Beirut weather 14.65 ° C
تاريخ النشر June 14, 2025
A A A
المنطقة تدخل في صراع مفتوح!
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:

هي مرحلة غير مسبوقة من التصعيد بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعدو الاسرائيلي وصولا إلى الحرب التي بدأتها إسرائيل بشكل مباغت وغادر، وبخديعة أميركية واضحة قادها الرئيس دونالد ترامب الذي أوحى بأن الجلسة السادسة من المفاوضات الأميركية الإيرانية يوم الأحد المقبل هي الفيصل بين التهدئة أو التوتر، بينما كان التنسيق بينه وبين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لتوجيه ضربة قاسية لايران التي تعرضت لعمليات أمنية وعسكرية أدت إلى إستشهاد عدد من القادة العسكريين من الصف الأول وما بين ستة الى تسعة علماء نوويين، وإلحاق الأضرار بالبرنامج النووي والأبنية المدنية والسكنية ما أدى أيضا إلى سقوط شهداء من المواطنين الايرانيين.

الرد الإيراني على الكيان الغاصب بمرحلته الأولى جاء بمستوى الحدث وأثبت أن الجمهورية الإسلامية إستطاعت بسرعة هائلة إمتصاص الضربة الأولى والخروج من دائرة رد الفعل إلى الفعل، حيث تخطت الصواريخ الإيرانية الدفاعات الصهيونية والأميركية بشكل لافت إلى تل أبيب التي لم تشهد منذ قيام الكيان دمارا كالذي شهدته ليلة أمس.

هناك تفاصيل كثيرة عن الرد الإيراني لم تتضح بعد، وبمعزل عن هذه التفاصيل على أهميتها، فإن المنطقة دخلت في صراع مفتوح بعد الحرب على لبنان وإستهداف سوريا والمجازر اليومية في غزة، وبالتالي فإن أي فعل سياسي أو عسكري إسرائيلي في المنطقة يجب أن يدخل في حسابات دقيقة وأن هناك قوى إقليمية قادرة على الرد العقابي الموجع لإسرائيل.

لا شك في أن إستمرار الحرب على هذه الوتيرة التصعيدية ستتسبب بفتح العديد من الجبهات، الأمر الذي لن تقوى إسرائيل على إحتماله، وستكون أميركا ملزمة بالدخول إلى هذه الحرب بشكل مباشر مع ما يعنيه ذلك من تطور مرجح بدخول قوى دولية إليها، خصوصا أن بعضها تربطها علاقات استراتيجية وإتفاقات بايران وهي قطعا لن تسمح بأن تكون الجمهورية الإسلامية لقمة سائغة في فم الديناصور الأميركي أو الوحش الإسرائيلي.

لا يمكن القول أن موازين القوى تميل لمصلحة إيران، بل هي تميل لمصلحة أميركا وإسرائيل لا سيما في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وهذه التكنولوجيا هي التي مكنت إسرائيل من إغتيال العديد من القيادات الإيرانيين، لكن إيران المستندة إلى حلفاء دوليين وازنين والمرتاحة إلى جبهتها الداخلية المتماسكة سيجعل منها قوة لا يستهان بها وقادرة على المواجهة وإلحاق الأذى الكبير بالمنشآت الاسرائيلية وبالمصالح الأميركية.

هذا على الصعيد العسكري، أما على الصعيد الاستراتيجي، فإن ما لا يدركه نتنياهو المتغطرس والمستند إلى غياب العدالة الدولية والى الدعم الأميركي والغربي غير المحدود، أنه يوميا يوقد شعلة النضال والمقاومة، ويعزز من حضور القضية الفلسطينية، فمن يقاتل اليوم في غزة هم أحفاد أحفاد الشهداء، كما أن نتنياهو ومن معه من الطغمة الاجرامية يزرعون بذرة المقاومة عند الأجيال في لبنان وفلسطين وإيران والعراق وسوريا والأردن ومصر، وهم إن إستطاعوا أن يحققوا بعض المكاسب العسكرية، لكنهم في المقابل يخسرون الرأي العام الدولي، ويضاعفون من الأعداء لهم على إمتداد الكرة الأرضية.

في نظرة محايدة للعالم، يمكن القول إن ألق القضية الفلسطينية ليس مسبوقا منذ العام ١٩٤٨، وإنّ إسرائيل وفق المليارات من الناس هي دولة مجرمة، عنصرية وتوسعية، وهذه النظرة لها دلالات كبيرة مؤثرة عاجلا أم آجلا.

يضاف العدوان الاسرائيلي الغادر على إيران إلى السجل الأسود للكيان الغاصب وداعميه، وفي حال إستمرت الحرب على النحو الذي كان بالأمس فإنها ستضع الحجر الأساس لزوال إسرائيل، أو ربما مرحليا لطلب وقف الحرب.. وما علينا سوى الانتظار..