Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر March 18, 2018
A A A
المنطقة في عهدة سياسة أميركية جديدة
الكاتب: أنطوان الأسمر - اللواء

* المنطقة في عهدة سياسة أميركية جديدة ترمي إلى تصليب التحالف العربي وتحييد إيران.
لم يكن غريبا أن يتفق أكثر من سفير عربي وغربي عامل في بيروت، على أن إقالة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون واختيار رئيس وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو بديلا منه لقيادة الديبلوماسية الاميركية في أكثر اللحظات الدولية حراجة (ملفا إيران وكوريا الشمالية والصعود الصيني)، يمهد للخروج من الاتفاق النووي مع إيران بالدرجة الأولى، وأن التشكيلة الوزارية المتجددة لإدارة الرئيس دونالد ترامب تعكس نمطا جديدا في السياسة الخارجية قد يتخذ أشكالا سياسية – عسكرية، ويشكل قطعا جذريا مع السياسة التي اتبعها تيلرسون على امتداد عام ونيّف لم تحظَ برضى الإدارة ونظر اليها ترامب على أنها تعيق ما يخطط له وسبق أن أورده في خطاب التنصيب الرئاسي، وهو الذي يعتقد يقيناً أن تنفيذ ما وعد به شرط أساسي لنجاح ولايته الأولى والتأسيس عليه للولاية الثانية.

* يعتقد أصدقاء بومبيو ان علاقاته باللبنانيين في الولاية الأميركية قد تسهم في جعل وجهة النظر اللبنانية مقبولة في كواليس الوزارة.

فالناظر الجديد للخارجية يتشارك وترامب موقفه المتشدد ضد إيران وكوريا الشمالية وسبق أن تعرض للضغط في العلن حين قال إنه يدعم التقرير الصادر في كانون الثاني 2017 من قادة الاستخبارات الكبار والذي خلص إلى أن روسيا تدخلت في الانتخابات الرئاسية في 2016  في مسعى لمساعدة ترامب لهزيمة كلينتون. لكنه تحمل أيضا الانتقادات القاسية ضد وكالته من ترامب الذي اتهم تقرير الوكالة حول التدخل الروسي في الانتخابات بالكذب واتهم الوكالة بالانحياز السياسي ضده، وتمكن من النأي بنفسه عن الجدل الذي تبع التقرير. وهو قضى عاما كاملا واستثنائيا في رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية CIA، حيث تمكن من إستقطاب ثقة ترامب عبر الموجزات الأمنية اليومية، ودعم سياسته، متخطيا الإشكالات التي رافقت عامه الرئاسي الأول.

وسبق أن عمل في لجنة الاستخبارات، حيث كان عضواً في مجلس النواب عن ولاية كانساس من العام 2011 وحتى 2017، ويملك علاقات وطيدة مع لبنانيي الولاية الذين كانوا سندا رئيسا له (انتخابا وإسهاما في حملاته الانتخابية)، وهم في غالبيتهم يقطنون مدينة ويتشيتا، وهي مركز اساسي لرجال المال والأعمال، والمدينة الأكبر في الولاية، تأسست عام 1870، وبدأت استقبال لبنانيين (غالبيتهم من الأرثوذكس) في العام 1895.

* علاقة تعاضدية بين لبنانيِّي كنساس ووزير الخارجية الأمركية الجديد.. وقلق غربي من التغيير.

واللافت عمق العلاقة التعاضدية التي تربط الجالية به، إذ هو يشاركهم مناسباتهم الدينية والاجتماعية، ويحضر كفرد منهم، مما أتاح إنشاء علاقات صداقة شخصية وسياسية معه.

وثمة اعتقاد واسع ويقيني لدى المنتشرين اللبنانيين من أصدقاء الوزير الجديد، أن هذه العلاقات من شأنها أن تسهم في تطوير وتمكين السياسة الخارجية الأميركية تجاه لبنان، وأن تجعل وجهة النظر اللبنانية مقبولة في كواليس الوزارة، ويبنى عليها في ما هو متوقع من إستراتيجية جديدة سيعمل بومبيو على بلورتها في الأسابيع الأولى لتسلمه الوزارة مطلع الشهر المقبل.

ويصف المنتشرون اللبنانيون الوزير الجديد بأنه حازم في تنفيذ ما يؤمن ويعتقد به، ويتكئ على دعم غير محدود سيوفره له الرئيس الأميركي بالنظر الى الثقة التي يمحضه إياها، معطوفة على التقارب في الرؤى والسياسات، كان واضحا في السنة التي امضاها على رأس وكالة الإستخبارات المركزية. ومن شأن هذا الدعم الرئاسي أن يجعله قادرا على أن يتحرك بهامش واسع من المناورة وبمزيد من الصلاحيات في القضايا العالمية الشائكة، وعلى رأسها مسألة إيران ذات الارتباط الوثيق بالوضع في لبنان.

في سياق متصل، يبدي سفراء غربيون قلقا حيال ما ستؤول اليه السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، ربطا بمجموعة النزاعات القائمة والتي تعتقد الإدارة الأميركية أن النظام الإيراني أحد مسبباتها الرئيسة، وأن إطفاء هذه النزاعات لا بد أن يمر بطهران سلبا أو إيجابا، مع ترجيح النمط السلبي نظرا الى القناعة الأميركية بأن طهران تؤدي دورا هادما في الإقليم وزادها الاتفاق النووي شططاً.

ويعتقد هؤلاء أن الهدف المتوقع للسياسة الخارجية الأميركية هو العودة الى المنطقة من طريق تحييد ايران من جهة، وتصليب تحالف أميركي – عربي تقوده المملكة العربية السعودية من جهة أخرى من شأنه أن يعبئ الفراغ الذي سبق لطهران أن ملأته في عدد من العواصم التي جاهرت مفاخرة بالسيطرة عليها. لكن هذا الهدف يتطلب الأخذ في الاعتبار الموقف الروسي منه، إذ إن موسكو لن تفرّط بيسر بما راكمته من نقاط نتيجة انخراطها في المنطقة، وتحديدا في سوريا.