Beirut weather 17.41 ° C 18 Mar 2025 - 22:16:00
تاريخ النشر February 7, 2025
A A A
الموسم الزراعي في مواجهة الجفاف… هل تحمل “أسيل” الحل؟
الكاتب: عمر عبدالباقي - لبنان الكبير

 

يواجه القطاع الزراعي في لبنان تحديات متزايدة تهدد استمراريته، فبالاضافة إلى الأزمات الاقتصادية والسياسية التي انعكست سلباً على هذا القطاع، جاءت التغيرات المناخية لتضيف مزيداً من الصعوبات أمام المزارعين. وبعد سنوات من عدم الاستقرار في عمليات التصدير نتيجة إغلاق بعض المعابر البرية وتأثيرات الحروب الاقليمية، باتت العوامل الطبيعية تلعب دوراً أساسياً في تحديد مصير الانتاج الزراعي في البلاد.

خلال الموسم الشتوي الحالي، شهد لبنان انخفاضاً غير مسبوق في كميات المتساقطات، ما أثار مخاوف كبيرة لدى المزارعين الذين يعتمدون بصورة أساسية على مياه الأمطار لري محاصيلهم. هذا التراجع الملحوظ، مقارنة بالمعدلات السنوية المعتادة، يهدد المحاصيل الموسمية والأشجار المثمرة على حدّ سواء، ما قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة في القطاع الزراعي.

ومع استمرار تأخر الأمطار، بات المزارعون يراقبون الوضع بقلق، بعدما تزايدت التحذيرات من الجفاف الذي قد يؤثر سلباً على الموارد المائية، وبالتالي على الانتاج الزراعي والأمن الغذائي في لبنان. فالاعتماد الكبير على الأمطار كمصدر رئيسي للري يجعل أي نقص في المتساقطات كارثياً، خصوصاً في ظل غياب استراتيجيات واضحة لدعم المزارعين أو إيجاد بدائل مستدامة لمواجهة التقلبات المناخية.

العاصفة “أسيل”
وسط هذه المخاوف، حمل شهر شباط معه العاصفة الثلجية “أسيل”، التي أعادت الأمل الى المزارعين الذين ينتظرون بفارغ الصبر هطول الأمطار التي قد تعوّض النقص الحاد المسجل خلال الأشهر الماضية. وعلى الرغم من أن الأضرار التي لحقت بالمزروعات لا يمكن تلافيها بالكامل، إلا أن هذه العاصفة قد تساعد في تقليل الخسائر وإنقاذ ما تبقى من الموسم الزراعي قبل حلول الصيف.

في هذا السياق، أكد رئيس تجمّع المزارعين والفلّاحين في البقاع، إبراهيم الترشيشي، أن “الجميع ينتظر قدوم الأمطار على أحرّ من الجمر، فالموسم الزراعي بات مهددًا بصورة كبيرة بسبب ندرة المتساقطات”، آملاً “أن تكون العاصفة أسيل غزيرة الأمطار وشديدة البرودة، لأننا بحاجة ماسة إلى البرد في فصل الشتاء، فهو ليس ضرورياً لري المزروعات وحسب، بل يلعب أيضاً دوراً أساسياً في القضاء على الأمراض التي تصيب الأشجار والحقول، كما يساعد في الحدّ من انتشار القوارض الضارة”.

على الرغم من التفاؤل الذي رافق قدوم العاصفة “أسيل”، تبقى المشكلة الأساسية قائمة، إذ أصبحت التغيرات المناخية واقعاً لا يمكن تجاهله. فشحّ الأمطار وتقلبات الطقس الحادة يفرضان تحديات كبيرة على القطاع الزراعي، ما يستدعي البحث عن حلول مستدامة، مثل تطوير أنظمة ري حديثة، والاستثمار في تقنيات الزراعة المقاومة للجفاف، إضافة إلى وضع خطط وطنية لإدارة الموارد المائية بكفاءة أكبر.

ورأى الترشيشي أن العاصفة “أسيل” قد تعوّض جزءاً من العجز الكبير في المتساقطات، بحيث يُتوقع هطول 30 إلى 35 مليمتراً من الأمطار، في حين أن النقص يتجاوز 70%، إذ لم تتجاوز الكميات المسجلة 125 مليمتراً مقارنة بالمعدل السنوي البالغ 400 مليمتر. كما أشار إلى تراجع الهطولات خلال العقود الماضية، ما يهدد مستقبل الزراعة في لبنان.

مع الأمل الذي جلبته العاصفة “أسيل”، يبقى التحدي الأكبر هو تأمين استدامة القطاع الزراعي في ظل التغيرات المناخية المتسارعة. فهل يكون هذا الشتاء نقطة تحوّل تدفع نحو سياسات زراعية أكثر كفاءة، أم أن الأزمة ستتفاقم في المواسم القادمة؟