Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر November 13, 2016
A A A
المدرب الإنكليزي.. عملة نادرة؟!
الكاتب: المستقبل

حين تعاقد الارسنال قبل 20 عاماً مع الفرنسي آرسين فينغر لتدريبه، صدرت بعض صحف «التابلويد» وعلى صفحاتها الأولى عناوين تسأل وتستفسر عن ذاك القادم الى الجزيرة، ليبحر في قاربه من مرفأ أندية الدرجة الأولى الذي يضم 17 رباناً انكليزياً (مدربا محلياً) واسكوتلدنيين وايرلندي واحد.

لكن شتان بين تلك المرحلة وما يعيشه الـ»بريميير ليغ» حالياً، لا بل تحديداً منذ سنوات. ففي الربيع الماضي، كان «الدوري الأول» يضم ثلاثة مدربين انكليز فقط: الن بارديو يقود كريستال بالاس، ايدي هاوي بورنموث، وسام الاردايس (صاحب الفضيحة الأخيرة) سندرلاند.

وهذا الموسم يضم البريميير ليغ أربعة مدربين انكليز، بعدما أضيف مايك فيلان الى اللائحة. إذ يقود بارديو كريستال بالاس وهاوي بورنموث، ويشرف مايك فيلان على هال سيتي، وشون دايك على بيرنلي. وهم بالطبع مناضلون مكافحون أمام هالات البرتغالي جوزيه مورينيو والإسباني خوسيب غوارديولا والايطالي انطونيو كونتي والألماني يورغن كلوب وفينغر.

والسؤال المطروح عن معضلة هذا القطاع على الصعيد المحلي هو هل أن المدربين الانكليز في البريميير ليغ في طور «الانقراض»؟.

وإذا كان فينغر اعتُبر «نكرة» قياساً الى زملائه الانكليز لدى قدومه قبل 20 عاماً، فقد فتح من دون شك أبواباً وشرّع أخرى أمام موجات ومفاهيم، ولا سيما أنه أرسى قواعد جديدة في الالتزام والتعامل وحتى في الجانب الغذائي للاعبين. وبعد عامين توج الارسنال باللقب وكانت انطلاقة مختلفة لوظيفة «المدير» أو المدرب الأجنبي.

ويصف فيلان ما حدث وقتذاك بـ»الثورة»، خصوصاً أن لا أحد كان يتصور أفول «عصر انكليزي كامل»، حين أحرز هاورد ويليكنسون مع ليدز يونايتد اللقب عام 1992، وهو كان آخر مدرب انكليزي يتوج مع فريقه، بصرف النظر عن اسطورة السير اليكس فيرغيسون الذي أحرز لمانشستر يونايتد 13 لقباً محلياً، لكنه يبقى اسكوتلندياً.

ويوضح بارديو (55 عاماً)، الذي يُعد عميد المدربين الانكليز، بعدما تنقل بين 6 أندية خلال 16 موسماً في الدرجتين الأولى والثانية (ريدينغ، وست هام، تشارلتون، ساوثمبتون، نيوكاسل، كريستال بالاس)، ان هناك انطباعاً بات راسخاً (على رغم أنه خاطئ) أن المدربين الانكليز «تجاوزهم الزمن وهم محافظون يرفضون التغيير». ويتابع: «ما أن يشغر مركز مدرب في أحد الأندية الستة الكبرى، حتى يسارع إداريوه للبحث عن مرشح قاد فريقاً في مسابقة دوري الأبطال. ويتناسون أنني مثلاً أقابل هذه الفرق في الدوري المحلي، وبالتالي نخوض مباريات بمستوى دوري الأبطال».

ويعلق دايك الذي قاد بيرنلي الى الدرجة الممتازة للمرة الثانية في 3 مواسم، أنه إذا «نفذت بعضاً مما يقوم به المدربون الأجانب يقولون إنني متطلب». وهو لا يجد منفذاً لمدرب محلي ليقود نادياً كبيراً إلا عبر فوزه مع فريق عادي باللقب أو باحتلاله مركزاً متقدماً، «إنها الفرصة الوحيدة ليدخل مدرب انكليزي الى جنة دوري الأبطال». ويضيف مستدركاً: «عندما تقود فريقاً بإمكانات محدودة تظل تحت الضغط»، وهذا ما حصل الموسم الماضي حين سقطت رؤوس تيم شيروود (استون فيلا) وغاري مونك (سوانسي) وستيف ماكلارين (نيوكاسل)، واستبدلوا بأجانب.

ويعود الحنين بكثرة الى عام 1984 حيث فاز آخر مدرب انكليزي بالدوري الأوروبي (كأس الاندية البطلة) يوم توج جو فاغان مع ليفربول، بينما حصد بوبي روبسون لبرشلونة كأس الكؤوس الأوروبية عام 1997. وبالتالي، وإزاء القحط المسيطر أصبح أي مدرب «محلي» يحقق سلسلة انتصارات مطالباً باحتفال كبير.

ويجزم بارديو أن إعداد المدربين وتأهيلهم اختصاص متطور بات يتطلب الحصول على إجازة مدرب محترف من الاتحاد الأوروبي، وهذه المعايير مطبقة تماماً. وبالتالي لم تعد صيغة اللاعبين القدامى المؤهلين للتدريب وحمل الصافرة وإصدار الأوامر الى اللاعبين والسخرية مما تنشره صحف «التابلويد» مستساغة.

ويُعد فيلان، الذي عمل مساعداً لفيرغيسون 14 عاماً (1999 – 2013)، شاهداً على التحول «الجذري» المزعج والمؤلم لكثيرين، خصوصاً أن الأندية تدير شؤونها بأسلوب التسويق على طريقة الشركات الكبرى، وانتقلت الندية في المدينة الواحدة ومواجهات «الدربي» لتنحصر بين المدربين، كما فترت لا بل انعدمت العلاقة بين المدرب والمجتمع المحلي الضيق. فالأندية الكبرى تبتعد عن جذورها وترتهن أكثر الى رؤوس الأموال الخارجية، التي تفرض رغباتها، كأن يعمد مالك ناد الى تبديل الألوان التاريخية للباس الفريق.

ويتطرق بادريو الى تحدٍ مطالب هو ومواطنوه بتجاوزه، وهو «عقدة الدونية» التي تكبل المدربين الانكليز، علماً أن زميله هاوي يشدد على ضرورة التعامل مع الواقع بمنطق وعقلانية والاجتهاد لتخطيه.

وللسير قدماً في «مسيرة استعادة الثقة»، وضعت نقابة المدربين خطة تطوير تتضمن دورات إعداد في القيادة والإدارة وفق منهاج دراسي متكامل بالتعاون مع جامعة ليفربول، سعياً لتوسيع المدارك وتعزيز المعارف وخفض نسب الفشل خصوصاً في المهام الميدانية الأولى، والتي تودي بغالبية ضحاياها الى مقاعد العاطلين من العمل.