بدأ أمس تطبيق الإتفاق الذي تمّ بين الحكومة ومصرف لبنان في شأن خفض سعر صرف الدولار تدريجياً، من خلال ضخ المركزي للدولار في السوق عبر الصرافين الفئة «أ»، لكبح تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية. فكيف كانت تجربة اليوم الأول؟
يطرح كلام رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، خلال الاجتماع المالي الذي عُقد في السراي، علامات استفهام عدة، حول ما كشفه عن اختفاء حوالى 10 ملايين دولار من السوق، بعد يومين فقط على تدفقها في الأسواق، في حين لم يتجاوز حجم حركة المبيع أكثر من 100 ألف دولار. فما حقيقة ما حصل؟ اين اختفت هذه الأموال؟ هل خزّنها الصرّافون لبيعها في السوق السوداء؟ هل هُرّبت الى سوريا؟ وهل أنّ ضخّ المركزي نحو 30 مليون دولار هذا الأسبوع في السوق سيلقى نفس سيناريو الـ10 ملايين دولار؟ وهل انّ السوق المالي والنقدي مكشوف وتسوده الفوضى؟
يقول نقيب الصرافين محمود مراد لـ«الجمهورية»، ان «ليس لدينا أجوبة ولا معلومات عمّا كشفه دياب في اجتماع السراي، وحدها القوى الأمنية تملك معطيات عن هذا الموضوع، لأنّ هذا من عمل الصرّافين غير الشرعيين والذين تقع مراقبتهم على عاتق القوى الأمنية».
وعن اجتماع السراي قال: «لمسنا خلال الاجتماع توجّهاً جدّياً الى ضبط الوضع الأمني وضبط السوق. ونأمل ان تريح هذه الإجراءات لتبدأ معها عملية استعادة الثقة».
اضاف: «اذا تمكنا من خفض سعر صرف الدولار مقابل الليرة بنحو 50 ليرة يومياً، كما سبق وحاولنا، فهذا سينعكس جواً إيجابياً في الأسواق».
وأشار مراد الى انّه بعد اجتماع السرايا يوم الجمعة، ضخّ المركزي أموالاً في السوق لكن بكميات محدودة، لم تطل كل الصرافين، لكنه عاد أمس وضخّ أموالاً طاولت تقريباً كل الصرافين فئة «أ» كما نصّ عليه الاتفاق. وأشار الى انّ حجم المبالغ المالية التي حصلت عليها كل مؤسسة صرافة يختلف عن الأخرى، وذلك باختلاف حجم اعمالها والكمية التي طلبتها. ويقدّر حجم المبالغ التي سيضخها المركزي يومياً في السوق ما بين 5 الى 7 ملايين دولار تتوزع على 43 صرافاً فئة «أ»، ليصل مجموع ما سيُضخ في السوق أسبوعياً الى حوالى 30 مليون دولار.
وعن حال السوق قال مراد: «الطلب كبير جداً انما العرض لا شيء».
من جهة أخرى، وبعدما استثنت تعاميم سلامة صرافي الفئة «ب» والبالغ عددهم حوالى 250 صرافاً من المشاركة في عملية ضبط السوق، يقول مراد: «انّ العمل جارٍ لإيجاد حل لعمل هؤلاء، خصوصاً بعدما استثنتهم تعاميم مصرف لبنان وستتم مناقشة هذه المسألة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة».
وتابع: «بعض هؤلاء اقفل ابوابه والبعض يعمل بتجارة الذهب بيعاً وشراء».
محلات صرافة مقفلة
الى ذلك، لوحظ امس اقفال عدد كبير من محلات الصرافة في مختلف المناطق، وعلمت «الجمهورية» انّ بعض الصرافين لا يلتزم ببيع الدولار وفقاً للسعر المحدّد الصادر عن النقابة، والذي حدّدته بهامش متحرّك بين: 3860 للشراء كحدٍ أدنى، و3910 للبيع كحدٍ أقصى. وجزء آخر يرفض بيع الدولارات وملتزم فقط بسعر الشراء.
وفي جولة على محلات الصيرفة فئة «أ»، تبيّن انّ البعض منهم ملتزم بإعطاء 200 دولار للفرد الواحد أسبوعياً، حتى لو كان طلب الدولار بهدف دفع قسط الجامعة لطالب في الخارج أو ايجار منزل، ورغم إظهار الأوراق المطلوبة.
اما بالنسبة للشركات والتجار، فيقوم الصرافون بطلب عدد كبير من الاوراق الرسمية مرفقة بفواتير طلبيات الاستيراد لإرسالها الى مصرف لبنان وأخذ الموافقة قبل بيع الدولارات للتاجر، حيث يقدّم الاخير طلبه وينتظر يومين للحصول على موافقة مصرف لبنان، لأنّ الصرافين لا يريدون استخدام دولاراتهم قبل التأكّد من انّ مصرف لبنان سيسدّد قيمة تلك الفواتير لهم.
وفي السياق، يقول مراد: «ان تقنين بعض الصرافين في إعطاء المبلغ المطلوب يرتبط بحجم اعمال المؤسسة والمبلغ الذي حصلت عليه من المركزي. فبعد التأكّد من الأوراق المقدّمة من التجار او من الافراد عن سبب طلب الدولار يتمّ إعطاء الدولار انما ضمن سقف محدّد، بهدف تلبية العدد الأكبر من الطلبات. على سبيل المثال: يُعطى التجار كحدٍ اقصى ما بين 10 الى 15 الف دولار وفق ما يتوفر، وما بين 500 الى 700 دولار للأفراد كحد اقصى، وذلك وفق الأسباب الكامنة وراء طلب الدولار».
الى ذلك، وفي موازاة هذا التقنين المفروض لبيع الدولار عند مؤسسات الصرافة، يتوفر الدولار في السوق السوداء، من دون حد اقصى، ويتمّ شراؤه بـ4400 ليرة وبيعه بـ4700 ليرة.
أما دولار التحاويل النقدية الإلكترونية الواردة من خارج لبنان، فيُباع كما حدّدته مديرية العمليات النقدية لدى مصرف لبنان بـ 3,810 ليرة.