Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر February 2, 2019
A A A
المؤتمر الشعبي: مكافحة الفساد لن تتحقق بدون قضاء مستقل شجاع

رأت قيادة “المؤتمر الشعبي اللبناني”، في بيان، أن “تشكيل حكومة جديدة بعد مخاض عسير، سببته الطبقة السياسية، بتجاوزها للدستور، هو خطوة إيجابية مقاربة بحالة الفراغ الدستوري وغياب السلطة التنفيذية، الذي ألحق أضرارا جسيمة بوضع البلاد والعباد”.
وأشارت إلى أن “ملاحظات المؤتمر الشعبي اللبناني على ظروف وطبيعة تشكيل الحكومة تنطلق من العوامل التالية:
أولا: على رئيس الحكومة السابقة وكل الوزراء، تقديم كشف حساب للرأي العام عن أعمالهم خلال عمل الحكومة، انطلاقا من بيانها الوزاري وتعهدات رئيسها. فالكوارث التي لحقت بالناس، تتحمل جزءا كبيرا من مسؤوليتها الحكومة السابقة، فإذا لم تقدم كشف حساب للشعب، فإنها تكون قد احتقرت الرأي العام، وواصلت ممارسة الخطايا، التي ارتكبتها بدون أي حساب.
ثانيا: إننا إذ نحترم فخامة الرئيس ميشال عون، ونؤيد مواقفه الوطنية التحررية، خاصة في مواجهة العدو الإسرائيلي وقضية فلسطين، إلا أننا نتمسك بالدستور، الذي لا ينص على حصة وزارية خاصة للرئيس. فهذه الحصة توافقت عليها قوى سياسية في اجتماع الدوحة عام 2008، على أساس أن يكون للرئيس ميشال سليمان وزيران لأن ليس له كتلة نيابية أو حزب، وهو اتفاق غير دستوري. لكن في حالة الرئيس عون، فإنه يمتلك حزبا كبيرا ووازنا، وبالتالي فإنه لا يحتاج لحصة خاصة، وهذه مخالفة للدستور، كما صرح الرئيس حسين الحسيني، الذي كان المحور في اتفاق الطائف عام 1989.
إذا كان هدف رئيس التيار الوطني الحر، هو الاتجاه لحكم الحزب الواحد أو حكم فريق، مهما كانت تسميته، فإنه يتصادم بذلك مع الدستور، حتى لو كان رئيس التيار يؤكد على التوافق الوطني. فالدستور أنهى حكم مذهب أو طائفة أو حزب على الآخرين، واتفاق الطائف لم يقرر نظام العددية الديمقراطية، بل ساوى بين المسلمين والمسيحيين بالتعددية، بغض النظر عن الأغلبية الإسلامية، وبالتالي فلا مبرر لتعديل الدستور، بممارسة غير مشروعة من أي طرف كان، خاصة وأن الطبقة الحاكمة لم تطبق الدستور كاملا. فلنطبق الدستور ونبحث بعدها أن كان لازما إجراء تعديلات على نصوصه.
ثالثا: لم يكن عملا دستوريا اقتصار تشكيل الحكومة على الكتل النيابية فقط، لأن تشكيلها على هذا الأساس، يضرب منطق الرقابة النيابية على أعمال الحكومة، وهذا سبب مهم من أسباب احتكار الطبقة الحاكمة للسلطة، وتجاوز الحكومات بارتكاب فضائح مشهودة. إننا نعتبر أن وجود وزراء وطنيين تحررين، مكسبا للبلاد، شرط أن يتفقوا على برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي متقدم، وأن يكونوا على تفاعل مع ناخبيهم والتيارات الوطنية في البلاد، لا أن يحتكروا المواقف بصفتهم الحزبية أو الشخصية.
رابعا: إن المهمة الأولى للحكومة الجديدة، هي التكامل مع مجلس النواب والتيارات الوطنية الأساسية في البلاد، وفي مقدمتها التيار الوطني العروبي، لوضع خطة تطبيقية لاتفاق الطائف والدستور. لقد سقط نظام الطبقة ولا بد من إحياء الدستور، الذي هو فوق جميع السياسيين فالدستور هو الحل.
خامسا: وبالاستناد إلى الأرقام التي تؤكد تصدع الاقتصاد والمالية العامة، لا بد من عقد مؤتمر اقتصادي يحضره نقابات وخبراء اقتصاديين وقوى الإنتاج الصناعي والزراعي، للخروج بخطة اقتصادية جديدة، وليس الاعتماد على مؤتمر سيدر وتقرير ماكينزي.
إن الطبقة السياسية سخرت الاقتصاد لطبقة فئوية من كل الطوائف، ولم تخدم السياسات الاقتصادية المعتمدة منذ العام 1992، الأغلبية الشعبية من الطبقة المتوسطة وما دونها، بل خدم طبقة واحدة على حساب أغلبية المواطنين، الذين تحملوا وحدهم كوارث سياسات هذه الطبقة الحاكمة.
سادسا: إن من أولويات الحكومة إذا كانت ملتزمة بمصالح المواطنين حقا، أن تبادر فورا باستعادة أموال التهرب الضريبي، وباسترداد الأملاك البحرية والنهرية والبرية، التي تقدر بأكثر من عشرة مليارات دولار.
سابعا: كل تصريحات المسؤولين وغيرهم عن الفساد، لا معنى لها من دون الالتزام بالدستور، الذي نص على إنشاء سلطة قضائية متحررة ومستقلة تماما عن بقية السلطات. إن تبعية السلطة القضائية للسلطة السياسية وإلغاء دور أجهزة الرقابة، وخاصة التفتيش المركزي وديوان المحاسبة، فتح باب الفساد على مصراعيه، بدون حسيب أو رقيب، حتى تم تصنيف لبنان من قبل الأمم المتحدة من أوائل الدول في الفساد. إن مكافحة الفساد لن تتحقق بدون قضاء مستقل شجاع وفاعل، وكل كلام ضد الفساد بدون سلطة قضائية مستقلة، هو مواصلة الفساد بكل أشكاله.
ثامنا: إن المؤتمر الشعبي اللبناني، سيتابع أعمال الحكومة، على هذا الأساس وسوف يتواصل مع كل وزير وطني منفتح، فالتوفيق بين الأمن والعدل والحرية هو قاعدة الحكم الرشيد”.