Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر May 19, 2021
A A A
المطران عطالله حنا لموقع “المرده”: الصمت الدولي اشتراك في الجريمة وخطر محدق بالحضور المسيحي في الارض المقدسة
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

لم يندمل بعد جرح فلسطين، تلك التي صاحبها العذاب ونكّل العدو الاسرائيلي بتاريخها وهي التاريخ والحضارة بحد ذاتها، لا ينفك الاحتلال الاسرائيلي على الاعتداء على مواطنيها وارتكاب أفظع الجرائم وانتهاكه يومياً للقوانين الدولية ونسي او أنه تناسى أنه “لا بدّ للّيل أن ينجلي” يوماً ما وظلمه لهذه الارض المقدسة سيزول حتماً لأنه على قاعدة المثل القائل “صاحب الحق سلطان” والمواطنون الفلسطينيون هم الحق والقضية، قضية الانسانية والحق معهم في الدفاع عن كل شبر من أرضهم المجروحة.
في السياق، أكد رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس المحتلة المطران عطالله حنا في حديث خاص لموقع “المرده” أنه “لا يوجد هنالك صمت دولي بل تآمر دولي حول ما يجري في الاراضي المحتلة، فمن يصمت أمام هذه المجازر المروعة بحق شعبنا الفلسطيني لا يمكننا أن نصفه انه في حالة صمت فحسب بل هو في حالة دعم لهذه السياسة، ونحن نعتقد بأن الصمت هو اشتراك في الجريمة، آسفاً لأن أميركا أفشلت قرارات واعلانات من الأمم المتحدة حول الجرائم المروعة في فلسطين وهذا ان دلّ على شيء يدلّ على أن الادارة الأميركية وغيرها أيضاً هم شركاء في الجرائم المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني سواء أكان هذا في القدس او في غزة او في اي مكان آخر، لافتاً الى أنه لم يعد كافياً ان نسمع بيانات الشجب والاستنكار كما لم يعد كافياً ان نسمع عن القلق تجاه ما يحدث وأنا أعتقد بان المجتمع الدولي مطالب باتخاذ اجراءات رادعة وسريعة لوقف هذه المجازر التي تحدث في غزة وفي غيرها من الأماكن، كفانا دماراً، كفانا خراباً، كفانا قتلاً واستهدافاً للأطفال وللنساء وللرجال وللكبار والصغار فهذه المشاهد المروعة لما يحدث في قطاع غزة اذا لم تحرك الضمائر في عالمنا فهذا ان دلّ على شيء يدلّ على ان هذه الضمائر تعيش حالة سبات ونتمنى ان تتحرك هذه الضمائر وهذه الشعوب نصرةً للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة”.
ورداً على سؤال حول اذا ما كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد لعبت هذه المرة دوراً في ايصال القضية الفلسطينية والظلم اللاحق بالفلسطينيين الى الرأي العام العالمي بعد ان كان هناك شبه سيطرة للاعلام المنحاز الى الاحتلال الاسرائيلي، أجاب المطران حنا قائلاً: “في وقت من الأوقات كانت وسائل الاعلام في عالمنا وفي أميركا بشكل خاص حكراً على اللوبي الصهيوني الذي كان يروّج وينشر ما يريد ويحجب ما لا يراه مناسباً أما اليوم بات كقرية صغيرة بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التي توصل كل شيء الى العالم فالقصف على قطاع غزة واستهداف القدس والمقدسات ومنطقة الشيخ جراح وغيرها من المدن والقرى والبلدات الفلسطينية ينقل منها كل شيء على الهواء مباشرةً والعالم بأسره يشاهد ما يحدث في فلسطين وبالتالي ان وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً مهماً في إبراز حقيقة ما يحدث في وطننا وفي أرضنا المقدسة من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان وأوجّه التحية لموقع “المرده” ولكل وسائل الاعلام التي تقوم بدور رائد في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وابراز ما يتعرض له”.
ما هي الرسالة التي يوجهها الفلسطينيون اليوم للعالم؟ في هذا الاطار قال المطران حنا: “نداؤنا الذي نطلقه من القدس نوجهه أولاً الى أمتنا العربية من المحيط الى الخليج والى المسيحيين والمسلمين في كل مكان ونقول لهم تحركوا من أجل فلسطين، تحركوا من أجل القدس، تحركوا من أجل هذا الشعب الأعزل الذي يُقتل بهذه الاساليب الهمجية اللاحضارية واللاانسانية، وأودّ أن أوجه نداءاً عاجلاً الى كل المرجعيات الروحية المسيحية الكنسية في هذا المشرق بالدرجة الأولى وفي العالم ونتمنى منها الدفاع عن القدس لأنه عندما تدافعون عن القدس فانكم تدافعون عن المسيحية في مهدها وتدافعون عما تبقى من مسيحيين في فلسطين وأطلب ألا تتركوا القدس لوحدها، ولا تتركوا الشعب الفلسطيني لوحده، وأنا أعتقد ان القضية الفلسطينية هي قضية مسيحية أيضاً اضافة الى كونها تحمل أبعاداً أخرى وهذه القضية تخصّنا كمسيحيين لأنها الارض المقدسة التي منها انطلقت المسيحية وفي هذه الايام التي نعيّد فيها للقيامة أين حدثت القيامة؟ فكنيسة القيامة موجودة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم اذاً كل الأماكن المرتبطة بالمسيحية هي في فلسطين وبالتالي أنتم عندما تدافعون عن فلسطين فانكم تدافعون عن ايمانكم وتراثكم وتاريخكم وتدافعون عن أعدل قضية عرفها التاريخ الانساني الحديث، تحركوا دقوا الابواب خاطبوا العالم في كل مكان ولا تتركوا هذا الشعب يقتل بهذه الطريقة ونحن ندرك جيداً ان قيمنا وانتماءنا وأخلاقنا المسيحية تحثّنا دوماً على ان يكون انحيازنا للمظلومين والمعذبين واليوم الشعب الفلسطيني يُعذّب ويتألم ويُضطهد في أرضه ووطنه، وعندما أقول الشعب الفلسطيني أتحدث عن المسيحيين والمسلمين فكلنا شعب واحد وننتمي لوطن واحد وندافع عن قضية واحدة، أوجه نداءاً الى كل المرجعيات الروحية المسيحية الاسلامية والحقوقية والانسانية كي تتحرك من أجل فلسطين”.
وقال المطران حنا: “ان ما يحدث في حي الشيخ جراح كما وفي غيره من الأحياء المقدسية هو سياسة تطهير عرقي سكان هذا الحي هم أصلاً منكوبون ولاجئون منذ العام 1948 واليوم يُراد لهم أن يكونوا لاجئين مجدداً ويُراد لهم ان يعيشوا نكبة جديدة وتشريداً جديداً، وقضية الشيخ جراح هي قضيتنا جميعاً، وهنالك احياء مقدسية اخرى مستهدفة في القدس القديمة وخارج القدس القديمة ويُراد للمقدسيين ان يخرجوا من القدس لكي يستولي المستوطنون على منازلهم واحيائهم فالمخطط الاستعماري الاحتلالي اليوم في المدينة المقدسة انما يعمل على افراغ مدينة القدس من أبنائها مسيحيين ومسلمين فكل فلسطيني مهدد أن يطرد من بيته ومن حيّه ومن المكان الذي يقطن فيه وسلطات الاحتلال الاسرائيلي تستغل حالة الصمت الدولي والوضع العربي المترهّل، ونحن كنا نتمنى ان يكون الوضع العربي أفضل حالاً والعدو يستغل كل شيء من أجل تمرير مشاريعه وأجنداته ولكنه يفاجأ في كل حين بالشعب الفلسطيني الصلب الصامد الثابت المتمسك بحضوره وانتمائه للأرض المقدسة ومهما خططوا للتآمر علينا وعلى قدسنا ومقدساتنا وحضورنا في هذه الارض المباركة نحن موجودون وسنبقى مدافعين عن حضورنا وعن قضيتنا”.
برأيكم هل ما يجري سيؤدي الى مزيد من هجرة المسيحيين الفلسطينيين ام سيدفعهم للتمسك اكثر بارضهم؟ ختم المطران حنا بالقول: “المسيحيون الفلسطينيون هم متمسكون بانتمائهم المسيحي المشرقي النقيّ ويفتخرون بالانتماء الى المسيحية التي بزغ نورها من هذه الارض المقدسة ويفتخرون بانتمائهم لفلسطين ونرفض اي خطاب اقصائي يبث الكراهية والتهميش والعنصرية والطائفية، ونحن كفلسطينيين بحاجة ماسّة الى الوحدة والتضامن والأخوّة فيما بيننا وكل خطاب يثير الفتن في مجتمعنا هو خطاب مأجور ومشبوه ومرتبط بأجندات خارجية هدفها اثارة الفرقة بين مكونات الشعب الفلسطيني كافة، لافتاً الى ان الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين كانوا دوماً في خندق واحد وسيبقون، وللأسف نسبة المسيحيين في فلسطين هي 1% هناك تراجع في اعدادهم وهجرة متواصلة وهناك خطر محدق بالحضور المسيحي في الارض المقدسة لا نريد ان تتحول كنائسنا والاماكن المقدسة الى متاحف وهنا تكمن المسؤولية على كل الكنائس في هذا المشرق وفي العالم بأسره لتقديم المساعدة لدعم الشعب الفلسطيني ووقف العدوان عليه والتآمر عليه”.
واشار المطران حنا الى ضرورة ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية مما يجعل المسيحي والمسلم كذلك يبقيان في وطنهما لأن الهجرة ألمّت بكل أبناء الشعب الفلسطيني ونحن الفلسطينيون المسيحيون وان كنا قلّة في عددنا الا أننا لسنا أقلية او جالية او بضاعة مستوردة او من مخلفات اي نوع من انواع الحملات التي مرّت ببلادنا، نحن أصيلون في الانتماء لكنيستنا لمشرقنا لهويتنا الوطنية وللقضية الفلسطينية التي من واجبنا الدفاع عنها انطلاقاً من قيمنا الإيمانية والانسانية والاخلاقية والوطنية”.