Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر July 22, 2019
A A A
الياس فرحات لموقع “المرده”: تنافس أميركي روسي شديد على “كسب ودّ” تركيا… والاسباب؟
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

رغم السعي الحثيث الذي دأبت عليه كل من الولايات المتحدة الاميركية وقوى الناتو الى ثني أنقرة عن صفقة شراء منظومة إس 400 الصاروخية من روسيا، إلا أن الإصرار التركي على إتمام تلك الصفقة ظل مثار جدل خاصة في ظل علاقات استراتيجية وثيقة كانت تربط أنقرة بواشنطن من جهة، إضافة إلى عضوية تركيا في حلف الأطلسي من جهة أخرى.

في هذا السياق، أكد الباحث العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد الياس فرحات في حديث خاص لموقع “المرده” رداً على سؤال حول ما اذا كانت أنقرة ستنتقل الى الحضن الروسي بشكل كامل على ضوء الازمة الراهنة مع واشنطن أنه “من المبكر الكلام عن انتقال تركيا الى المعسكر الروسي بشكل كامل ذلك لأن العلاقات الاميركية التركية عميقة جداً، وتركيا هي عضو في الحلف الأطلسي الذي ترأسه أميركا كما ان هناك قاعدة اميركية ضخمة في تركيا وهي قاعدة “إنجرليك” وفيها مراكز لأسلحة نووية موجهة باتجاه الشرق فضلاً عن العلاقة الاقتصادية والتجارية مع الولايات المتحدة”، لافتاً الى أن منظومة صواريخ “اس 400” الروسية تشكل احراجاً كبيراً وخطراً على برنامج طائرات أف 35 الأميركية لأن هذه الصواريخ يمكن ان تكشف شبحية هذه الطائرة اي عدم ظهورها على الرادار وبالتالي تتعرض هذه الطائرة لأخطار كشفها من قبل الرادارات في جميع بقع العالم حيث تستخدمها الولايات المتحدة، مبيّناً اعتقاده انه “مما لا شك فيه ان الوضع خطير من الناحية العسكرية وكشف الاسرار بين أنقرة وواشنطن انما من المبكر الحديث عن طلاق دائم”.

ولفت العميد فرحات الى أن “تركيا تشكل موقعاً استراتيجياً هاماً بالنسبة للاتحاد الروسي لانها مشرفة على البحر الأسود الذي يشكل معبراً ضرورياً للسفن الروسية باتجاه المتوسط وباتجاه العالم لذلك فان مضيقي البوسفور والدردنيل والبحر الاسود بغاية الاهمية بالنسبة لروسيا كما ان اميركا تعتبر ان تركيا هي “الحدود” مع أوروبا الغربية وهي آخر دولة في الحلف الاطلسي المواجهة للدول العربية ولايران ولروسيا لذلك هناك تنافس شديد على “كسب ودّ” هذه الدولة نظراً لموقعها الاستراتيجي المميز”، مشيراً الى ان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والحكومة التركية يلعبان على وتيرة التناقض الاميركي الروسي بغية تحقيق اكبر قدر ممكن من المصالح لبلدهما”.

وعن افق التحرك الاميركي، علق فرحات قائلاً: “كان التحرك الاميركي قوياً وحاسماً عندما عقد مساعدا وزير الدفاع الاميركي مؤتمراً صحفياً اعلنا فيه طرد الطيارين الاتراك من الولايات المتحدة الاميركية واعطائهم مهلة لمغادرة البلاد حتى 31 تموز الجاري كما تمّ طرد تركيا من مشروع “اف 35” وهو مشروع بناء هذه الطائرة وكان من المفترض ان تقوم انقرة ببناء نحو 900 مكوّن من مكونات الطائرة وبذلك يخسر الاتراك 9 مليارات دولار في مشروع بناء طائرة “اف 35″، موضحاً ان هذه التدابير العقابية الأميركية لها التأثير الكبير على تركيا”.

ورداً على سؤال حول ما اذا كانت صفقة الـ”اس 400″ ستؤدي الى انسحاب تركيا من الناتو، شدد العميد فرحات على أن “الانسحاب من الناتو عملية معقدة وكبيرة جداً وتؤثر على التوازنات الدولية وأعتقد انه مهما بلغ الخلاف التركي الاميركي الّا أنه لن يصل الى درجة الانسحاب الدراماتيكي المفاجئ لتركيا من الحلف الاطلسي بل يمكن لأنقرة تخفيف الالتزامات على مدى أعوام ولكن الانسحاب ليس وارداً في الوقت الحاضر”.

وأوضح فرحات أن “ما يحدث بين أميركا وروسيا وتركيا هو أن الدولتين الكُبريين تتنافسان على السيطرة على تركيا لما لها من موقع استراتيجي كونها على حدود أوروبا وعلى حدود البحر المتوسط مما يشي بأننا سنشهد ضغوطاً أميركية جمّة على تركيا وستتلقى أنقرة اغراءات من قبل موسكو وواشنطن من أجل تحقيق المكاسب وجذب تركيا الى الناحية الروسية وباعتقادي فان مرحلة التجاذب الاميركي الروسي نحو تركيا ستطول”.