Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر November 20, 2016
A A A
المنطقة العربيّة من بين الأكثر تضرراً بسبب التغيرات المناخية
الكاتب: محمد الشرقي - الحياة

خيّم ظل دونالد ترامب على الساعات الأخيرة من مؤتمر الأطراف الثاني والعشرين في شأن المناخ في مراكش. ولفت رئيس المؤتمر وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، الى أن «رسالة مؤتمر الأطراف للرئيس الأميركي الجديد هي ببساطة، أن نقول: نعول على نزعتكم البراغماتية وروح الالتزام لديكم».

وستتولى فيجي تنظيم الدورة المقبلة من المؤتمر الذي سيعقد في نهاية 2017 في مدينة بون الألمانية، على أن تستضيف بولندا النسخة التالية لسنة 2018. وذكر رئيس وزرائها فرانك باينامارانا، خلال الجلسة العامة للمؤتمر: «تطلعنا الى أميركا في الأيام القاتمة خلال الحرب العالمية الثانية»، قبل التوجّه الى ترامب قائلاً: «لقد أتيتم يومها لإنقاذنا، حان الوقت كي تساهموا في إنقاذنا اليوم». وطلب باينامارانا من ترامب مراجعة «موقفه الحالي القائل إن التغير المناخي (…) خدعة».

وشكل انتخاب الرئيس الأميركي الجديد صدمة للمفاوضين في مؤتمر مراكش، الذين جاؤوا الى هذا الملتقى بهدف الاحتفاء بدخول اتفاق باريس حيز التنفيذ منذ الرابع من الشهر الجاري. وبعد الغضب والقلق، حل الترقب والرغبة في المضي قدماً في مواجهة أي عرقلة لمسار مكافحة التغير المناخي. وتعاقبت الدول الواحدة تلو الأخرى، بما فيها الصين (أكبر البلدان الملوّثة في العالم، إذ تستحوذ على 25 في المئة من الانبعاثات العالمية) والسعودية، على تأكيد احترام اتفاق باريس.

وقال المفاوض الصيني شي جينهوا، الخميس، أن «السياسة الصينية لا تتغير» و«إرادة الصين في العمل مع البلدان الأخرى لا تزال قائمة، وأعتقد أن أي زعيم واع سيسلك المسار العالمي والتاريخي» لمكافحة الاحترار. واعتبر «إعلان مراكش لمواجهة التغيرات المناخية»، أن التعاون الإقليمي والدولي في مجال خفض الانبعاثات الحرارية والتضامن مع الدول النامية والفقيرة، ومدها بالمساعدات المالية والتقنية ونقل الخبرة والتجربة، وتمويل مشاريع الانتقال الطاقوي والأمن الغذائي من خلال «الصندوق الأخضر» البالغة قيمته 100 بليون دولار سنوياً، «تشكل إحدى الوسائل الثمينة لتجنيب كوكب الأرض مزيداً من الضرر وبلوغ أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030».

وجاء الإعلان رداً على المترددين والمشككين في المسؤولية الإنسانية في مجال الأضرار التي لحقت بكوكب الأرض، حيث زادت درجة الحرارة نقطة مئوية، وأتلفت عشرات ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية، وشحّت المياه العذبة. كما تقلّص الإنتاج الغذائي واتسع النزوح الجماعي بسبب التصحر، ونمت أخطار الصراعات حول مصادر المياه المشتركة.

وعلى رغم صبغة «إعلان مراكش» الديبلوماسية، فهو يكتسي دعماً أممياً وقانونياً وأخلاقياً ملزماً لنحو 197 دولة وقعته، منها 111 دولة صادقت رسمياً على «اتفاق باريس» تمثل 77 في المئة من غازات الدفيئة الإجمالية.

وقال خبراء في قمة «كوب 22» التي اختتمت أعمالها في مراكش، أن «أي تراجع أو تباطؤ في تنفيذ «اتفاق باريس» سيجعل حرارة كوكب الأرض ترتفع من 3.4 إلى أربع درجات بدلاً من الدرجتين المطلوبتين، وستكون مناطق غير قابلة للحياة نهاية القرن الحالي». ورأوا أن من شأن «أي إسراع في الانتقال إلى الطاقات النظيفة وتحسين الإنتاج الزراعي والتعاون التقني، يزيد النمو الاقتصاد العالمي بين 0.5 وواحد في المئة سنوياً، ويعالج قضايا البطالة والتنمية». وتُقدر كلفة الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر بـ «نحو 7 تريليونات دولار، تحتاج معها دول الجنوب إلى 4 تريليونات دولار سنوياً، ومن دون تعاون دولي لا يمكن جمع هذا التمويل الذي قد يكون فرصاً للشركات العالمية للتوسع جنوباً».

وجاء في تقرير للبنك الدولي، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي «من بين أكثر جهات العالم تضرراً بالتغيرات المناخية، إذ لم يعد نصيب الفرد من المياه العذبة يتجاوز ألف متر مكعب في مقابل 4500 متر في شرق آسيا و9 آلاف في الولايات المتحدة». واعتبر أن ذلك «سيضع أخطاراً على المدى المتوسط في مجال الموارد المائية الشحيحة، ويضعف التنافسية الزراعية تحت ضغط النمو السكاني والتوسع السريع في المناطق الحضرية».

وأفاد البنك الدولي في تقرير بعنوان «خطة جديدة لدعم التصدي للتغير المناخي في العالم العربي»، بأن «درجة الحرارة ستؤدي إلى الانكماش الزراعي وزيادة البطالة في الأرياف والنزوح إلى المدن المكتظة بالسكان، فضلاً عن تلوث الهواء والأتربة، والتصحر وزيادة الأيام المشمسة والصيف الحار الذي بلغ في الكويت 54 درجة. وزاد عدد الأيام الحارقة من متوسط 4 إلى 62 يوماً في معظم الدول العربية». ولفت إلى أن ارتفاع مستوى البحر «سيتسبب بالفيضانات في المناطق الساحلية في الدلتا (شمال مصر)، وسيفضي مستوى مياه البحر إلى تسرب الملوحة إلى المكامن الجوفية ويقلص الأراضي الزراعية والمياه الصالحة للشرب». ولم يغفل أيضاً «ازدياد الأخطار البيئية ومعها الكلفة الاقتصادية والتداعيات الاجتماعية الخطيرة».

ونبّه إلى أن «عدد الفقراء سيزيد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأسباب موضوعية، وسيكون التغير المناخي أكثر إيلاماً للفئات الهشة في المجتمع».

واعتبر خبراء أن التعامل مع التغير المناخي «يختلف من منطقة إلى أخرى في العالم وفق الثقافات والأولويات، لكن عنصر التكامل الإقليمي يظل حاسماً ومفصلياً لأن مشكلة المناخ تتجاوز الحدود الطبيعية على الأرض». لذا «ستختلف النتائج المحققة عام 2030 من منطقة إلى أخرى، وفق وعي سكانها بأهمية البيئة والتأقلم مع تغير المناخ».