Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر March 21, 2020
A A A
انخفاض اسعار البنزين عالمياً وتثبيته لبنانياً: ربح اضافي للدولة والشركات المستوردة والمحطات
الكاتب: سلوى بعلبكي - النهار

من المتوقع أن يستمر الانخفاض الدراماتيكي في أسعار النفط العالمية ليصل الى نحو 5 دولارات للبرميل الواحد وفق ما أفادت وكالة بلومبرغ نقلا عن نتائج أستطلاع أراء تجار في عدد من كبريات شركات النفط في العالم. وتؤكد التوقعات التي أعرب عنها 18 من أصل 20 متخصصا، أنه بعد انخفاض أسعار النفط بنسبة 60 % هذا السنة إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2003 ، فإنها ستستمر في الانخفاض إلى 20 دولارا للبرميل أو أقل. وذكرت “بلومبرغ” بأن “بنك سيتي غروب” لا يستبعد سيناريو يبلغ فيه سعر خام برنت 17 دولارا للبرميل أو أقل، وأنه في بعض الحالات، قد يصل متوسط السعر إلى 5 دولارات للبرميل”.
هذا الانخفاض سيدر ارباحا على الدولة اللبنانية خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار القرار الذي اتخذته الحكومة بتثبيت اسعار المحروقات وهو ما كانت اشارت اليه “النهار” امس، والذي أكده الكثير من الخبراء الذين توقعوا ايضا ان يؤمن هذا القرار ما بين 300 الى 400 مليون دولار للخزينة سنويا، وإذا بقيت الأسعار الى تراجع، فمن المتوقع ان يصل الوفر الى 500 مليون دولار سنويا. ولكن ماذا عن الارباح المتوقعة للشركات المستوردة وأصحاب المحطات؟
الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أكد لـ “النهار” أن جدول تركيب الاسعار الذي يصدر عن وزارة الطاقة والمياه صباح كل اربعاء مبني على عناصر عدة اولها سعر البضاعة الذي يحدده المستوردون بناء على متوسط الاسعار خلال 4 اسابيع ماضية، اي أنه اذا حصل ارتفاع او انخفاض خلال اسبوع او اثنين لا يلمسه المواطن فورا. هذا الجدول يضاف اليه 300 ليرة هي عبارة عن حصة شركة التوزيع عن كل صفيحة، و360 ليرة حصة شركة النقل. وبذلك تكون قد ارتفعت حصة المحطة من 1900 ليرة الى 2100 ليرة ومن 2300 ليرة الى 2500 ليرة في الاسبوع الماضي والى 2700 ليرة هذا الاسبوع. وهذا ما يفسر وفق شمس الدين سبب سكوت اصحاب المحطات عن الامر، بدليل أنهم كانوا يطالبون بزيادة قيمتها 600 ليرة ومع قرار التثبيت حصلوا على 800 ليرة.
ويشير الى أن الدولة تتقاضى رسما جمركيا يبلغ نحو 130 ليرة و4820 ليرة رسم استهلاك داخلي للبنزين عيار 98 اوكتان، وضريبة على القيمة المضافة 2378 ليرة ليصبح مجموع ما تتقاضاه نحو 7328 ليرة، و7379 ليرة. وبما أن الاسعار العالمية انخفضت هذا الاسبوع، فإنه مع تثبيت السعر ستحصل الدولة من خلال زيادة رسم الاستهلاك الداخلي بقرار من الجمارك ما قيمته 8378 ليرة لــ 95 اوكتان و8529 ليرة لـ98 اوكتان اي زيادة نحو الف ليرة.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن حجم الاستهلاك السنوي اللبناني نحو 110 ملايين صفيحة، ما يوفر للدولة نحو 800 مليار ليرة سنويا، فإن استمرار التراجع في الاسعار دوليا وتثبيت السعرمحليا سيوفر للدولة 500 مليار ليرة اضافية.
وفق جدول الأسعار العالمي، انخفض سعر البنزين من 699 الف ليرة لكل الف ليتر الى 613 الف ليرة. وهذا يعني وفق شمس الدين ارباحا تقدر بـ 5200 ليرة عن كل صفيحة البنزين في حال كانت الشركة التي تستورد هي عينها التي تملك شركة التوزيع والمحطة.
علما أن الضريبة على القيمة المضافة 11% تشمل رسم الاستهلاك الداخلي والرسم الجمركي وليس فقط ثمن البنزين واكلاف المحطة والنقل والتوزيع ، بما يعني أن هذا القرار هو بمثابة ضريبة على الضريبة وهذا الامر غير معتمد في أي دولة من دول العالم.
ماذا عن القرار الذي اتخذته وزارة الطاقة بالسماح لمنشآت النفط باستيراد مادة البنزين وكان آخرها شراء 150 ألف طن من مادة البنزين 95 أوكتان عبر مناقصة عمومية، فهل يمكن ان ينعكس قرار التثبيت ارباحا للوزراة؟
يؤكد شمس الدين أن القرار لن يترجم ارباحا للوزارة خصوصا ان الكمية المستوردة نفدت وهي كانت تشكل نحو 8% من الاستهلاك، مضيفا ان الدولة تدفع الضرائب والرسوم وهناك حصة لشركات النقل والتوزيع والمحطات ولكن دخول الدولة ولو لمرة واحدة ابعد السوق عن تهديدات الشركات المستوردة وبعض اصحاب المحطات والمحطات التابعة لهذه الشركات .
تبين مكونات جداول أسعار المحروقات، التي تصدر عن وزير الطاقة بموجب جدول أسبوعي، أنه يشمل ضرائب أو رسوم جمركية غير متوجبة في الحالات التي يجري فيها عمليات استيراد محروقات تستفيد من أحكام اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، ويتم تحصيل هذه الضرائب والرسوم من الشركات المستوردة للمحروقات من المصادر المعفاة، وتحقيق أرباح غير مشروعة، إضافة إلى مبالغ أخرى استوفيت خلال فترة الإعفاء التدريجي الواقعة بين عامي 2002 و 2013، وفق ما يؤكد المدير العام السابق للاستثمار غسان بيضون لـ “النهار”، وهو ما يطرح في رأيه اسئلة حول أسباب التعتيم وحجب المعلومات ودوافع وزارة الطاقة السابقة لاقتحام سوق البنزين ولماذا اختارت الـ 95 أوكتان. ويؤكد بيضون أن “هذا الامر ثابت من الرأي الاستشاري رقم 25/2015، الصادر عن ديوان المحاسبة بتاريخ 21/5/2015، المبني على طلب ورده من رئيس المجلس الأعلى للجمارك يشير إلى جداول تركيب أسعار مبيع المحروقات السائلة أسبوعياً، استناداً إلى التكاليف المرتبطة بها والتي تشمل ثمن البضاعة، حصة شركة التوزيع، اجرة النقل، عمولة صاحب المحطة، فضلاً عن الرسوم والضرائب “المتوجبة”، ويطلب فيه إبداء الراي حول حق شركات التوزيع أن تحتفظ بالمداخيل الإضافية التي حققتها نتيجة بيعها المحروقات السائلة بالتعرفة الرسمية واستيفائها قيمة الضرائب والرسوم المشمولة بالسعر الرسمي، بالرغم من استفادتها من تخفيضات أو إعفاءات منها”.
ويعتبر بيضون أن “هذا التحايل ليس جديداً ويعود إلى ما قبل العام 2000، حيث كان متعهدو المحروقات لزوم القوى العسكرية يتقاضون قيمة الرسوم والضرائب التي تخضع لها المحروقات المستوردة بالرغم من إعفاء ما يعود منها للقوى العسكرية من هذه الضرائب. وقد سبق لديوان المحاسبة في ذلك الوقت ان أجرى تحقيقاً انتهى إلى إصدار اوامر تحصيل لاسترداد المبالغ المدفوعة من الخزينة للمتعهدين دون وجه حق، وكذلك انتهى ديوان المحاسبة في رايه الاستشاري رقم 25/ 2015، إلى تحديد المبالغ التي حققتها شركات التوزيع علاوة على حصتها وتحملها المستهلك، واسترداد هذه المبالغ لمصلحة الإدارة وإعادة استعمالها في ما يعود بالنفع العام وذلك ايضاً بموجب اوامر تحصيل تصدر عن وزارة المال. ولا نعرف ما إذا كان تم التقيد بالرأي وتنفيذ مضمونه”.