Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر November 25, 2016
A A A
المقاومون أرز لبنان الشامخ
الكاتب: العلامة الشيخ عفيف النابلسي - البناء

كثيرة هي الاحتفالات والندوات التي تُقام بمناسبة عيد الاستقلال على مختلف المناطق اللبنانية.

ولا شك في أنّ هذا الأمر جيد. فهذه المناسبة تُشكل معلماً من معالم السيادة الوطنية التي يجب على جميع اللبنانيين حمايتها من الأخطار، وفرصة للوحدة التي تُعّد الركن الأبرز في بقاء الوطن.

ولكن هذه المناسبة تبدو أيضاً صرخة تحذير للطبقة السياسية أكثر منها مناسبة للاحتفالات الاستعراضية الشكلية.

صرخة تعيد التنبيه أولاً إلى أنّ الفساد المستشري الذي يشعر معه المواطن بالإهانة المستمرة نتيجة ضعف الخدمات الحياتية الأساسية لن يُبقي أي معنى للاستقلال.

وثانياً: إنّ هذه الطبقة في معظمها لا علاقة لها بالجهد الذي يجب أن يُبذل لحماية لبنان واستقلاله، وقد لاحظنا ذلك أمام التحدّي الإسرائيلي والتكفيري، فكانت خارج الميدان والأرض والرؤية والرسالة والثبات الوطني. حتى هذه الساعة، فإنّ السياسات المتبعة هي سياسات تدميرية تجعل من السهل اختراق البلد وسيادته سواء على المستوى السياسي أو الأمني، بينما الحريص فعلياً على حماية الوطن والسلم الأهلي وقدم التضحيات الجسام ليبقى هذا البلد حراً كريماً لا يُذكر في كلّ هذه الاحتفالات.

حينما يتعلق الأمر بحزب الله وبالمقاومين هناك دوماً لغة ثانية. يأتي مَن يتقدّم صورة الاستقلال البروتوكولية، أما المضحّون الحقيقيون فهم خارج هذه الصورة. فاليوم لا أحد يقدّم لهم التحية على تضحياتهم وتفانيهم في سبيل هذا اليوم الوطني الكبير. إنْ كانت هناك قيامة للبنان فهي بفعل هؤلاء المقاومين وقيادتهم، قيامة معبّدة بالدم والصمود والوفاء الذي ما بعده وفاء.

ما زال المقاومون على الحدود في ظروف قاسية وشديدة يقاتلون العدو الصهيوني والتكفيري ويحمون هذا البلد بأهله، ومع ذلك لا ذكر لهم في خطابات التمجيد والتحميد.

فإذا كان التاريخ سابقاً قد ظلم رجالات الاستقلال الحقيقيين الذين ضحوا بدمائهم من أجل الوطن، فإننا نعيش اليوم الظروف نفسها. في ماضي الاستقلال الأول لا ذكر للسيد عبد الحسين شرف الدين وأدهم خنجر وصادق حمزة ومن وقفوا في وجه الفرنسيين وثاروا عليهم، تماماً كاليوم يمرّ عيد الاستقلال ولا نجد كلمة للشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي وعماد مغنية وبقية الشهداء الذين لولا دماؤهم لما كان بقي وطن اسمه لبنان.

لذلك وفي عيد الاستقلال تحية لكلّ المقاومين الذين يحمون بلدنا من الأخطار. تحية لهم لأنهم هم الاستقلال الحقيقي والحرية الحقيقية والسيادة الحقيقية.

المقاومون هم أرز لبنان الشامخ، هم بياض الوطنية النقي، هم أحمر الشهادة، هم هذا العلم الذي ملأ الخافقين.