Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر July 3, 2025
A A A
المطلوب حل أو إدارة الأزمة؟
الكاتب: صلاح سلام

كتب صلاح سلام في “اللواء”:

عشية وصول السفير توم باراك إلى بيروت يوم الإثنين المقبل، يجد لبنان نفسه في مواجهة استحقاق سياسي وأمني مفصلي، هذه المرة عبر الرد على المقترحات التي حملها الموفد الأميركي، والتي تندرج في إطار مسعى ديبلوماسي لتفكيك التوترات على الجبهة الجنوبية، وتسريع خطوات معالجة سلاح حزب الله والإنسحابات الإسرائيلية، وفق مقاربة «الخطوة مقابل الخطوة».
لكن بين من يرى في هذه المبادرة فرصة لتفادي الانزلاق نحو حرب مدمرة، ومن يعتبرها مجرد إدارة مؤقتة للأزمة لا تلامس جذورها العميقة، تتباين الآراء داخل المؤسسات اللبنانية وبين القوى السياسية الفاعلة.
لبنان الرسمي يقف حتى الآن عند حدود الترحيب بالمبادرة كمحاولة لضبط التصعيد، لكنه لم يبلور بعد موقفاً واضحاً منها، خصوصاً وأن المقترحات تتطلب توافقاً داخلياً غير متوافر حالياً، في ظل انقسام حاد حول مسألة سلاح حزب الله، ودور الدولة في قرار السلم والحرب. فهل المطلوب إدارة الأزمة وتدوير زواياها، أم البحث فعلاً عن حلول جذرية تُعيد ترتيب الأولويات، وتستعيد الاعتبار للدولة ومؤسساتها؟
يرى البعض أن التجاوب مع مقاربة باراك قد يفتح الباب أمام مسار تفاوضي أوسع، يبدأ بتثبيت الهدوء الحدودي، وإنهاء الإحتلال للنقاط الخمس، وحسم هوية مزارع شبعا، وينتهي إلى نقاش أكثر جدية حول استراتيجية للأمن القومي طال انتظارها. في حين يخشى آخرون أن تنزلق البلاد إلى جولة جديدة من الحروب مع العدو الإسرائيلي في حال بقي السلاح خارج الدولة، الأمر الذي من شأنه أن يُدخل البلاد والعباد في دوامة جديدة من الإحباط والإنهيارات.
الحقيقة أن أي رد لبناني فاعل يجب أن يتجاوز مجرد التفاعل الظرفي مع المقترحات الأميركية، ليطرح رؤية متكاملة تقوم على ثلاث ركائز: أولاً، تثبيت سيادة الدولة على كامل أراضيها؛ ثانياً، حصر القرار العسكري بمؤسساتها الشرعية؛ وثالثاً، إشراك جميع المكونات في نقاش داخلي حول مفهوم الأمن القومي ودور لبنان في محيطه.
بين إدارة الأزمة أو البحث عن حلول، الفرصة ما زالت قائمة، لكن الوقت يضيق. ولبنان مدعو اليوم، قبل الغد، إلى الخروج من سياسة التردد والانتظار وردود الفعل، والانخراط في صياغة خياراته بوضوح، حفاظاً على استقراره وسيادته ومستقبله، وتجنباً لمزيد من المآسي والكوارث.
فهل تصل مشاورات الرؤساء الثلاثة إلى الحل المنشود، أم تبقى تدور في زواريب إدارة الأزمة؟