Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر September 27, 2023
A A A
انطباعات سلبية بعد إخفاق الحوار وشكوك في الوساطات
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

يغرق اللبنانيون في مستنقع من الخلافات والازمات وانعدام عامل الثقة بين ممثليهم في البرلمان، ويستمرون في تفويت الفرص وتأخرهم سنة عن موعد انتخاب رئيس للجمهورية. وفي دلالة على عقم المحاولات المحلية يقول ديبلوماسي عربي دولته عضو في “المجموعة الخماسية” على مسمع نائب متابع ان جهات لبنانية نيابية وحزبية عدة تدخل في حفلة تذاكٍ بعضها على البعض، وهي لا تريد المشاركة في حوار حقيقي ولا انتخاب رئيس للجمهورية على عكس ما يردده هؤلاء في الاعلام وما تسمعه “الخماسية” والعالم.

ولا تقدِم هذه الجهات على المشاركة في الاستحقاق الدستوري لا بل تتلاعب به قبل ان تضمن تحقيق مصالحها وحجز حصصها في الحكومة ونيل وزارات وازنة، فضلا عن تحصين حضورها لدى قواعدها قبل الانتخابات النيابية المقبلة. ويستعمل هؤلاء كل هذه الاسلحة ولو على اطلال دولة!

ولكل هذه الاسباب لا يعمل كثيرون من النواب المعنيين على المساعدة في اتمام هذا الاستحقاق وقفل ابواب الشغور مع تفاقم الانقسام العميق في البلد وعدم توصل الكتل الكبرى الى نقاط مشتركة في ما بينها تؤدي الى انتخاب رئيس.

في انتظار ما ستنتهي اليه مهمة الموفد القطري جاسم آل ثاني وما سيخلص اليه في جولاته ولقاءاته مع رؤساء الكتل، يغرق الجميع في مرحلة تقطيع الوقت وتضييعه ولو على حساب الاستحقاق الرئاسي والاستعداد للدخول في السنة الثانية من الشغور وحصد مزيد من الانتكاسات.

في غضون ذلك، يدور حديث في البيئات السنية عن عدم تلقّي العدد الاكبر من نوابها اي اتصالات من الموفد القطري. وتلقّى نائب ناشط ومستقل اتصالا من فريق جاسم آل ثاني “ابو فهد” سأله فيه عن استعداده للقاء موفد بلاده.

وثمة من يُرجع تواصل الدوحة مع الكتل الكبرى الى تأمين نصاب اي جلسة انتخاب حقيقية وتهيئة الظروف المناسبة لها في ظل مناخ من السرية والجدية التي يجري اعتمادها باتقان بغية انجاز هذه المهمة. ورغم كل هذه المساحة من اهتمام الدوحة سيخرج موفدها على الارجح بما انتهى اليه الموفد الفرنسي جان – إيف لودريان من دون التعويل على ما سيحمله في محطته المقبلة في تشرين الاول المقبل اذا حمل معها جديدا الى بيروت. ويخلص نائب الى القول ان القطريين يتعاطون مع ملف الرئاسة بحرفية اكبر من الفرنسيين، وان موفد الدوحة يعرف حقيقة الكتل وتشعباتها وانقساماتها اكثر من لودريان. وسيزداد حجم اثقال الازمة اكثر اذا تأكدت فرملة المساعي القطرية وقبلها الفرنسية في ظل عدم اظهار معطيات ان “الخماسية” قادرة على احداث خرق في النفق الرئاسي حتى الآن.

وبعد اخفاق طاولة الحوار التي عمل الرئيس نبيه بري على عقدها وجمع الكتل والنواب المستقلين، بات في حكم المؤكد ان هذه المحاولة كان يمكن لو تحققت ان تساعد بحسب المؤيدين لها في خلق مساحة حوارية بين الكتل من دون ان يتخلى اي منها عن خياراتها حيال الترشيحات والاستحقاق.

وبعد الانتكاسة الفرنسية وانتظار ما ستحققه قطر وتوقف بري عن تكرار دعواته للحوار، يعترف نواب من المعارضين الوسطيين من “التغييريين” والمستقلين بانه كان في الامكان تلبية دعوة رئيس المجلس والتوجه بعدها الى جلسات انتخاب مفتوحة. مع الاشارة الى ان بعض العواصم المعنية لدى “الخماسية” كانت تؤيد مطلب بري، وهذا ما شدد عليه لودريان على مسمع الجهات التي التقاها، ولا سيما عند حزبي “القوات اللبنانية” والكتائب.

ولتأكيد تغطية دعوة بري للحوار يُنقل عن شخصية ديبلوماسية غربية “انه كان من الاسلم لو لبت المعارضة دعوة بري. ولا احد يلزمها التسليم بخيارات الثنائي الشيعي. ومن يشعر بفرض اقتراحات عليه يغادر الطاولة”. وفي الحصيلة ان خيار الحوار افضل من الاستمرار في حالة الفراغ هذه. ورغم هذا المناخ من التشاؤم يعترف اكثر من نائب بان لا قدرة على انتخاب رئيس اقله قبل انتهاء السنة الجارية الا اذا تبين استكشاف شركة “توتال” الفرنسية وجود كميات نفطية وتجارية في بحر الجنوب، ما قد يساعد في انتخاب الرئيس المنتظر الا اذا استمرت الكتل النيابية في حربها المفتوحة.