسمي نُشر أمس أن نسبة تأييد إقامة دولة مستقلة في كاتالونيا ارتفعت في تشرين الأول الى أعلى مستوى لها خلال ثلاثة أعوام تقريباً.
وجاء في استطلاع للرأي أجري أمس أن نحو 48.7 في المئة من سكان كاتالونيا يرون أن الإقليم ينبغي أن يكون مستقلاً، وهي أعلى نسبة تسجل لهؤلاء منذ استطلاع أجري في نهاية عام 2014.

بوتشيمون: لست لاجئاً سياسياً
ومن بروكسيل، حيث يقيم، أعلن بوتشيمون، الرئيس المعزول لأقليم كاتالونيا، انه لا يسعى الى اللجوء السياسي وأن اقامته في بلجيكا موقتة في انتظار الحصول على ضمانات من الحكومة الاسبانية، بعدما أوصى المدعي العام في إسبانيا بتوجيه اتهامات بالتمرد والعصيان اليه.
وبموجب هذه التهمة يواجه بوتشيمون احتمال السجن بين 15 و30 سنة.
وأعلن القضاء الاسباني استدعاء بوتشيمون و13 آخرين من حكومته لاستجوابهم هذا الاسبوع، قبل اتهامهم رسمياً باعلان استقلال الاقليم من جانب واحد.
وأكدت أعلى محكمة جنائية اسبانية مكلفة قضايا حساسة في بيان أن الاشخاص الـ14 استدعوا ليمثلوا أمام المحكمة الخميس والجمعة وإلا فإن القضاء قد يصدر مذكرات توقيف في حقهم.
***

رئيس اقليم كاتالونيا المعزول كارليس بوتشيمون في طريقه الى نادي الصحافة في بروكسيل أمس. (أ ف ب)