Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر October 23, 2016
A A A
اليوم الثاني في الموصل
الكاتب: راجح الخوري - النهار

بدأت معركة تحرير الموصل بعد تسعة أشهر من الإعلان عن موعدها، لهذا فقدت عنصر المفاجأة الثمين في الحروب، ووفّرت الوقت الكافي للتنظيم الارهابي ليجعل الموصل مدينة مفخخة فوق الارض وتحتها، وهكذا فور انهيار خط الدفاع الاول حول الموصل بدأ الحديث عن معركة صعبة وطويلة، وخصوصاً في ظل معلومات عن ان “داعش” جعل سكان المدينة دروعاً بشرية، وفي هذا السياق قال جيف ديفيس الناطق باسم “البنتاغون” إن سكان الموصل محتجزون رغماً عنهم كدروع بشرية!

قوات البشمركة التي تتقدم نحو المدينة تتحدث عن تفخيخ “داعش” جثث قتلاه وعن أرض يملأها الإنتحاريون والألغام، والمصادر في قيادة التحالف الدولي في حال من القلق من احتمال استخدام “داعش” أسلحة كيميائية، ما قد يزيد عدد الضحايا من المدنيين في الداخل والقوات العراقية المتقدمة من الخارج.

لكنها الحرب التي لا بد منها لإستئصال هذا التنظيم المتوحش من ثانية كبرى المدن العراقية، وفي النهاية غداً أو بعد غد سيتم تحرير الموصل، لكن الخوف من أثمان دموية باهظة ومخيفة، قد تترتب على اليوم الثاني بعد هزيمة “داعش” يفوق الخوف من معركة استعادة المدينة.

ليس سراً ان كل المخاوف وكل الاشباح التي اطلقتها التداعيات المذهبية بعد عملية تحريرالفلوجة في حزيران الماضي، ترتفع الآن على مداخل الموصل، صحيح ان العبادي والأميركيين اتفقوا على ان لا يدخل “الحشد الشعبي” الشيعي، المدينة وان يبقى على مداخلها، لكن هذا لم يطمئن السكان الذين يجدون أنفسهم بين نارين، “داعش” الذي يحتجزهم والقذائف التي تتساقط على المدينة، حيث قال شيوخ من عشائر شمر ان ميليشيا “الحشد الشعبي” بدأت اطلاق الصواريخ وقذائف المدفعية عشوائياً على احياء المدينة.

الإعداد العسكري للمعركة تأخر كثيراً والإستعداد السياسي لما بعد المعركة تأخر ايضاً، وليس من الواضح اذا كان الإجتماع الدولي الذي حضرته عشرون دولة واستضافته باريس أمس الجمعة للبحث في مستقبل الموصل، سيتمكن من ان يضع سدوداً تمنع الإنزلاق الى ما شهدته الفلوجة والرمادي وتكريت من تعديات وانتهاكات على أساس مذهبي، وهو ما كان قد أشعل الاحقاد المذهبية أيام نوري المالكي بما أدى الى ظهور “داعش”!

على هذا الأساس يرتفع منسوب الإجماع على ان التحدي الاكبر هو اليوم الثاني في الموصل بعد تحريرها من قبضة الإرهابيين، وهذا يرتبط مباشرة بما أعلنه سابقاً المسؤولون الأميركيون والعراقيون من تعهدات متكررة أن قوات “الحشد الشعبي” لن تدخل المدينة وان اجراءات صارمة اتخذت لضبط الوضع ومنع التجاوزات.

لكن السؤال الأهم: عندما يبدأ الاميركيون تحرير الموصل بالتعاون مع ايران والتوجه من دابق الى الرقة مع الأتراك، ماذا يفعل الروس في حلب، ينزعون الدواعش عن المعارضين المعتدلين؟!