Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر June 2, 2024
A A A
المطران عودة: نحن أمام تعطيل مشبوه يساهم في تفكك السلطة وتحلل الدولة

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: أزمة إنسانيتنا اليوم أن الإنسان بطبعه كائن يعطش إلى الله، لكن الخطيئة، حينما تسود، تحجب الشوق الأصيل فيه إلى الإرتواء من النعمة الإلهية، فيضيع هدفه، وينسى غاية وجوده، أي أن يصير ابنا لله. يحيد عن مسيرة الإتحاد بخالقه، وهذا الإنفصال الروحي عن مبدأ الحياة ينعكس على علاقة الإنسان مع ربه، التي، إن وجدت، تقتصر على لون خارجي من التدين والعبادات العقيمة التي لا مفاعيل حقيقية لها في حياة الإنسان أو مجتمعه. تصير تدينا شكليا لا يروي ظمأ صاحبه ولا يؤهله لخدمة قريبه وإرواء عطشه. إذا نظرنا بتمعن إلى ما حصل عند بئر يعقوب، ندرك أن ينبوع الحياة، أي كنيسة المسيح المجيدة، ما برحت تسقي المؤمنين وتروي حياتهم. لكن، على كل منا أن يطلب «الماء الحي» كل يوم حتى لا نجد أنفسنا محرومين من حضور الله في حياتنا. وكما أن المرأة السامرية أرادت أن تتعرف على المسيح، فسألته: «أعطني هذا الماء كي لا أعطش» (يو 4: 15)، هكذا نحن أيضا مدعوون أن نطلب إلى الله، كل يوم، أن يمنحنا «ماءه الحي»، حتى يحفظنا ويثبتنا خلال هذه الأوقات الصعبة التي نعيش فيها”.

وتابع: “يا أحبة، بعد نقاش طويل مع يسوع أدركت السامرية أنها أمام كائن مختلف، أمام من قد يكون المسيح، «فتركت جرتها ومضت إلى المدينة وقالت للناس: تعالوا انظروا إنسانا قال لي كل ما فعلت. ألعل هذا هو المسيح». لم ترد فقط خلاص نفسها بل أرادت خلاص الجميع حولها. مشكلتنا في لبنان أن كل زعيم أو مسؤول، وكل حزب أو جماعة، وكل إنسان لا يطلب إلا ما لنفسه، وما يناسب مصلحته ويغذي كبرياءه وعطشه للسلطة وجشعه للمال. إذا تصرف الفقير والجائع والمحتاج بهذه الروحية قد نبرره بسبب حاجته. أما أن يتصرف القادر هكذا فيلام لأن القدوة تأتي من فوق، من الكبير أو الأكبر والأقوى والأقدر. نحن بحاجة إلى نفوس كبيرة تتولى السلطة والقيادة وترسي ثقافة البناء والعطاء، ثقافة النزاهة والكفاءة والأخلاق، حتى تبنى الدولة وترسخ قواعد الديمقراطية وصلابة المؤسسات. فإذا ما غاب الكبار يبقى البلد بقوانينه ومؤسساته وقضائه”.

وقال: “نحن نعيش نقيض ذلك. فبعد استغلال النفوذ لسنوات، والتلطي وراء المراكز من أجل استنفاد خيرات البلد وتخطي قوانينه، واتخاذ القرارات التي تناسب المصالح ولو على حساب المصلحة العامة، ها نحن أمام تعطيل مشبوه لانتخاب رئيس، يساهم في تفكك السلطة وتحلل الدولة. وما يفاقم الوضع تقاعس السلطة عن البحث الجدي عن حل للمشاكل العديدة التي تنغص حياة اللبنانيين وأولها انهيار الإقتصاد وكيفية إعادة أموال المواطنين، والحرب التي يتحمل نتائجها اللبنانيون دون موافقتهم عليها، وتردي الأخلاق، والفوضى التي تعم قطاع التربية، وضياع الطلاب نتيجة القرارات العشوائية التي تساهم في تدني مستوى التعليماللبنانيون، مسؤولين ومواطنين، ارتكبوا ويرتكبون أخطاء كثيرة في حق وطنهم، لكن الوضع لم يعد يحتمل وعلى الجميع تدارك الأمر. أما النواب فعلى عاتقهم مسؤولية تاريخية في تطبيق الدستور دون مواربة، وانتخاب رئيس في أسرع وقت لكي تعود المؤسسات إلى العمل المنتظم المنتج المبني على الصدق والأمانة وابتغاء الخير العام”.

وختم: “دعوتنا اليوم أن نشهد مثل المرأة السامرية أن المسيح هو الإله الحي، وأن عنده، هو وحده، ماء الحياة الأبدية والرحمة العظمى، وأن نكثف طلبنا للماء الحي، لكي تبقى حياتنا مليئة بنعمة الروح القدس، فننقل المحبة والفرح لكل من يلتقينا ويعرفنا”.