Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر July 9, 2016
A A A
المدمرة “هاري ترومان” تتجه نحو سيفاستوبول
الكاتب: روسيا اليوم

شهدت العاصمة البولندية وارسو الجمعة 8 تموز افتتاح قمة الناتو وهي الأهم للحلف في العقود الأخيرة. ولا شك أن الكثيرين في الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، ينتظرون بقلق وبفارغ الصبر نتائج هذه القمة لأنه سيتم على الأغلب الإعلان بشكل رسمي عن بدء حرب باردة جديدة بين الغرب وروسيا.

يذكر العديد ما قاله الزعيم البريطاني تشرتشل معلنا بدء الحرب البادرة الأولى في آذار عام 1946 :” أقول لكم إنه لم يعد لدينا إلا القليل من الوقت. لا يمكن أن نسمح بأن تتطور الأحداث والأمور بشكل تلقائي بحيث تحل فترة يكون الأوان قد فات فيها لتغيير أي شيء”.
حتى الآن لا أحد يعلم بالضبط، هل نسمع في يومي الجمعة والسبت من وارسو كلمات من هذا القبيل ولكن يمكن طبعا افتراض ذلك انطلاقا من كلمات وزير الدفاع البولندي أنتوني ماتشريفيتش الذي قال في مقابلة مع “راديو بولندا” إنه سيتم خلال  لقاء القمة المقبل اتخاذ قرار تاريخي بالغ الأهمية. وأضاف ماتشريفيتش:” نحن نأمل أن تؤدي هذه المحادثات ليس فقط إلى تخلي روسيا عن الخطوات العدوانية، بل وإلى تراجعها وانسحابها من أراضي أوكرانيا التي تملكتها بشكل غير مشروع”.

هذا كله يعني أن الوزير العتيد يعرف تماما أن الناتو سيعلن في هذين اليومين عن بعض الخطوات العسكرية والسياسية التي من شأنها أن ترعب موسكو إلى حد سيدفعها إلى ترك شبه جزيرة القرم من جديد، ومعلوم أن الغرب يعتبر رسميا أن روسيا “تملكت بشكل غير قانوني” فقط القرم.
لن ندخل في جدل بيزنطي حول عدم لباقة وعدم وجود أساس لعبارته حول ” الشرعية” ولكن سنحاول أن نتصور ولو نظريا مدى وحجم الخطر العسكري الذي يجب أن يتشكل من جانب الغرب لتهديد روسيا في منطقة البحر الأسود بحيث يجبر الكرملين على التفكير بإمكانية واحتمال الاستسلام الكامل وبدء الانسحاب المهين جدا من القرم.

المدمرة هاري ترومان تتجه نحو سيفاستوبول

هل سيتمثل ذلك في تكوين مجموعة جوية ضاربة قوية جدا؟ من المعروف أن الطائرات الحربية الأميركية وبدون قمة وارسو تنتظر منذ وقت بعيد الإيعاز وهي تتوزع في عدة مناطق قريبة من الحدود الروسية ومن بينها على سبيل المثال، الجناح الجوي رقم 39 التابع للقيادة الأميركية في أوروبا ومقره في قاعدة انجرليك الجوية. في أواخر نيسان من هذا العام هبطت  في المطار الروماني “ميخائيل كوجالنيسينو”  أحدث مقاتلات من الجيل الخامس  من طراز F-22 “رابتور”.

وفي 2014 هبطت في بلغاريا  12 مقاتلة متعددة المهام من طراز F-15 تابعة للسرب 493 المتمركز في بريطانيا وقيل أنها قدمت فقط للمشاركة في مناورات.

طبعا يمكن أن تتم زيادة عدد الطائرات الحربية الضاربة في المجموعة ويمكن إثارة النشوة والسرور في نفوس حكام كييف عن طريق نشر البعض منها في مطارات أوديسا ونيكولايف ولكن كل ذلك لن يشكل مفاجأة للأركان العامة الروسية لأن الجيش الروسي مستعد لكل ذلك.

هل سيكون تهديد الناتو على شكل نصب بالقرب من القرم، قاعدة لسلاح صاروخي عالي الدقة؟ هذه المنصات موجودة منذ فترة.

اعتبارا من 12 أيار عام 2016 تم نصب منصات برية لمجمع  الدرع الصاروخي الأميركي “Aegis eshor” في رومانيا. رسميا هذه منشآت الدرع الصاروخ ولكن عمليا يمكن استخدام منصات الإطلاق من طراز ” Мк-41″ يمكن أن تستخدم لإطلاق مجموعة كبيرة من الصواريخ المجنحة العالية الدقة من طراز ” توماهوك” (المحظورة وفقا للمعاهدة السوفيتية الأميركية حول تصفية الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى). حينذاك ستقع تحت خطرها ليس فقط أراضي القرم بل ومعظم أراضي القسم الأوروبي من روسيا. ولكن هذا الخطر معروف منذ زمن بعيد وبات واقعا واتخذ جيش روسيا تدابير وخطوات من اجل تحييده.

ما الذي بقى إذن في حوزة البنتاغون والناتو؟ نعتقد أن العنصر الوحيد الجديد والبالغ الخطورة هو احتمال ظهور في مسرح العمليات في البحر الأسود وبشكل دائم، النواة القتالية الضاربة للأسطول السادس الأميركي الذي لا يزال حتى الان يتجول فقط مياه البحر الأبيض المتوسط وبشكل متقطع وفقط تزور بعض سفنه الحربية منفردة البحر الأسود وتعوم بالقرب من الشواطئ الروسية لفترات قصيرة.

هذا يمكن أن يتم في إطار مبادرة أطلقها رئيس رومانيا في أواسط كانون الثاني الماضي وفيها دعا إلى ” ردع روسيا عن طريق تشكيل في البحر الأسود مجموعة بحرية دائمة التواجد تضم سفن حربية من رومانيا وبلغاريا وتركيا ويمكن أن تنضم إليها على أساس مبدأ المبادلة سفن حربية من دول أخرى لا تطل على البحر المذكور وبالذات الولايات المتحدة والمانيا وايطاليا”. وستعمل هذه المجوعة طبعا تحت قيادة الناتو. وتم الإعلان أن قمة الناتو في وارسو ستبحث هذا الموضوع. لماذا هذا الاهتمام بمبادرة ركيكة صدرت عن بوخارست؟ من المعروف أن القوات البحرية البلغارية والرومانية والتركية مجتمعة لا يمكن أن تشكل التهديد الحقيقي للقرم نظرا لضعفها بالمقارنة مع الأسطول الروسي ولكن الأمر يتغير إذا أنضم إليها طوعا “ضيوف” من بلدان بعيدة  وخاصة – سلاح البحرية الامريكي. وهنا يظهر السؤال المهم، ما هي القطع البحرية التي يمكن أن تشارك بها الولايات المتحدة في التحالف المذكور؟

لنطلق العنان للخيال ولنتصور على سبيل المثال أن المجموعة البحرية الأميركية الحاملة للطائرات الثامنة  (CSG-8)، المتواجدة بالقرب من ساحل سوريا بقيادة حاملة الطائرات “هاري ترومان” التي تضم الطراد الصاروخي “أنزيو” والمدمرات “غراي ويلي” و “بولكلي” و
“غونزاليس” ستعبر بموافقة الناتو وتركيا المضائق التركية المحرمة عليها حتى الان لترسو في المياه الدولية على عشرات الأميال من سيفاستوبول الروسية أي على بعد دقيقة واحدة من الطيران  من القاعدة الرئيسية لأسطول البحر الأسود ستكون اجهزة 90 طائرة ومروحية قتالية وما لا يقل عن 200 صاروخ مجنح من طراز BGM-109 ” توماهوك”. هذا يمكنه وفي لمحة بصر من تغيير توازن القوى الحالي في حوض البحر الأسود. طبعا روسيا ليست مستعدة لمثل هذا التحول في مجرى الأمور لأن اتفاقية مونترو الموقعة في عام 1936 تمنع دخول حاملات الطائرات والسفن الحربية الأقل حجما إذا كانت من دول أخرى لا تطل على البحر الأسود.