Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر April 6, 2024
A A A
النازحون السوريون “قنابل موقوتة”!
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

لا ينفك وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار عن رفع الصوت على ارتدادات وجود النازحين السوريين على المجتمع اللبناني غير القادر في الاصل على تسهيل شؤون مواطنيه ومعالجة أزماتهم وما اكثرها. ولا يتأخر من يتولى هذا الملف في الدعوة الى ضرورة احصاء هؤلاء وسط حالات من الفوضى في مختلف المناطق التي ينتشر فيها النازحون، علما ان مفوضية شؤون اللاجئين سلمت مديرية الامن العام “داتا” النازحين وعمدت الاخيرة بتوجيهات من المدير العام بالانابة اللواء الياس البيسري الى تكليف فريق من الضباط التدقيق في محتويات “الداتا” وجداولها بغية وضع اطر تنظيمية لهذا الملف. وبلغ عدد المسجلين في تلك “الداتا” مليونا و486 نازحاً. ولم يتضح من هم الذين يخضعون للحماية الدولية، اي الذين وصلوا الى لبنان قبل عام 2015، او مَن نزحوا بعد هذا التاريخ ولم يسجلوا، الامر الذي يربك الامن العام الذي باشر عملية احصاء في الاقضية بالتعاون مع البلديات ومنظمات المجتمع المدني. ولا توجد تفاصيل كاملة عن كل نازح. وتفيد المفوضية بحسب مصدر في ادارتها انه بحسب التقديرات التي تنسبها الى الحكومة اللبنانية فان هناك ما يقارب المليون ونصف مليون لاجىء سوري في لبنان. وبدءا من كانون الثاني الماضي جرى تسجيل 784 الفا و884 لاجئاً سورياً لدى المفوضية، وهذا الاحصاء مغلق ولا يزال بناء على قرار الحكومة عام 2015. وتدوّن المفوضية ايضا معلومات تتعلق بالسوريين غير المسجلين الذين يتواصلون معها، وتقوم بتحديث هذه المعلومات باستمرار. وتقول انها تشدد على دقة البيانات التي تُعتبر ضرورية للتخطيط للحلول الدائمة وتنفيذها بما فيها اعادة التوطين في بلدان ثالثة والعودة الى سوريا، فضلاً عن التخطيط لبرامج المساعدات. ويختم المصدر بان المفوضية على استعداد للتعاون مع الحكومة وما تطلبه منها”.

ويبدو ان حل ملف العودة لايزال بعيد المنال اقله في ظل الظروف السياسية والامنية غير المطمئنة في لبنان وسوريا والمنطقة، وكلها عوامل لا تساعد في رجوع قريب للنازحين الى ديارهم، فضلاً عن ان المؤسسات المعنية في دولتهم لم تبدِ الحماسة المطلوبة لعودتهم نتيجة جملة من التعقيدات المالية والاجتماعية التي تعانيها جراء عدم القدرة على وضع مشاريع لاعادة بناء ما دمرته الحرب من بلدات ومدن، إضافة الى ان سوريا لم يعد يحكمها قرار واحد واصبحت خريطتها موزعة بين النظام ومساحات لا بأس بها تحكمها جماعات من المعارضة بدعم من الاتراك والاميركيين. وترتد هذه المعضلة على لبنان الذي لم تحسن كل الحكومات المتعاقبة والمؤسسات المعنية منذ اليوم الاول لقدوم النازحين تنظيم هذا الملف على غرار ما فعلت الاردن وتركيا في هذا الصدد حيث توجد في كل منهما سلطات منظمة ومسؤولة على عكس حال لبنان ومؤسساته وانقسامات قواه السياسية وكتله النيابية حيال هذا الملف الذي يشكل من دون مبالغة في التعبير “قنابل موقوتة” في اكثر من منطقة، وثمة بلدات بقاعية تشهد على هذا الامر.

لم يأتِ كلام الوزير حجار من فراغ حول ضرورة تطبيق عملية الاحصاء لعدد من الاعتبارات التي تساعد في تنظيم هذا الملف الشائك الذي وضع “خريطة طريق” لم تأخذ طريقها الى التنفيذ بعد لجملة من المشكلات لدى الجهات المعنية. وعلى سبيل المثال، لم تتمكن اكثر البلديات من احصاء النازحين حيث يتنقل اكثرهم في فوضى مفتوحة ويقيم العدد الاكبر منهم مؤسسات ومشاريع تجارية من دون الرجوع الى الجهات المختصة، ويتم القفز فوق القوانين بتواطؤ من لبنانيين يوفرون لهم الحمايات، ومن بينهم رؤساء بلديات منتفعون. ولم تتوضح بعد الآلية المطلوبة لاجراء المسح الشامل لكل السوريين في وقت لا تتوافر القدرات والامكانات لدى اجهزة وزارة الداخلية وصولا الى المجالس البلدية والاختيارية العاجزة اصلا عن تسيير الحد الادنى من شؤون اللبنانيين فكيف ستتمكن من المساهمة في احصاء السوريين حيث لا أمل في انجاز هذا المشروع إلا عن طريق الامن العام. ويوضح حجار لـ”النهار” انه وضع مسودة العمل وباشر الخطوة الاولى لعملية الاحصاء، وان المطلوب اتخاذ قرار لانجاز هذا العمل وتطبيقه على الارض. وهذا ما ابلغه الى المفوضية والجهات اللبنانية المعنية.

ويحتل هذا الملف مساحة كبيرة من اهتمامات اللجنة النيابية للشؤون الخارجية والمغتربين برئاسة النائب فادي علامة، التي فتحت خطوط تواصل مع الامم المتحدة والبرلمان الاوروبي في بروكسيل، وشرحت بإسهاب معاناة اللبنانيين جراء وجود هذا الكمّ من النازحين السوريين على اراضيهم. وكان علامة قد بحث في هذا الموضوع مع اللواء البيسري قبل ايام ولمس ان الامن العام يتعاطى بجدية مع “الداتا” التي تسلمها من مفوضية اللاجئين. ويقول لـ “النهار” ان “لا مفر من ضرورة احصاء النازحين السوريين بطريقة منظمة ومكتملة تحدد كيفية توزعهم وانتشارهم في بيروت والمناطق. وتشكل هذه الداتا حجر الاساس في تنظيم هذا الملف الذي شابته الكثير من الاخطاء. وسبق لاعضاء اللجنة ان اصطدموا مرات عدة مع المفوضية نتيجة عدم تجاوبها وتعاونها في اكثر من موضوع”.

ويحذرعلامة من الاستمرار في هذا التعامل من حالات الفوضى مع النازحين، “ونحن في لبنان لم نحسن التعاطي بجدية وخطط مدروسة مع النازحين منذ بداية قدومهم. ويجري العمل اليوم على اصلاح الاخطاء التي وقع المعنيون فيها، وان البقاء على هذا المنوال من التراخي مع هؤلاء مسألة ستهدد اللبنانيين اكثر وستجلب لهم المزيد من المشكلات الاقتصادية والامنية إذ ان لبنان غير قادر على تحمّل أعباء النازحين، وهذا ما قلناه للغرب وكل العالم”.