Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر December 5, 2020
A A A
المجتمع الدولي: إلى المجتمع المدني اللبناني دُر!
الكاتب: علي حمادة - النهار

حتى البارحة مرت أربعة اشهر على الانفجار الكارثي في المرفأ، ولم يحصل تقدّم يُذكر في التحقيق، ولم يعرف اللبنانيون الى اين وصل القاضي المولج بالتحقيق، وهل استطاع ان يكوِّن فكرة واضحة عما حصل، او تمكَّن من تحديد المسؤوليات الإدارية، والأمنية والسياسية المتعلقة بالانفجار. كل ذلك وسط صمت يكاد يكون مطبِقاً من جانب الطاقم الحاكم الذي يبدو انه متفق حول مبدأ تحديد المسؤوليات الإدارية، وبعض المسؤوليات الأمنية المتدنية المستوى، وتحييد المسؤوليات السياسية التي يُفترض ان تشمل طاقماً سياسياً واسعاً، ومتعدد الانتماءات والمشارب والمستويات. ويبدو أيضا ان الطاقم الحاكم الذي يظهر انه يريد تعليب التحقيق، وحرفه في الاتجاه الذي يصرف الأنظار عن المسؤولية السياسية الناجمة عن احد اكبر الانفجارات غير النووية في تاريخ البشرية، لا يعير انتباها الى الموقف الدولي الجامع الذي لا يزال يستغرب عدم تقدم التحقيق في الانفجار – الجريمة ، في وقت يجري تنظيم مؤتمرات لدعم لبنان وإغاثة شعبه المنكوب بمعزل عن الدولة وأركانها الذين يتعرضون منذ فترة لأشنع الاوصاف في المحافل والصحافة الدولية نظراً الى دورهم المركزي في تدمير اقتصاد لبنان وماليته العامة. تقويم المجتمع الدولي للطاقم السياسي الحاكم لا يستثني أحداً، ولا يعفي أحداً من اركانه من المسؤولية عما آلت اليه الأمور الكارثية، كما انه لا يعفي القيّمين على السياسات النقدية، أي مصرف لبنان الذي لا يمكن حاكمه ان يتنصل من مسؤوليته عن تمويل حالة شاذة دامت سنوات طويلة. ولعل الموقف الدولي من الطاقم الحاكم الذي يلامس الاحتقار هو المحرك الأساسي للالتفات أخيراً نحو المجتمع المدني اللبناني الذي أُعطِي في المؤتمر الدولي الثاني الذي نظمته باريس يوم الأربعاء الفائت دوراً رمزياً، لا بل متقدماً على رئيس الجمهورية ميشال عون نفسه بحيث ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وبعد انتهائه من القاء كلمة الافتتاح، وبدلا من ان يعطي الكلمة لرئيس الدولة المعنية بتلقّي المساعدات، اعطى الكلمة لممثلي المجتمع المدني! ومن المهم بمكان التوقف عندما جاء في كلمة ماكرون بالنسبة الى الطبقة السياسية اللبنانية التي أعاد التأكيد أن لا ثقة بها اطلاقاً. ومن هنا يمكن الاستنتاج ان المجتمع الدولي بدأ يعمل على خطين متوازيين في ما يتعلق بالمسألة اللبنانية: الأول مع الطاقم الحاكم الحالي الذي يمثل الماضي السيىء لانتزاع اكبر قدر من التنازلات منه لمصلحة مشروع الإصلاح ومحاربة الفساد المستشري، والثاني، وهنا الأهم، مع المجتمع المدني اللبناني باعتباره يمثل المستقبل المطلوب للبنان من خلال تشجيعه على ان يتقدم المشهد اللبناني على كل الصعد. وهذا الامر منوط بتشجيع المجتمع المدني على لعب دور والتحضّر للانتخابات النيابية المقبلة في أيار 2022، بما يساهم في قلب صفحة الكثير من القوى السياسية اللبنانية التقليدية. ومن هنا مهم جداً مراقبة ما يحصل في الجامعات اللبنانية حيث تخوض نوادٍ علمانية مستقلة انتخابات طالبية وتحقق فيها نتائج كبيرة، في ما يمكن اعتباره مؤشراً إلى تبدّل المزاج اللبناني العام إزاء الأحزاب ومجمل الطاقم الحاكم الحالي.

ان التحوّل في النظرة الدولية الى الداخل اللبناني، وتحوّل المزاج اللبناني الداخلي منذ “ثورة 17 تشرين”، يجب ان يدفعا المجتمع الدولي الى ان تتقاطع اطرافه المؤثرة في لبنان على تأييد قوى المجتمع المدني ودعمها وتشجيعها على نحو منهجي ومتزايد. هنا يعود الرهان على مستقبل مختلف للبنان وأبنائه.