Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر September 7, 2023
A A A
المسيحيون يكررون تجربة “ما قبل الطائف”!
الكاتب: مرسال الترس - الجريدة

يعيش المسيحيون في لبنان، وتحديداً منهم الموارنة، مرحلة مشابهة لما قبل اتفاق الطائف الذي قلب معادلة الحكم، التي كانت قائمة منذ الاستقلال، رأساً على عقب، فخسروا مساحة واسعة من الامتيازات التي كانوا يعوّلون عليها في بقائهم على رأس السلطة، حتى جاءهم الأميركي بعد طول مفاوضات بمقولة “مخايل الضاهر أو الفوضى”، فآثروا الحل الثاني الذي أدخلهم في حرب طاحنة بين “الأخوة الأعداء”، ميشال عون وسمير جعجع، لم تُبقِ ولم تُذر، ووصلوا إلى الطائف منهكين، الأول منفياً في باريس والثاني داخل السجن!
ما هي العلة التي تمنعهما اليوم، وبعد ثلاثة عقود ونصف، من القبول برئيس تيار “المرده” سليمان فرنجيه مرشحاً يمثل كل اللبنانيين، فيعمل الجميع، كما وعد فرنجيه أن كلاً منهم سيأخذ حقه، على إخراج الوطن من هذه الأزمات التي أوصلته إلى “جهنم”، والتي قد تجره إلى ما هو أسوأ كما “يَعِد” أكثر من طرف خارجي؟!

ولأن أحداً لا يستطيع أن يشكك بمارونية سليمان فرنجيه ووطنيته وصدقه وعدم مراوغته في السياسة، صوبوا على كونه مدعوماً بترشيحه من “الثنائي الشيعي”، “حزب الله” وحركة “أمل”، متناسين – وتحديداً سمير جعجع – أن الرئيس المؤسس لـ”التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون كان مدعوماً بشكل كامل من “حزب الله” فقط، وليس من حركة “أمل”، بخلاف ما هو حاصل مع فرنجيه، ولم يتوان جعجع نفسه عن توقيع اتفاق معراب مع عون، من دون أن يرفع مع بعض حلفائه الموسميين من المسيحيين الشعار الذي يرفعونه في وجه فرنجيه.
الواضح أن “المعارضة” المسيحية، وتحديداً الموارنة منها، تستسهل استرجاع كل المشاهد المؤلمة، على أن تتفق مع الشركاء في الوطن على شخصية يمكن الركون إليها وطنياً ومسيحياً، لأن “خارجاً ما” يرسم لها أحلاماً زهرية بأن لبنان سيكون جنّة الشرق الأوسط! في حين أن ذلك الخارج الذي وعد اللبنانيين، على سبيل المثال لا الحصر، بالكهرباء من الأردن وبالغاز من مصر، وأخذ من لبنان ترسيماً بحرياً ليس في صالحه مئة بالمئة كما يؤكد الخبراء، ما زال متغاضياً عن تشديد العقوبات على رقاب اللبنانيين حتى يقبلوا بالتطبيع. ومَن الذي يضمن الوصول إلى تلك “”الجنة” الموعودة من الاستثمارات والمشاريع الكبرى؟ في حين يرى مختلف الأفرقاء أن مصر والأردن اللتين وقعتا معاهدتي سلام مع الكيان الصهيوني، ما زالتا تعانيان من أوضاع اقتصادية صعبة، على الرغم من كل الوعود التي أُغدقت لهما.

الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان ورئيس مجلس النواب نبيه بري طرحا أفكاراً للحوار، تصر الأطراف المسيحية، وتحديداً منها المارونية، على عرقلتها، لأنها على ما يبدو تستسيغ جولات جديدة من عض الأصابع التي قد يتم قطعها هذه المرة من كثرة الشد، لأن من تعوّد خوض المغامرات الفاشلة لم يتعلم بعد من أخطائه التي قد تصبح أكثر ألماً في ما قد يأتي من جولات.