Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر November 14, 2017
A A A
المغرب نجم تصفيات كأس العالم
الكاتب: شربل كريم - الأخبار

كانت حصة العرب من البطاقات المونديالية ممتازة، لكن منتخب المغرب سرق أكثر من أيِّ أحدٍ آخر الأضواء، لا بل بات حديث العالم بعد عبوره بطريقة رائعة جداً إلى روسيا، في خطوةٍ كانت متوقعة بالنسبة إلى متابعي الكرة المغربية في الأعوام الأخيرة، إذ ما انفكت تسير في طريق التطور السريع.

خسارة وحيدة كانت أمام أحد طرفي نهائي كأس العالم 1998، أي منتخب البرازيل، وضعت المغرب خارج المونديال. إقصاء لم يكن خيبة، وخصوصاً أن المغاربة ساروا على درب التقليد القديم بعكسهم صورة طيبة في مشاركاتهم المونديالية، وخصوصاً بعدما تعادلوا مع النروج 2-2، ثم خرجوا رغم فوزهم على اسكوتلندا 3-0 في ختام مشوارهم، وذلك بسبب الفوز الغريب للنروجيين على البرازيليين 2-1 في الجولة الختامية للمجموعة الأولى.

أسماء قادها المدرب الفرنسي هنري ميشال، وبقيت في الذاكرة، مثل الحارس دريس بنزكري، والقائد الصخرة نور الدين نايبت، والنجم مصطفى حجي، ويوسف شيبو وعبد الجليل هدّة وصلاح الدين بصير وغيرهم.
اليوم، مع مدربٍ فرنسي آخر، هو هيرفيه رينار، ستعود المغرب لتسجل حضوراً مونديالياً جديداً، ولتقدّم أسماء على ما يبدو قادرة على محو ذكريات كل نجمٍ سبق أن مرّ على منتخب «أسود الأطلس» سابقاً، فما فعله المغاربة في التصفيات الأفريقية الخاصة بمونديال روسيا 2018 ليس بالشيء العابر، أقله بالنسبة إلى أقرانهم الأفارقة والعرب، أو بالنسبة إلى خصومهم الأقوياء الحاليين والمستقبليين، الذين بلا شك يرون في المنتخب المغربي واحداً من أكثر المنتخبات إثارة ومتعة في عالم المستديرة.
إذاً بعد 20 سنة على تلك النكسة في فرنسا، عاد المغرب أقوى من أي وقتٍ مضى. قوة كان بالإمكان لمسها في المباراة أمام مالي (6-0) والغابون (3-0)، حيث يمكن الانطلاق منهما للحديث عن قوة المنتخب المغربي، الذي يتمتع أفراده بالعناد والشراسة التي تطبع الروح الأفريقية الشمالية من جهة، والأفريقية الخالصة من جهة أخرى.
وعند استعادة شريط المباراة الثانية خصوصاً، تظهر هذه النقطة في طريقة تعامل المغاربة مع خصومهم من حيث الانقضاض عليهم بنحو يشلّ حركتهم، إذ تكرر أكثر من مرة مشهد ضغط ثلاثة لاعبين مغاربة على أيّ لاعب يحاول التصرف بالكرة من منتخب الغابون…
وتكثر الأسباب في وصف ما كان وراء هذه العودة المغربية الكبيرة إلى حجز مكان بين كبار العالم، وبطريقة لم يقدم عليها أحد في تصفيات مونديالية نارية وصعبة ومليئة بالألغام.

الواقع أن المنتخب المغربي، رغم خروجه من ربع نهائي كأس الأمم الأفريقية الأخيرة أمام مصر، بدا في كل مبارياته ضمن التصفيات متخلصاً من عقدة الفوقية التي سجلها عليه خصومه في الأعوام الماضية، فشَلّ «الثعلب» و«أسوده» «أفيال» ساحل العاج، وخرجوا سالمين ومثاليين من مجموعة كان من الصعب قبل انطلاق التصفيات توقّع ما ستحمله للموجودين فيها.
وطبعاً كان لرينار دوره في هذا الإطار، ففي وقت قد لا يعيد فيه البعض الفضل لهذا المدرب بعد كل ما حصل من تألق للاعبيه، فإنه يحسب له أنه عمل على تصحيح أخطاء عددٍ لا يستهان به من المدربين الذين سبقوه إلى هذه المهمة التي تسلّمها منذ نحو عام ونصف. فصحيح أن التشكيلة المغربية تعجّ بالنجوم اللامعين في أوروبا ومع أندية كبرى فيها، لكنّ رينار يستحق خلافة الراحل برونو ميتسو وحمل لقب «الساحر الأبيض»، فهو تخطى البداية الصعبة ووضع الأساس الصُّلب لمنتخبٍ يؤمن بفلسفته، فكان له ما أراد.
منتخب لا يستند أصلاً فقط إلى أولئك الذين نشأوا كروياً في «القارة العجوز» مثل النجم الجديد حكيم زياش أو نبيل ضرار ويونس بلهندة ومهدي بنعطية أو أشرف حكيمي، بل إلى عملٍ بدأه المغاربة قبل وصول رينار، ويتمحور حول تعزيز وضع الأكاديميات في البلاد من خلال تحسين البنى التحتية الكروية التي صوّبت على أهدافٍ عدة، أولها عكس صورة طيبة عن البلاد الساعية إلى تنظيم المونديال مستقبلاً، وثانياً إلى مواكبة دوري المحترفين الذي يوفد عشرات اللاعبين سنوياً إلى أوروبا فيعودون بنضجٍ ممتاز للدفاع عن ألوان المنتخب، وثالثها خلق المساحة للجيل الجديد ليحصل على نشأة صحيحة بدأت مفاعيلها تظهر على ساحتي الأندية والمنتخبات.
وفي هذا الصدد لا يمكن فصل فوز الوداد البيضاوي بدوري أبطال أفريقيا أخيراً عن هذا الجو، فمع جاره الرجاء خرق «التشكيلة الأوروبية» لرينار من خلال لاعبين عكسوا أيضاً تأثير العمل المحلي على الإنجاز المحقق، بشكلٍ متوازٍ مع الأكاديميات التي بدأت تدرّ جوارها إلى أوروبا على غرار لاعب ليل الحالي حمزة منديل.
إذاً هو عمل عميق ترافق مع وصول مدرب استثنائي ووجود جيل ذهبي لن يترك في روسيا مناسبة إلا وسيذكر من خلالها أن المغرب ليس مجرد عابر في المونديال.

المغاربة يسخرون من فان باستن
ردّت وسائل الإعلام المغربية على النجم الهولندي السابق ماركو فان باستن بسخرية بعد حسم منتخبها الوطني تأهله إلى مونديال 2018، وذلك بعد أن وصف الأخير في وقت سابق اختيار حكيم زياش تمثيل المغرب بـ «الغبي». واستغلت وسائل الإعلام المغربية هذا التأهل وتألق زياش لتردّ على فان باستن الذي وصف اختيار لاعبه السابق في هيرينفين، تمثيل المغرب بدلاً من «الطواحين»، هولندا، إذ نشرت مقالات ساخرة، تشير فيها إلى أنه لو عمل زياش بنصائح فان باستن، لشاهدا سوياً مباريات مونديال روسيا خلف شاشات التلفاز، بعدما فشل المنتخب البرتقالي في حجز بطاقة العبور إلى المونديال.
*


عكس المغرب دائماً صورة طيبة في مشاركاته المونديالية (إيسوف سانوغو – أ ف ب)
**