Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر June 9, 2018
A A A
الوزير رفول يستقبل “الريسة” بعدما وقف إلى جانبها في امتحانات القضاء!
الكاتب: علي الموسوي-محكمة

 

من حقّ أيّ إنسان أن يحتفل بنجاحه، ومن حقّ أيّ سياسي أن يعبّر عن فرحته بمساعدة الناس في تحقيق أحلامها وطموحاتها وتحصيل لقمة عيشها، لكن ليس من حقّ السياسي في الأصل، أن يتدخّل في عمل القضاء، ولا في أن يجاهر بتسهيل نجاح أحد في مباراة دخول إلى القضاء، لأنّ هذا الأمر يضرب مقولة “العدل أساس الملك”، فالعدل يقوم على مبدأ المساواة.. بين الناس والإنسان والمهارات والكفاءات..
مناسبة هذا الكلام الخبر الذي نزل صاعقة على بعض قضاة لبنان ونشره موقع “التيّار الوطني الحرّ”، ومفاده أنّ “وفداً من أهالي وفعاليات بلدة مرياطه- قضاء زغرتا على رأسهم الفائزة في مباريات الدخول إلى معهد الدروس القضائية القاضي المتدرّج نور علي أسعد، زار معالي الوزير بيار رفول في مكتبه في مزيارة، وذلك لشكره على وقوفه إلى جانب أصحاب الكفاءة في الوصول إلى المراتب والمراكز التي يستحقّونها، وبالمقابل هنأ معاليه القاضي المتدرّج على النجاح، مشدّداً على قاعدة العدل أساس الملك”.( نشر على موقع tayyar.org في 8 حزيران 2018).
وما يُفهم من هذا الخبر أنّ رفول تدخّل لتأمين دخول الريسة الجديدة رحاب السلطة القضائية التي يفترض أنّها مستقلّة حتّى في مباريات الدخول، لكن يبدو أنّ أهل الدار يتغنّون مثل السياسيين بأنّ القضاء سلطة مستقلّة في الدستور والكتب، بينما على الأرض يجب أن يعتاش المواطن مع العكس تماماً.
نحن لا نشكّك بقدرات الريسة الجديدة، فلربّما لديها من الإمكانيات العلمية ما يخوّلها الدخول إلى القضاء، ولكنّ الخبر يثير الريبة بامتحانات الدخول إلى القضاء!
فهل هذا الخبر يدخل ضمن نطاق مكافحة الفساد التي أعلن عنها رئيس مجلس القضاء الأعلى ويمكنه توثيقها لاستئصالها؟ وهل هذا التصرّف هو إصلاح وتغيير نحو الأفضل؟
قد يكون آخرون غير الوزير رفول، فعلوها، لكن هذا ليس سلوكاً سوياً، لأنّه يستجمع كلّ عناصر الغبن والخداع وهي من عيوب الرضى في امتحانات الدخول إلى أيّ مرفق، فكيف إذا كان الدخول إلى القضاء الذي تنتصب في بعض قاعات محاكمه عبارة”العدل أساس الملك”؟ غبن بحقّ مرشّح آخر لم يفسح في المجال أمام الحظّ لكي يحالفه في النجاح، وخداع للمواطن بأنّ القضاء سلطة مستقلّة، وبأنّ باب التدخّلات والوساطات مغلق بإحكام.
وهل هكذا تستعاد ثقة الرأي العام بالقضاء، وهي في أدنى معدّلاتها؟
لقد بات لزاماً على المعنيين في السلطة القضائية وتحديداً مجلس القضاء الأعلى، العمل على إلغاء الامتحان الشفهي في مباراة الدخول إلى القضاء، لأنّه برأي كثيرين من قضاة وحقوقيين ومحامين، بوّابة الوساطة السياسية وتغطية لتدخّلاتها، ويشكّل إساءة إلى معهد الدروس القضائية الذي يعتبر الحصن الأخير المتبقي في لبنان، خصوصاً وأنّ نتائج بعض الطلاّب غير مقبولة وقد رسبوا في سنتهم الأولى!
وبإلغاء هذا الامتحان الشفهي، يؤكّد مجلس القضاء على شفافية المباريات من جهة، ويمنع التدخّلات السياسية ويسهم في تخفيض “كوليسترول” التباهي السياسي لدى الطامحين إلى ارتكاب فعل التدخّل، ويسهم بطريقة غير مباشرة في تنقية الجسم القضائي من جهة أخرى.
وعلى الرغم من كلّ هذه الهفوات والثغرات لئلاّ نستخدم عبارات أخرى، نريد القضاء أن يبقى الملاذ الأوّل والأخير للناس لكي يعيش الجميع بخير وعافية وأمن وسلام.
ولا نزال نراهن على القلّة القليلة!