Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر December 12, 2016
A A A
المارينز في حيفا بمواجهة الروس في طرطوس
الكاتب: ميشال نصر - الديار

في موازاة تجميع أوراق «القوة» الدولي الذي تشهده ساحات المنطقة، تستفيد الاطراف الاقليمية لتحقيق مكاسب تحدد من وضعيتها، في مشهد تبدو فيه الصورة على انها انقلاب في التوازنات ، على وقع «مقايضات» سياسية يحكى عنها من سوريا الى اوكرانيا.
تبين الوقائع على الارض، ان ما يحصل في حلب، بحسب مصادر دبلوماسية، انما هو نتيجة للتخبط الذي يحكم السياسة الأميركية حاليا في انتظار تظهّر ملامح الاستراتيجية الجديدة التي سيعتمدها الرئيس الجمهوري دونالد ترامب تجاه الشرق الأوسط، والتي لا تزال حتى الساعة غير واضحة المعالم، رغم بعض المؤشرات التي تدل عليها التعيينات التي اصدرها، ما اتاح لموسكو وأحلامها التوسعية القديمة – الجديدة الفرصة الكبيرة، مستفيدة مما يحصل بقوة موظفة آلتها العسكرية والدبلوماسية لحسم المعركة لصالحها، بهدف فرض معطيات ميدانية جديدة تحسّن موقع الكرملين في المفاوضات المنتظرة مع البيت الابيض في الملفات كافة، بعد استقرار استلام الادارة الجمهورية الجديدة السلطة.
وسط هذه الاجواء، ترى المصادر ان المشهد السوري المستقبلي لا يبدو مطمئنا. فالنظام وحلفاؤه عازمون على حسم المعركة، في مقابل، موقف اميركي يقف عند حدود الادانة، تضاف اليه مواقف ترامب الملتبسة والتي تبعث على القلق خصوصا لناحية مهادنته موسكو ، لتوثيق العلاقات معها ،ودمشق، بحجة تقدم مسألة محاربة الارهاب في أجندته على سواها من القضايا. أما الاوروبيون فيكتفون باستنكارات خجولة لا تبدل في المشهد، فيما الدول العربية منشغلة بمشاكلها الاقتصادية والسياسية الداخلية وبحسابات الربح والخسارة،ما يعني وفق المصادر ان حلب سقطت أو تكاد، بفعل «تقاعس المجتمع الدولي التآمري» وضعفه السياسي، لا بفعل «قوة» النظام السوري وحلفائه.
أما ايران، بحسب المصادر، فترفض الاستسلام لواقع ان التدخل الروسي في سوريا، حدّ من نفوذها وقوّض قدرتها على استعمال هذا الملف في مفاوضاتها مع الادارة الاميركية الجديدة، معتمدة استراتيجية النفس الطويل، معولة على ان تكون سوريا ورقة قوّة في يدها تستخدمها للضغط على ترامب في أعقاب مواقفه المتشددة والحادة من الاتفاق النووي وعزمه فرض عقوبات اضافيةعليها، كما انها تحاول تعزيز حضورها ونفوذها في لبنان أيضا، متصدية لمساع سحب ورقته من يدها، بعدما نجحت في ايصال رئيس للجمهورية محسوب عليها، ما يعني عمليا ان الاشهر المقبلة ستشهد على صعيد المنطقة مزيدا من شد الحبال العسكرية والسياسية.
تحليل تعززه التعيينات العسكرية والامنية التي يتخذها الرئيس الاميركي المنتخب تثير مخاوف بشأن الاستراتيجية الأمنية في سوريا، حيث يصف الخبراء الاميركيون تلك الاختيارات ، معتبرين أنها تهدد بمحو المنطقة العازلة بين المدنيين والقوات المسلحة، لافتين أنه مع ترجيح ترشيح جون كيلي لإدارة وزارة الأمن الوطني، يكون ترامب اختار ثالث جنرال متقاعد في فريق أمنه القومي، بعد اختيار جون ماتياس لوزارة الدفاع ومايكل فلين، الجنرال المتقاعد وضابط الاستخبارات المثير للجدل كمستشار للأمن القومي، فضلا عن أن الاعتماد على شخصيات عسكرية عزز التحذيرات بشأن استراتيجية الأمن القومي في إدارة ترامب، من احتمال أن يصبح العسكري أكثر تسيساً وأن تصبح السياسة أكثر عسكرة أيضا.
في هذا الاطار كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن «بند فرعي» و«صيغة» وضعت في «قانون ميزانية الأمن العسكري الإسرائيلي» تشير إلى نية الجيش الأميركي إستخدام سواحل الأراضي المحتلة كقاعدة عسكرية له. اذ وفقاً لموقع «المصدر» الإسرائيلي الناطق باللغة العربية، فإن الهدف من إستخدام الجيش الأميركي للسواحل الإسرائيلية هو وقوعها على مقربة من السواحل السورية التي يشغلها الجيش الروسي خاصة قاعدة طرطوس البحرية. اما موقع NRG الإسرائيلي ، فاشار من جهته، أنه وفقًا لبعض البنود الفرعية في قانون ميزانية الأمن الأميركي، يتضح أن الجيش الأميركي سيستخدم السواحل الإسرائيلية بشكل أكبر تدريجياً في السنوات القريبة، ويستعد ماليًا من أجل ذلك أيضًا.
بنود فرعية تتطابق مع ما ورد في البند J 1259 من قانون موازنة الأمن الأميركي لعام 2017، تحت عنوان «المصادقة على الدعم الأميركي لإسرائيل»، حيث ورد في القانون  المذكور أن الحديث يدور عن دعم مالي لإسرائيل، دون أي إطار مالي، لقاء استضافة سفن الأسطول البحري الأميركي في السواحل الإسرائيلية، حيث تسري صلاحية هذا البند لمدة خمس سنوات، أي حتى عام 2021.
وبحسب الوارد في «البند J 1259  ايضًا ، أن الدعم المالي الأميركي لإسرائيل هو عبارة عن نشاط بحثي مُشترك حول «قدرات رصد الأوضاع المحيطة في البيئة المائية». يشار الى ان سواحل مدينة حيفا  لا تبعد أكثر من 200 كم فقط عن سواحل مدينة طرطوس السورية التي تتضمن قاعدة للأسطول البحري الروسي، اذ يفصلها عنها الواجهة البحرية اللبنانية.
وفقا لما ورد يتبين ان الجيش الأميركي يسعى لتعزيز دوره على الخط الناشط للجيش الروسي حيث تقع أحد أكبر حقول الغاز المائية في المنطقة. هنا، تشير المعطيات أن بذور الصراع الحالي أو المستقبلي لن تكون عسكرية فقط، بل أن تثبيت القوات البحرية الروسية أو الأميركية في منطقة ذات ثروات يعتبر تقاسم للموارد الإقتصادية وحمايتها فضلاً عن تقاسم النفوذ في منطقة أسخن منطقة في العالم وهذا ما يعيد للاذهان حقبة الحرب الباردة.
بين مواقف الرئيس بشار الاسد لصحيفة «الوطن» وتحديدا ازاء رسالة وجوب «عدم النأي بالنفس عن الحرائق التي تشتعل حوله»، وبين الكلام الذي قاله مفتي سوريا الشيخ أحمد بدر الدين حسون من بعبدا وبكركي مشرّعاً ابواب الرفض والانتقاد من فريق واسع من اللبنانيين، توزعت الاهتمامات وكثرت التحليلات حول المرامي السورية في هذا التوقيت بالذات وابعادها غير المعلنة لمحاولة تلمّس طبيعة الذبذبات التي اراد النظام السوري الذي يعيش نشوة الانتصار في حلب ارسالها للعهد الجديد وكل من «يعنيه الامر»، وما اذا كانت تذهب الى حدود التلميح بان الانتصار سيعيد النفوذ السوري الى لبنان من بوابة المسيحيين.