Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر August 16, 2023
A A A
المرشح الوحيد والجدي والمتقدم بين متأخرين
الكاتب: نورما أبو زيد - بالوسط

عندما تقاطع سمير جعجع وجبران باسيل وسامي الجميّل على قطع طريق بنشعي ـ بعبدا، عبر التصويت لجهاد أزعور في جلسة الانتخاب الثانية عشرة، كان واضحاً أنّ شريطاً لاصقاً من “البصاق” جمع بين المتقاطعين، وأنّ الوقت لن يطول أبعد من تلك الجلسة اليتيمة، ليجفّ “البصاق” ويسقط الشريط ويُسقط بسقوطه التقاطع.
“متقاطعو البصاق”، كانوا على قناعة قبل انعقاد الجلسة الثانية عشرة، أنّها لن تكون جلسة انتخاب رئيس، وأنّه لن تليها جلسات انتخاب أخرى يجمعهم فيها “مرشّح التقاطعات”، ولكن السؤال الذي لا جواب عنه إلى اليوم، هو كيف أنّ المقتنعين بعدم جدوى تقاطعهم أقنعوا جهاد أزعور بجدوى ترشّحه، وأنّه ليس ورقة الليخة الصالحة للاستخدام مرّة واحدة فقط، فذهب الرجل إلى لعب دور المفاوِض بكسر الواو ودور المفاوَض بفتح الواو، متوهماً أنّ بإمكانه كمفاوِض في صندوق النقد مع الدولة المنهارة، أن يصبح رئيساً مفاوِضاً باسم الدولة المنهارة. والسؤال الاستطرادي هو لماذا قد يرتضي رجل المليون دولار في صندوق النقد الدولي أن يهبط راتبه من مئة ألف دولار شهرياً في الصندوق إلى 200 دولار شهرياً (18 مليون ليرة) في القصر، علماً أنّ صندوقه متحكّم بالقرية الكونية، فيما رئيس جمهورية “الجمهورية الثانية” ليس أكثر من باش كاتب على قرية من 5 منازل؟
الجواب المنطقي الوحيد على وقوع رجل الأرقام في خطأ حسابي، هو أنّه أصيب بالفيروس الماروني القاتل، الذي يصيب كلّ موارنة الجمهورية الذين تفوق أعمارهم الـ 25 سنة، بعد أن تعرّض لحملة تضليل من 3 أحصنة رئاسية، يعتبر كلّ حصان منهم أنّه أوْلى من أزعور بخوض السباق الرئاسي.
رغم “الستاتيكو” الذي يحكم المشهد الرئاسي منذ جلسة الانتخاب الأخيرة، نجح سليمان فرنجيه في إخراج مرشحين رئاسيين معارضين له من السباق الرئاسي، وفي الحفاظ على كتلة نيابية متماسكة، وهذا بحدّ ذاته دليل على أنّه كان ولا يزال المرشّح الوحيد الجدي والمتقدّم بين متأخّرين، وأنّ حظوظه الرئاسية لم تتراجع رغم كلّ محاولات تقويضها. فبعد أن طويت صفحة ميشال معوّض إلى غير رجعة، طويت صفحة “مرشّح التقاطعات” جهاد أزعور إلى غير رجعة أيضاً، ومثلها طويت صفحة تقاطع باسيل مع جعجع والجميل. في “يوم التقاطع” الشهير، أدار سمير جعجع ظهره لباسيل قبل أن تصل حرمه إلى معراب عائدة من جلسة التصويت لجهاد أزعور، فيما سامي الجميل قرّر الانفكاك قبل وصوله إلى “الصيفي”. لم يخسر جعجع والجميل شيئاً في تقاطعهما مع باسيل، بلّ الأخير هو الذي خسر. فلا هو حافظ على استقرار علاقته مع الموالاة، ولا هو نجح في خلط مائه بزيت المعارضات لاختلاف الروابط الكيميائية، ويوم أدرك باسيل أنّه أُكل في ذات اليوم الذي قرّر فيه أن يأكل سليمان فرنجيه، تراجع خطوة إلى الوراء وعاد أدراجه إلى الضاحية.
مصادر بنشعي تنظر بارتياح إلى عودة قنوات التواصل بين “حزب الله” وباسيل، فيما مصادر الحزب تتحدّث عن ليونة ملحوظة. وتقول المصادر إنّ التفاوض يجري على 3 ملفات هي اللامركزية الإدارية والمالية، والصندوق السيادي، وشكل النظام، واسم سليمان فرنجيه حاضر على الطاولة دون شروط مسبقة من باسيل بشطبه.
تختصر المصادر الصورة بالقول إنّ باسيل يُدرك بأنّه أُكِل يوم قرّر أن يأكل فرنجيه، وطاولة الضاحية ستلاقي طاولة لودريان لإحداث الخرق المطلوب في الجدار الرئاسي السميك.