Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر October 15, 2017
A A A
المرشحة اللبنانية دفعت ثمن المعركة بين العرب
الكاتب: سمير تويني - النهار

المرشحة اللبنانية دفعت ثمن المعركة بين العرب بسبب رفض لبنان دخول الصراع في الأونيسكو
*

أسدل أمس الستار على انتخابات المديرة العامة لمنظمة الأونيسكو، وعلى “الصراع” لا المنافسة العربية – العربية للفوز بمديرية المنظمة الدولية بعدما تربعت المرشحة الفرنسية أودري أزولاي على عرش المنظمة الدولية للسنوات الأربع المقبلة وخسر العرب المركز من جراء صراعهم في ما بينهم.

بعد منافسة حادّة خلال أسبوع دراميّ لم تشهده المنافسات السابقة داخل المبنى الزجاجي، فازت الفرنسية وزيرة الثقافة السابقة أودري أزولاي بـ ٣٠ صوتاً، فيما حصل المرشح القطري الوزير السابق حمد بن عبد العزيز الكواري على ٢٨ صوتاً.

نجاح أزولاي يعود إلى أنّ العرب الطامحين للتربع على عرش الأونيسكو تنافسوا في ما بينهم: جهة تدعم الترشيح القطري وجهة أخرى تدعم الترشيح المصري. ودفعت المرشحة اللبنانية فيرا خوري لاكويه التي حصلت على إعجاب المندوبين خلال تقديم برنامجها الإصلاحي للمنظمة ثمن هذه المنافسة السياسية بامتياز، فلم تتمكن من جمع أكثر من ٦ أصوات في الدورة الأولى تمكّنها من إطلاق دينامية للفوز بالمنصب.

وكان لمندوب لبنان داخل المنظمة ورئيس المجموعة العربية، السفير خليل كرم، العديد من الدعوات لجمع الدول العربية ودعمها مرشحاً أوحد، لكن محاولاته باءت بالفشل. وللتذكير بجدية هذا الترشيح، حصل المرشحون العرب الثلاثة؛ القطري والمصرية واللبنانية، بعد انسحاب العراقي في الدورة الأولى على ٣٦ صوتاً من مجموع المندوبين في المجلس التنفيذي المؤلف من ٥٨ مندوباً، وهي أكثرية تفوق الـ ٣٠ صوتاً. وخلال الدورتين الثانية والثالثة حصلوا على ٣٥ صوتاً، وفي الدورة الرابعة وما قبل الأخيرة على ٤٠ صوتاً، وذلك يؤكد الدعم داخل المجلس لمرشّح عربي.

فلماذا لم ينجح العرب ولم يفوزوا؟ المعركة كانت بينهم أشدّ من المعركة بين المرشحين الباقين، وكانت سياسية بامتياز. فالخلافات التي تشهدها الساحات العربية دخلت إلى المبنى الزجاجي ومنعتهم من التوافق على المرشح الأوفر حظاً. حتى إنّ مصر وبعد فشلها دخول المنافسة الأخيرة، دعت للتصويت للمرشحة الفرنسية في الدورة الأخيرة، فيما دفعت قطر بمؤيدي ترشيحها دعم ترشيح المرشحة الفرنسية في الدورة الإضافية لمقارعتها في الدورة الخامسة والأخيرة، والحجّة أنّ خسارة المرشّح القطري بوجه فرنسا أفضل من خسارته أمام المرشحة المصرية. وكل ذلك لم يشكل أيّ مفاجآت لشدة الصراع بين الدولتين.

وجاء انسحاب الولايات المتحدة لخلط الأوراق وليوفر، حسب بعض المصادر، دعماً للمرشحة الفرنسية، غير أنّ الاقتراع بعد إعلانه لم يخدم أزولاي التي تعادلت مع المرشحة المصرية مشيرة خطاب، فحصلت كل منهما على ١٨ صوتاً، بل خدم الكواري الذي أحرز ٢٢ صوتاً متقدماً على بقية المرشحين هو الذي وعدهم بـ “أنه لا يأتي خالي اليدين”.

أما الموقف اللبناني بعد فشل مرشحته في جمع الأصوات الكافية، فكان استمرارها في الدورات الثلاث، وذلك لرفض السلطات اللبنانية اتخاذ موقف صريح من تأييد مرشح ودخولها طرفاً في الصراع العربي – العربي، وذلك وفق سياسة النأي بالنفس التي تطبقها الدولة اللبنانية عندما تكون محرجة. فرفضت الدوائر الرسمية التي كانت تتابع هذه الانتخابات اتخاذ موقف بعد انسحاب المرشحة في الدورة الرابعة، وكان وزير الثقافة غطاس خوري مشاركاً ضمن الوفد اللبناني كالعديد من وزراء ثقافة وخارجية دول كان لديها مرشحون. لكن ذلك وسرّية الاقتراع، لم يمنعا مندوب لبنان، السفير كرم،من التصويت وفق تعليمات السلطات اللبنانية في الدورتين.

ولم تسلم العملية الانتخابية في كل فصولها من تدخلات سياسية وديبلوماسية وضغوط، وشائعات كانت تروج لها الأطراف الضالعة في العملية الانتخابية. والبعض منها “أنّ بعض الدول العربية المعادية لترشيح قطر أعلنت أنها إذا فاز المرشح القطري فستنسحب من المنظمة وستطعن بفوزه في الجمعية العامة في ١٠ تشرين الثاني القادم” التي تثبت هذا الاقتراع، حتى إنّ الخارجية المصرية “طالبت بفتح تحقيق في الخروق التي كان لها تأثير مباشر على سير العملية الانتخابية”. كما أنّ الرئيس ميشال عون خلال لقائه الرئيس الفرنسي ماكرون “وافق على دعم المرشحة الفرنسية حال تفوقها على المرشحة اللبنانية وحصل على دعم من فرنسا للمرشحة اللبنانية حال تفوّقها على الفرنسية”.

التصويت داخل المجلس التنفيذي سرّي، رغم أنّ بعض لشائعات أشارت إلى أنّ بعض المندوبين صوتوا بوضعهم “x” أمام اسم المرشح بأشكال متفاوتة! غير أنّ السلطات اللبنانية المختصة لم ولن تعلن قرارها، ويمكن تفهم ذلك لأنّ ذلك قد يؤدي إلى خرقها سياسة النأي بالنفس التي تتبعها، وإعلان قرارها في ظل الصراعات التي شابت هذه الانتخابات سيؤدي حتماًإلى نشوء خلافات مع بعض الدول الصديقة، ولبنان ليس لديه أيّ مصلحة في الإعلان لمن اقترع بشكل رسميّ لتعكير علاقته بدول حليفة وصديقة. وصرّحت الخارجية بأنّ التصويت حصل بالتشاور بين الرؤساء.