Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر November 30, 2020
A A A
«المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني» يُعوّم حكومة دياب في حال أبقى الحريري تشكيل حكومته مجمّداً
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

عادت بعض الأحزاب السياسية الى مطلب إجراء الإنتخابات النيابية المُبكرة لا سيما بعد الجمود الذي أصاب تشكيل الحكومة الجديدة وعدم تنفيذ بالتالي بنود المبادرة الفرنسية التي يؤكّد القادة السياسيون أنّهم ملتزمون بتطبيقها، إلاّ أنّ شيئاً لا يظهر على أرض الواقع. ويبدو أنّ جميع الأطراف السياسية تنتظر اليوم تسلّم الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن مقاليد الرئاسة الأميركية في 20 كانون الثاني، ولهذا لا يسعى أي منهم الى تأليف «حكومة مهمّة» تُنقذ البلاد من الوضع الإقتصادي المتردّي ومن تفشّي وباء «كورونا» بسبب عدم التوافق الخارجي على الحلّ. وقد رأى البعض أنّ العودة الى المطالبة بإجراء إنتخابات نيابية مُبكرة قد يُلهي الساحة الداخلية عن الجمود الحكومي.
وتقول مصادر سياسية مطّلعة إن مسألة إجراء إنتخابات نيابية مُبكرة من الصعب تمريرها حاليّاً لاعتبارات عدّة. كما أنّ أحزاباً عدّة ترفضها لعلمها بأنّ نتائج هذا الإستحقاق لن تصبّ في صالحها، بعد أن كانت تتمثّل بكتل نيابية كبيرة. ولكن في ظلّ تعثّر ولادة الحكومة، ولكيلا يبقى الوقت الضائع «ضائعاً»، طُرح موضوع إجراء الإنتخابات النيابية المُبكرة. هذه الإنتخابات التي تستلزم حُكماً الإتفاق على قانون جديد للإنتخاب، أو تعديل القانون الحالي.
وإذ يُطالب طرف سياسي بإجراء الإنتخابات وفق تقسيم لبنان الى خمس دوائر، يجد آخر أنّه يجب أن تُجرى هذه المرّة على أساس النسبية وفق لبنان دائرة واحدة، فيما يتمسّك آخرون بالقانون الإنتخابي الحالي أي الذي اُجريت على أساسه الإنتخابات النيابية السابقة، مع إدخال بعض التعديلات عليه… وترى أنّ التوافق على قانون إنتخابي جديد يتطلّب وقتاً لأنّ كلّ فريق سياسي يتمسّك بالقانون الأنسب الذي يعيد ممثّليه الى الندوة البرلمانية ويؤمّن حجمه الشعبي الفعلي. علماً بأنّ المجلس النيابي الجديد هو الذي سينتخب الرئيس المقبل للبلاد في أيّار من العام 2022.
غير أنّ الوقت الحالي لا يبدو سانحاً لإجراء إنتخابات نيابية مبكرة، على ما تقول المصادر نفسها، قبل إجراء الإصلاحات الأخرى المتعلّقة بتحسين الوضع الإقتصادي والمالي وقطاع الكهرباء، سيّما أنّ لبنان لا يتحمّل نفقات مالية إضافية من جهة، ولا يُمكنه بالتالي إجراء الإنتخابات في ظلّ انتشار وباء «كورونا» في البلاد بشكل كبير. وإذا كانت خطوة وضع قانون الإنتخاب على سكّة النقاش جيّدة، فإن اكتمالها والتوافق على صيغة القانون الأفضل والأنسب لجميع القوى والأحزاب السياسية لن يكونا أمراً سهلاً. وقد بدأت الأحزاب تقوم، منذ بدء بحث الموضوع في المجلس النيابي أخيراًبحسابات الربح والخسارة، وخصوصاً أنّ «ثورة 17 ت1» من العام الماضي، أظهرت أنّ جميع السياسيين والأحزاب باتوا لا يمثلون الشعب اللبناني بنسب كبيرة، سيما أنّها ساهموا بغالبيتهم في تدهور الوضع الإقتصادي والنقدي في لبنان، وفي انخفاض القيمة الشرائية لليرة اللبنانية الى أدنى المستويات منذ 30 سنة وحتى اليوم بفعل الفساد ونهب الأموال العامّة.
وترى أنّ تشكيل الحكومة رغم صعوبة التوافق على تأليفها قد يكون أسهل من الإتفاق على قانون جديد للإنتخابات. لكنّها أشارت الى أنّ السير في هاتين الخطوتين، يبقى أفضل من لا شيء وخصوصاً أنّ كلّ منهما يتطلّب وقتاً. وهكذا يتمكّن السياسيون من الإستفادة من الوقت الضائع في محاولة الإتفاق على أمر ما.
أمّا «المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني» الذي دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شركاء دوليين وتستضيفه بلاده عبر الفيديو كول في 2 كانون الأول المقبل لبحث تقديم مساعدات إنسانية للبنان، والذي يُعقد بالتعاون مع الأمم المتحدة ويهدف الى جذب أرفع تمثيل ممكن بهدف التشجيع على تقديم المساعدات اللازمة للبنان، فيؤكّد مرّة جديدة وقوف الرئيس الفرنسي الى جانب لبنان والشعب اللبناني، ودعمه على أعلى المستويات. ولهذا تتوقّع المصادر نفسها أن يقوم القادة السياسيون بتحرّك فوري في اتجاه تحريك موضوع تشكيل الحكومة لكي يستحق لبنان عقد هذا المؤتمر لدعمه ولكي يحظى بثقة المانحين، ولكيلا يضيّع هذه الفرصة عليه مجدّداً.
أمّا في حال بقي الوضع السياسي الداخلي على ما هو عليه، أي من دون طرح أي تشكيلة حكومية من قبل الرئيس المكلّف سعد الحريري على الرئيس عون، فإنّ ذلك يعني أنّ المؤتمر الدولي الذي يُفترض أن يُعقد في فرنسا الأربعاء المقبل، على ما أوضحت المصادر، سوف يُعوّم حكومة الرئيس حسّان دياب التي تقوم حالياً بتصريف الأعمال. فعدم اكتراث الحريري وإبقاء ورقة التكليف في جيبه، وهدر الوقت من دون القيام بأي مسعى في اتجاه تشكيل حكومته في انتظار التسويات الدولية والإقليمية الموعودة، قد تفقد لبنان استعادة ثقة المجتمع الدولي به، أو يُعوّم حكومة دياب كونها لا تزال موجودة.