Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر December 28, 2016
A A A
المبارزة الروسية – الأميركية في الأسلحة إلى المنطقة
الكاتب: روزانا بومنصف - النهار

بدت لافتة في جردة نهاية السنة المنتهية أواخر هذا الاسبوع المبارزة الروسية الاميركية غير المباشرة على صعيد الأسلحة التي يصنعها البلدان ويستغلانها في منطقة الشرق الأوسط. فبرز تحديد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أنه تم “اختبار” أكثر من 160 نموذجا من الاسلحة الروسية الحديثة خلال العملية العسكرية التي قامت بها روسيا ولا تزال في سوريا. وهذه ليست المرة الأولى يفاخر فيها الوزير الروسي باستخدام أسلحة جديدة وإثبات فاعليتها، إذ قال في تشرين الاول الماضي انه “تم اختبار العديد من أنواع الأسلحة الحديثة المصنعة في بلادنا في ظروف صحراوية صعبة، وأثبتت بالإجمال موثوقيتها وفاعليتها”. وكأنه بذلك يقوم بالدعاية للاسلحة الروسية من أجل تأمين شراة دوليين لها، فضلا عن ان اطلاق الصواريخ العالية الدقة والبعيدة المدى من سفن وغواصات يشكل تجربة عملية مكتسبة، مما يشير الى نية عدم إخفاء هذا الامر، بل على العكس، إبرازه من أجل الاستفادة منه. فكلمة اختبار في حد ذاتها تدلل على ان الحرب السورية كانت ميدانا مناسبا احتاجت اليه روسيا لرصد مدى فاعلية اسلحتها غير المختبرة او المجربة وتظهرها للعالم على انها كذلك. لذلك قد تكون الخسائر التي اصيبت بها روسيا في حوادث على صلة بسوريا وتدخل روسيا عسكريا فيها كبيرة جدا برمزيتها وليس ضرورة في حجمها وكان اخرها هذا الشهر اغتيال السفير الروسي في تركيا ثم سقوط طائرة تقل فرقة عسكرية موسيقية شهيرة من سوتشي الى اللاذقية لاحياء حفل نهاية السنة من الاضرار الجانبية التي لا بد منها في سوريا بعدما تورطت روسيا في الحرب انقاذا للنظام وتاكيدا على موقعها الدولي بدء من الشرق الاوسط. فالاضرار الجانبية تبقى محتملة ومقبولة ما لم تتخط سقفا معينا يثير سخطا شعبيا في روسيا على رغم ان الضربتين الاخيرتين تعدان قويتين جدا في خانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا ان باستهداف سفيره في تركيا او سقوط طائرة بعد دقائق من اقلاعها من سوتشي، أحد أبرز مقار بوتين في موازاة رفض نظرية عملية ارهابية قد تعني في حال صحتها ان الرئيس الروسي قد تسبب باستقدام الارهاب الى روسيا بدلا من ملاحقته في سوريا كما قال مسؤولوه بالنسبة الى وصول الارهاب الى تركيا مع اغتيال السفير. لكن إثارة الغضب الشعبي لم يحصل حتى الان، فيما يبدو اعلان وزير الدفاع الروسي عن النجاح في تجربة 160 نموذجا من الاسلحة الحديثة، بمثابة تأكيد أن هناك جوانب لا ينبغي اغفالها في هذه الحرب ولها اهميتها بالنسبة الى روسيا، لكن لا تبرز الى الواجهة كثيرا، ما لم يتم الاضاءة عليها، وهو ما يقوم به تكرارا وزير الدفاع الروسي من اجل أن يبرز أن لهذا التدخل فوائد ملموسة وعملية بالنسبة الى روسيا، بحيث يجب ان يشكل هذا المجال عنصرا او مجالا رحبا للتنافس مع الولايات المتحدة إذا أمكن.

والدول الكبرى تتخذ من حروبها ميدانا عمليا لتجربة سلاحها وترويجه تمهيدا لبيعه من دول اخرى بغض النظر عن الخسائر الجسيمة التي قد تترتب على تجربة هذه الاسلحة. وليس واضحا ما اذا كانت روسيا تحاول ان تغري دول المنطقة بشراء هذه الاسلحة لكنه امر متوقع وقد يكون مجرد مصادفة في ان يعلن في المقابل في الوقت نفسه ان الولايات المتحدة وقعت العام الماضي صفقات تسليح بقيمة 40 مليار دولار لعلها توازي نصف مشتريات دول العالم من الاسلحة، متقدمة بذلك على فرنسا في شكل كبير، بعدما باعت أسلحة وصلت الى 15 مليار دولار. وهو الامر الذي ينبغي ان يثير تساؤلات جدية اذا كان ثمة مصلحة لدى هذا الجانب او ذاك في انهاء حروب مشتعلة او المساهمة في اذكائها تنشيطا لتجارة السلاح وازدهار هذه التجارة الى جانب الاهداف السياسية والاقتصادية والديبوماسية الكبيرة. ذلك ان مدة التدخل الروسي في سوريا، والتي ترقى الى سنة وثلاثة اشهر حتى الان، هي التي أتاحت تجربة هذا الكم الكبير من السلاح. وإذا اقتضت الحاجة الى مدة اطول فمن غير المتوقع ان تنجح الجهود التي يتردد ان روسيا تبذلها من اجل بدء مفاوضات سياسية بين النظام السوري والمعارضة. وكذلك الامر بالنسبة الى الولايات المتحدة حيث استمرار التوتر بين الدول العربية وايران يساهم في رفع مستوى شراء الاسلحة الى درجة كبيرة بحيث من غير المتوقع تاليا ان يكون لدى اميركا اي مصلحة في تخفيف التوتر او زواله او ايضا انتهاء الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية في المدى القريب بعدما بات التنظيم عنوانا لمحاربة الارهاب على مستوى المنطقة والعالم ايضا . كانت الحال كذلك في الصراع العربي- الاسرائيلي على مدى عقود، حيث كانت العطاءات الاميركية من الاسلحة المتقدمة لاسرائيل تستفز الدول العربية التي تسرع الى تكبير حجم ترسانتها من الاسلحة المتطورة، مخصصة مليارات الدولارات من اجل تأمين الدفاع عن نفسها. وقد اضاف الصراع العربي مع ايران هدفا جديدا الى هذا التسلح المتقدم والذي لا يبدو مقبلا على اي تراجع بل على العكس من ذلك.