Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر August 10, 2023
A A A
المكاري في توقيع كتاب فارس ناصيف “كميل شمعون الحرية والمقاومة”: سعى الى ترسيخ مكانة لبنان وحيّده عن الصراعات الدولية

وقع المهندس فارس ناصيف الجزء الأول من كتاب “كميل شمعون الحرية والمقاومة” الصادر عن دارسائر المشرق برعاية وحضور وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري في مركز “لقاء” في الربوة. وحضرت حفل التوقيع الى آل ناصيف شخصيات فكرية وثقافية واقتصادية وحزبية وروحية وإعلامية.

المكاري
بعد النشيد الوطني اللبناني، قدمت الحفل يولا عبود التي رحبت بالحضور “في هذه الأمسية الثقافية التاريخية حول كتاب المهندس فارس ناصيف، لرجل من عمالقة لبنان، الحر والمقاوم، فخامة الرئيس كميل شمعون”.

ثم استهل الوزير المكاري كلمته برواية ما جرى أثناء سفره منذ نحو سنة الى اليونان فقال: “أتردد على اليونان وأشتري الأيقونات من سوق قديم في أثينا، وفي المرة الأخيرة التي زرتها فيها، قدم لي البائع في المتجر الذي غالبا ما أتردد عليه، صورة للرئيس كميل شمعون لأنني لبناني. وقال لي إن وجهه يعني لنا الكثير كيونانيين لأن علاقته كانت قوية جدا باليونان”. وعلق مكاري: “أنظروا أين كنّا وأين أصبحنا”.

أضاف: “إرتضى المهندس فارس  ناصيف لنفسه مهمة شاقة عندما تخلى عن إختصاصه العلمي وإقتحم مجالات العمل البحثي لإنجاز مؤلفه “كميل شمعون حرية ومقاومة 1955-1958″ الصادر عن دار سائرالمشرق. أقول مهمة شاقة، ليس لكونها تجربة بحثية عن شخصية مفصلية في تاريخ لبنان، بقدر الجهد الذي بذله المؤلف من إماطة اللثام عن وثائق سرية من الأرشيف الأميركي، تكشف الكثير من الخفايا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وعشية بدء عصر الحرب الباردة التي كانت لها إنعكاسات على تاريخ لبنان المعاصر”.

وتابع: “فارس ناصيف إبن دير القمر، أزاح الهندسة جانبا لينجز 11 فصلا زاخرة من خفايا تاريخ لبنان المعاصر، وقام ببذل جهود جبارة على مستوى جمع المعلومات من أرجاء  العالم كي تصبح الحقائق التاريخية متاحة أمام الرأي العام دون إجتزاء او تحيز بهدف التبصر في كيفية التوصل الى صيغة وطنية جامعة، فكلنا يعرف بأن استقرار لبنان منوط بمناخ توافقي في أرجاء العالم، ولا أبالغ في القول في اعتبار “سلام لبنان سلام العالم”.

وأردف المكاري: “عند التصفح في أرجاء الكتاب، أكثر ما يلفت حقيقة ربما غائبة أو مغيبة، تتمثل بحرص الرئيس الراحل كميل شمعون على تحييد لبنان عن الصراعات والإنقسامات الدولية. عهد شمعون كان صاخبا بكل المقاييس، حيث انقسم العالم حينها بين معسكرين شيوعي وغربي وأدى الى إنطلاق ما أسفر عن اندلاع ثورات وتغيير أنظمة في أرجاء الساحة الدولية وشكل لبنان الأرض الخصبة في ظل عدم الإتفاق النهائي على هوية وطنية موحدة وأسفرت حدة التناقضات داخل المجتمع اللبناني الى نشوء جولات عنف كانت نماذج مصغرة لانفجار الحرب الأهلية في العام 1975”.

واعتبر أن أهمية الكتاب أو “الإنجاز” الذي حققه ناصيف “تكمن في الكشف بأن شمعون سعى الى ترسيخ مكانة لبنان على الساحة الدولية وإعلاء شأنه وتحويله الى وجهة عالمية يزورها سياسيو العالم ورؤساء الدول العربية الغربية”. وقال: “هذا يناقض الى حد بعيد، الانطباع السائد عن محاولة إلحاق لبنان بمعسكر الغرب ومعاداة التجربة الناصرية واليسار العالمي”.

أضاف: “ننتظر بشغف الأجزاء الباقية في كتاب ” كميل شمعون” انطلاقا من إعجابنا بالعمل التوثيقي الذي أنجزه الصديق فارس ناصيف خصوصا أن التاريخ في لبنان وجهة نظر وغالبا ما يتم توظيفه في أغراض سياسية أو طائفية أو مذهبية”.

وختم: “أحب لو أننا نأخذ درسا وعبرة من عهد الرئيس كميل شمعون الذي ربما يعارضه كثير من اللبنانيين، ففي عهده شهدنا ثورة 1958 التي أدمعت كثيرين في زغرتا، ولكن لا أحد يستطيع إنكارحضور هذا الرجل ومكانته في الشرق الأوسط والعالم وهو الذي عرف بلقب فخامة الملك، فأين كنّا وأين أصبحنا”.

مراد

وشدد البروفسور عماد مراد على أن “السبب الاول والأهم لدراسة التاريخ في المدارس والجامعات هو بناء المستقبل، ولنتعلم من أخطاء الماضي كي لا نكررها في المستقبل أو نرى حسنات تصرفات آبائنا وجدودنا ونتمثل بها ونحسنها ونطورها في المجتمع، وهذا ما فعله ولايزال، فارس ناصيف في هذا المؤلف وفي مؤلفاته الأخرى”.

وقال: “في 30 آذار 1949 حدث في سوريا، وكانت الإنقلابات فيها كثيرة، أن انقلب حسني الزعيم على شكري القوتلي وخالد العظم ووضعهما في الإقامة الجبرية وكنا في عهد الرئيس بشارة الخوري واستدعى زعماء مسلمين لبنانيين، هم كمال جنبلاط، عادل عسيران وعبد الحميد كرامي، مجلسا جنبلاط عن يمينه ولهذا معنى، وكرامي وعسيران عن يساره، داعيا إياهم الى الإنقلاب على السلطة، والحكم والنظام، على التقليد اللبناني، على الحرية اللبنانية وعلى المقاومة اللبنانية التي عمرها 1400 سنة، على أن يؤمن الدعم لهم بالمال والرجال وكل ما يحتاجونه ماديا ومعنويا، غير أن الزعماء الثلاثة انسحبوا من دون إعطاء جواب”.

وتابع: “عام 1958 ثورة أم مؤامرة؟ هذه هي الإشكالية التي طرحها المؤلف: نعم كانت مؤامرة ليس على شخص كميل شمعون بل من أجل تغيير نمط الحياة الذي يعيشه اللبناني، الذي يعيشه الماروني والمسيحي، وقد انتصر له الرئيس شمعون بعد 1958. وليس صحيحا أننا خرجنا “لا غالب ولا مغلوب” مع فؤاد شهاب. لقد خرجنا بغالب هو النظام اللبناني، الحكم اللبناني، الحرية اللبنانية. فقد قاوم الرئيس شمعون والأفرقاء الذين كانوا معه التدخل الخارجي، ولذلك فإن انتخاب فؤاد شهاب يعد إنتصارا لمبدأ الحرية والمقاومة”.

وأكد على أنه “في نهاية عهد كميل شمعون الناجح والزاخر بالإنجازات التي وردت في الكتاب يتأكد أنه ليس مجرد سياسي بل هو رجل دولة يعمل لصالح الدولة ولصالح الوطن في حين أن رجل السياسة يعمل لصالح شخصه، حزبه ومجموعته”.

وشكر في الختام فارس على مؤلفه وهنأه على “مركز الأبحاث الذي سيتعاون فيه معه ومع ناصيف من أجل إبراز صورة لبنان الحضارية، ومن أجل سبر غور نجاح تجربة المتصرفية عبر دراسة مقالات أوروبية فرنسية وإنكليزية، والتي عاشها اللبنانيون مجددا في عهد كميل شمعون”.

سعد
بدوره، عبر مدير دار سائر المشرق الصحافي أنطوان سعد عن “إطلاق كتاب سيحقق حتما نجاحا ورواجا كبيرين لارتباطه بشخصية إستثنائية تذكر كل يوم تقريبا، رغم وفاته قبل ستة وثلاثين عاما، ولكشفه وثائق أميركية تنشر للمرة الأولى في لبنان”. وقال: “إن دار سائر المشرق تراهن على هذه السيرة الموثقة لإعادة الإعتبار لنهج أثبت جدواه عند الإمتحان وتحتاجه الفكرة اللبنانية التي بات معظم الأطراف في لبنان يشككون بها وبقدرتها على الحياة، فمستقبل شعبنا وإرثنا وحضارتنا برمتها اليوم على المحك ما لم نتوصل الى صيغة لبناء دولة تحفظ لجميع أبنائها حقهم في العيش كما يريدون من غير خشبة موروث أو تقليد أو منظومة إيديولوجية تفرض عليهم ما لا يرتضونه لهم ولأبنائهم”.

وأشار الى أنه “منذ نهاية عهد الرئيس كميل شمعون انزلقت الحياة السياسية اللبنانية الى مبدأ التراضي في الأمن والسياسة والإنماء وأخذ القرارات المتعلقة بالخير العام تحت عنوان مراعاة الأطراف التي تمثل الأكثريات الشعبية، ولو على حساب السيادة والخير العام والصواب والحق والعدالة والمشاعات وحتى الملكية الخاصة، جرت التضحية بها كلها في أحيان عديدة بغية الحفاظ على السلم الأهلي وتجنبا لحسم وفرض القانون”.

وتابع: “كانت النتيجة أن الذهاب في هذا المنطق الى النهاية أودى بالبلد الى اتفاق القاهرة وسقوط منطق الدولة وبروز واقع الدويلات المسلحة التي جرت لبنان الى الحرب ولا تزال تعيق قيام الدولة واستعادة لبنان مكانته المميزة التي باتت تقضي باستنباط دور جديد بعدما سلبه محيطه أدواره الماضية”.

وقال: “كي لا نظلم التجربة الشهابية، علينا الإقرار بأنها كانت تعبر عن تيار يقول بالإستعاضة عن السياسة الشمعونية الليبرالية التي لم تحصد السلام المنشود، بسياسات تنموية وإصلاح مؤسسات الدولة وتطويرها، وباتباع سياسة خارجية تماشي الراديكالية الغربية – الإسلامية الناصرية، لاسترضاء الجماعات الإسلامية الحذرة من التجربة اللبنانية المنطلقة قبل عقد من الزمن”.

ورأى في الختام أن “عمل الأستاذ ناصيف الذي يجعلنا كباحثين نخجل من تقصيرنا في إعادة النهج الشمعوني الليبرالي الوطني العابر للطوائف وغير الطائفي، الى الواجهة ، ويحفزنا على استلهام هذه التجربة المميزة وبلورة حراك سياسي ليبرالي يعيد الإعتبار للبنان ودوره السياسي البارز في لبنان والمنطقة والعالم”، معبرا عن “اعتزاز وفخر دار سائر المشرق بتقديم الجزء الأول من كتاب “كميل شمعون الحرية والمقاومة”.

المؤلف

من جهته، تحدث ناصيف عن محتوى كتابه “الذي يتضمن معلومات كثيرة عن الرئيس شمعون”، وأشار الى انه استند الى “أرشيف في شيكاغو  والى 70 مرجعا”. وقال: “اكتشفت أن لبنان في العام 1945 كان يحتل المرتبة الاولى في التقدم بالطيران وكان كميل شمعون آنذاك  سفيرا للبنان في عصبة الأمم وهو الذي أجرى اتصالاته لإقامة مطار بيروت، ومن هنا بدأت أجمع المعلومات والمراجع عن الرئيس كميل شمعون”.

أضاف: “كتابي هذا ليس تقليديا لأن معظم مراجعي غير محلية، والموقف السياسي الأول للرئيس كميل شمعون كان عام 1920 إبان مجزرة حصلت في عين إبل ضد المسيحيين، وفي العام 1929 كان مندوبا في الانتخابات النيابية الى أن اصبح نائبا عن الشوف عام 1933 وأسس الكتلة الدستورية مع بشارة الخوري، وتدرج في مكتب إميل إدة، وكان شمعون أب الاستقلال عام 1943”.

وتحدث ناصيف عن “شخصية كميل شمعون التي كونها في الخارج من خلال صداقاته مع أيزنهاور وشارل ديغول وستالين وفرانكو وغيرهم، كما ساهم شمعون في ازدهار لبنان من خلال مشاريع كثيرة، كذلك تمكن من تحقيق الجلاء العسكري البريطاني والفرنسي عن لبنان. وعندما أصبح رئيسا للجمهورية حيد لبنان عن كل ما يدور من حوله وكانت عبارته الشهيرة “لبنان ذو وجه عربي ولكنه لا يعادي الغرب”.

واعتبر أن “كميل شمعون كان محايدا وكان يصنع وطنا وأنجز 5600 مشروع 70 في المئة منها خارج المناطق المسيحية”، لافتا الى أن “مذكرات أيزنهاور وشارل ديغول أظهرت انتقال كميل شمعون الى مرحلة الدفاع عن فلسطين، وعقد اكثر من 20 اجتماعا من أجل تحييد لبنان ولم يوقع على أي شيء”.

وأشار الى أنه “قبل مغادرته الحكم بأسبوعين أسس حزب الوطنيين الاحرار لأنه كان يدرك ما الذي سيحصل، لذلك الجزء الثاني من تاريخ كميل شمعون من العام 1958 الى ال 1964 حمل لواء المقاومة وانتقل بشخصيته وذهنه من الحياد والمطور للدولة اللبنانية الى الرادع الديبلوماسي والسياسي وسيكون الجزء الثالث عن كميل حامل لواء المقاومة مع نمور الاحرار. فكميل شمعون بعد العام 1964 واتفاق القدس قرر المواجهة فألف كتيبة النمور التي بدأت التدرب بالخشب وهي التي انقذت  لبنان”.

وخصص ناصيف في كتابه فصلا عن السيدة زلفا التي أسست جمعيات إنسانية ما زالت تعمل حتى اليوم كما حملت البارودة مع زوجها.

ممثل الأحرار
من جهته قال ممثل “نمور الأحرار” المهندس نبيل ناصيف: “تاريخ من تاريخ، هكذا يليق بفخامة الرئيس كميل نمر شمعون عظيم الشرق كما أطلق عليه الملوك والرؤساء والزعماء. لقد ثبت في وجدان اللبنانيين الإلتزام بوطن بعيد عن الطائفية التي نعاني منها في يومنا هذا”.

أضاف: “إنجازاته الكبيرة سياسيا واقتصاديا وعمرانيا ودوليا هي التي وضعت لبنان في مصاف الدول المتقدمة. لقد أعطى من ذاته الكثير ليزيد في ذواتنا فكان سدا منيعا بوجه الغزاة مثبتا فينا المناعة والإلتزام. وكان الحبيب داني يسلك الطريق ذاتها فعملت أيدي الغدر والإجرام من داخل مجتمعنا على خطفه من بيننا”.

ورأى أن “ذكرى الرئيس شمعون ومدرسته يجب أن تظل محفورة في أذهاننا كي نستنير بها خاصة في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها الوطن”، مشيرا الى أن “أحد مسؤولي الحزب السابقين في الخارج قال في حينه إن حزننا وأسانا على فقدان الرئيس شمعون لا يوازيه إلا خوفنا على لبنان من بعده”.

وقال “إن النمور- رفاق داني شمعون قد عقدوا العزم على متابعة الطريق رغم الكثير من الصعوبات التي تواجههم حفاظا على تعاليم الرئيس شمعون ومدرسته الخالدة”، شاكرا “المهندس الأستاذ فارس ناصيف إبن دير القمر الحبيبة الذي قام بهذه المبادرة الإستثنائية نيابة عن كثيرين لتخليد ذكراه”.

وفي ختام الحفل، شرب الجميع نخب المناسبة ووقع المؤلف كتابه.