Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر October 6, 2024
A A A
المسعفون في دائرة الاستهداف بلا عتاد ولا دروع ولا خوذ
الكاتب: زينب حمود - الأخبار

لم تسلم فرق الإسعاف والإنقاذ بعد تعمّد العدوّ ملاحقتها واستهدافها في الميدان وداخل مراكزها حتى في المناطق الآمنة، كما في مركز الهيئة الصحية الإسلامية في منطقة الباشورة قبل أيام. ورغم استهداف العدو هذه الفرق وبلوغ عدد الشهداء بين الطواقم الطبية والطوارئ 97 شهيداً منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، 50 منهم في الأيام الثلاثة الأخيرة، لا تزال عزيمة العناصر حاضرة، ولا يزال الطلب على التطوع في صفوف المسعفين يفوق الحاجة إليهم، بحسب ما أكدت لـ«الأخبار» كل الفرق الطبية والإسعافية العاملة على الأرض (الهيئة الصحية، كشافة الرسالة، الدفاع المدني، الصليب الأحمر، حتى إنّ الهيئة الصحية «تدرس تخفيف عدد العناصر المنتشرة والاقتصار على العدد الذي تحتاج إليه المهمات»، بحسب المسؤول الإعلامي للدفاع المدني في الهيئة محمود كركي.لكنّ النقص يكمن في إمكانيّات «الجنود» اللوجستية، من معدّات وآليات وتجهيزات للحماية ووقود. وهو ما لم يظهر بعد لسببين، أولهما تكاتف الفرق وتوجّهها معاً لدى وقوع الغارات وتوزّع المهام في ما بينها بين انتشال المصابين والضحايا ونقلهم إلى المستشفيات، ما يغطّي على النقص في كل طرف. والثاني عدم اندلاع حرب شاملة بعد، ووقوع عدد كبير من الغارات في وقت واحد، ما يتطلب عدداً كبيراً من المهمات «عندها، مما لا شك فيه سيظهر النقص. لكن حتى الآن، لم يشكُ أيٌّ من المراكز من إعاقة عمله بسبب عدم توفر الإمكانيّات»، وفق رئيس المكتب الإعلامي في المديرية العامة للدفاع المدني إيلي خير الله.
الصليب الأحمر، من جهته، استهلك مخزونه الاحتياطي من المعدات الإسعافية، ولوازم الإغاثة، والعيادات النقالة، وبنوك الدم، و«نعمل على تعويضه، بانتظار أن يرسل شركاؤنا في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر النواقص»، بحسب الأمين العام للصليب الأحمر جورج كتاني، لافتاً إلى «عراقيل في تأمين الوقود والمعدات والصيانة على صعيد التمويل والشراء، في ظل تأثر الحركة التجارية بالظروف الراهنة». ورغم أن الدفاع المدني في الهيئة الصحية مزوّد بتجهيزات جيدة، «تبقى هناك حاجة إلى العديد من المعدات والآليات المتطورة لزيادة جهوزية هذه الفرق».

على صعيد الآليات وسيارات الإسعاف، أدى استهدافها المباشر إلى تعطيل عدد منها، من دون أن يشلّ ذلك، حتى الآن، قدرة المراكز على الاستجابة الفورية. لكن، هل يتوفر الوقود اللازم لتشغيل الآليات؟ «لدى المديرية العامة للدفاع المدني مخزون يكفي للأشهر الثلاثة المقبلة، ووقّعت وزارة الداخلية اتفاقية مع وزارة الطاقة لتأمين شحنة من المحروقات للدفاع المدني»، ما يعني أنه «ليست هناك مشكلة في الكميات المخزّنة في المدى المنظور»، بحسب خير الله. وتغذّي بقية الهيئات آلياتها من محطات الوقود المحلية المتعاقدة معها حالياً. أما بالنسبة إلى الفترة المقبلة، فيلفت المفوض العام للدفاع المدني في كشافة الرسالة، ربيع عيسى، إلى «طرح هذا الموضوع مع الجهات الحكومية المعنية عبر وزارة الصحة». على أنّ المشكلة تقع في مكان آخر، وهي إمكانية الوصول إلى الوقود في «المناطق الحمراء»، لجهة محطات المحروقات وثكنات الجيش حيث يخزّن الدفاع المدني الوقود ضمن احتياط المحروقات التابع للجيش، بموجب عقد بين الطرفين. و«لأننا لا نملك أماكن خاصة لتخزين المحروقات، ويصعب الوصول إلى ثكنات الجيش في المناطق التي تتعرض للقصف، كما في النبطية، نضطرّ إلى أن نقصد ثكنات الجيش البعيدة عن مراكزنا لتأمين الوقود. غير أننا نتفادى تخزين كميات كبيرة من المحروقات في مكان واحد ونوزعها على الثكنات تفادياً للضرر الذي سيحصل إذا قصفها العدوّ»، يقول خير الله.
إلى جانب النقص في العتاد اللازم للإنقاذ والإسعاف، تعاني معظم الطواقم من غياب أدنى شروط السلامة الخاصة، لذلك يضع الصليب الأحمر في لائحة طلباته مستلزمات الحماية الشخصية للعناصر، فيما أشاد خير الله «بعدم تقاعس عناصر الدفاع المدني عن تلبية النداء، رغم النقص في تجهيزات الوقاية البدائية من المخاطر، مثل الخوذ والدروع». وأمام قلّة إمكانيات الحماية المتوفرة، تحاول الفرق التخفيف من عدد العناصر في سيارات الإسعاف، أما المسعفون الذين يعملون ككشافين على الأرض لمعاينة طبيعة الاستهداف والآليات والمعدات التي يتطلّبها وثبات المباني قبل دخولها، فـ«يعتمدون على الإيمان بالله لحفظ سلامتهم»، على حدّ تعبير عيسى، من دون أن يمنعهم ذلك من «القيام بين الإثنين 23 أيلول والخميس 26 أيلول الماضي، بنقل 1125 حالة بين شهيد وجريح والعمل على إطفاء 138 حريقاً، و69 عملية إنقاذ ورفع أنقاض، بالإضافة إلى 317 معالجة ميدانية»، علماً أنّ مستلزمات الحماية الشخصية تقي من الرصاص والشظايا، لكنها تبقى عاجزة عن حماية العناصر من الاستهداف المباشر الذين يتعرضون له، والذي أدى إلى استشهاد وجرح العشرات منهم، في خرق واضح لكلّ الاتفاقيات الدولية التي تحيّد الطواقم الطبية عن دائرة الاستهداف، والتي تجعل محاولات ضمان مسار آمن للفرق قبل إرسالها بالتواصل مع الجيش وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة «اليونيفيل» «مثل قلّتها».