Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر April 6, 2017
A A A
المناقشة في البرلمان تمهّد لجلسة التمديد
الكاتب: إيلي الحاج - النهار

“ولكن مَن سوف يحاسب مَن في هذه الجلسة؟”، يسأل نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري سائله عن جلسة مناقشة الحكومة الخميس والجمعة في البرلمان،. فاعضاء الكتل والأحزاب، باستثناء الكتائب اللبنانية وبعض المستقلين، الممثلين في الحكومة، المفترض أن ينتقدوا سياساتها وأداءها ومشاريعها وأن ترد عليهم. أو ربما قصد مكاري في جوابه لـ”النهار” عبر الهاتف من خارج البلاد أن جميع القوى السياسية تقف في خانة واحدة عندما يتعلق الأمر بالمسؤولية عما وصلت إليه أحوال لبنان. فعلاً مَن سوف يحاسب مَن؟

لعلّها جلسة تنشيط لمجلس النواب مقدمة لاجتماعه من أجل تمديد ولايته مرة ثالثة. يُلاحظ نائب رئيس المجلس أن “حزب الله” متمسك بقانون الانتخابات النسبي مبدياً مرونة حيال تقسيم الدوائر فحسب، وأن “القوات اللبنانية”و”التيار الوطني الحر” يرفضان النسبية ويتمسكان بالقانون المختلط، ولا نتكلم على أطراف لم نعد نعرف ما يريدون. مَن سوف يتراجع أمام مَن؟ يسأل مكاري ويرجح أن يكون مجلس النواب ذاهباً نحو تمديد غير تقني. يقول إنه لن يشارك في تلك الجلسة الافتراضية “أنا أساساً ضد التمديد”.

إلا أن لمحيطين برئيس الحكومة سعد الحريري نظرة أخرى، يذكرون أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سأله في الاحتفال بتقليده وسام الشرف من رتبة كوموندور عن الانتخابات النيابية وأجابه بأنها ستحصل وسيكون هناك قانون جديد قريباً تجري بموجبه. يصير الموضوع أقرب إلى التبصير حين يلفت الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون إلى أن “حزب الله” لا يريد للإنتخابات أن تحصل، وإلا لكان ضغط على الأفرقاء الذين يخضعون لضغوطه في هذا الاتجاه. يذكّر الرجل الذي يعرف أوضاع الحزب والشيعة جيداً بأن نحو 20 ألفاً من كوادر الحزب هم في سوريا، وفي العادة يشكلون الماكينة الانتخابية لحزبهم ويديرونها.

والأكثرية متوافرة للتمديد في مجلس النواب حتى لو اعترض وقاطع نواب “التيار” و”القوات” والكتائب، هذا موضوع خارج البحث. يؤكد سياسيون متابعون أن رئيس الجمهورية لن يستطيع وقف هذه العملية إذا لم ينجح في إمرار مقترحه في جلسة لمجلس الوزراء وإلزام الأفرقاء الموافقة عليه، مقترح يطابق إلى حد كبير القانون الذي اعتمدته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. نسبية كاملة والمحافظة دائرتان أو أكثر أي على 14 دائرة تقريباً. والمفارقة ستكون في تلك الجلسة أن يصوّت من يُعتبرون “وزراء الرئيس” بخلاف تصويت وزراء “التيار الوطني الحر” مع وزراء “القوات”.

ولا أحد من السياسيين يمكنه تصوّر مآل التحالفات والتفاهمات إذا اندلع خلاف كبير في الرأي بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب على التمديد غير التقني. قلة منهم تدرك أن الرئيس عون كان يعني تماماً قوله “لا تخوفوني بالفراغ”. هو فعلاً لا يخافه بدليل ما جاء في كتب التأريخ عن مواقفه ونظرته إلى الحلول لأزمات لبنان. أحد هذه الكتب للإعلامي الفرنسي آلان مينارغ بعنوان “أسرار الحرب اللبنانية” يروي أن الكولونيل ميشال عون الذي كان في الفريق المخطط لوصول الرئيس بشير الجميّل إلى السلطة أورد سيناريو عدم انتخاب خلف للرئيس الياس سركيس وأخذ السلطة عنوة لتجنب المساومات مع سياسيين سوف يعترضون على رؤية بشير إلى الدولة والنظام، وفي كتاب العميد فؤاد عون “الجيش هو الحل” الذي عكس إلى حد كبير وجهة نظر قائد الجيش آنذاك يتكرر اقتراح الفراغ بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميّل للوصول إلى السلطة، وفجر 4 تشرين الثاني 1989 حلّ عون مجلس النواب بصفته رئيساً للحكومة الانتقالية يتولى صلاحيات رئيس الجمهورية لمنعه من انتخاب الرئيس رينه معوض، وبعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود الممددة في 23 تشرين الثاني 2007 لم يخشَ عون فراغاً فرضه مع حليفه “حزب الله” وقضت تسوية الدوحة بأن يملأه قائد الجيش الذي خلف لحود وعون في اليرزة الرئيس ميشال سليمان، وفي نهاية فرصة الفراغ الخامسة التي استمرت سنتين وستة أشهر انتقل الجنرال من الرابية إلى قصر بعبدا مجدداً. نجحت نظرية أن فراغ المؤسسات أفضل من ملئها بأي كان وبأي شكل، حين لا تكون هذه المؤسسات ملائمة لمصلحة الوطن كما يراها القائد الذي يحظى بثقة غالبية شعبه.