Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر July 3, 2017
A A A
اللعب داخل متاهة قانون الانتخاب.. والتذاكي اللبناني!
الكاتب: اللواء

تعلم اللبنانيون من السوريين، قبل حقبة الوصاية وبعدها وإبانها، سياسة المماطلة او كسب الوقت، او إيجاد الحلول للأزمات عن طريق التمديد، والابتعاد عن المشكلة، او تقطيع الوقت، ونسي السوريون وبعدهم او قبلهم اللبنانيون ان الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك..

لم تكن حجة اللعب بالوقت، وعلى الوقت، وفي الوقت (الضائع) تستند الى مقولة (ويخلق الله ما لا تعلمون)، بل كانت تستند الى نوع من التذاكي، او التشاطر، ساعة «لأن المعركة مع الوقت تقتضي، وساعة لأن التوقيت المناسب لم يحن بعد، وساعة اخرى لأن المصالح «القومية للأمة» الى آخر المعزوفات التي كان تتحول الى كليشهات، صالحة لكل زمان، ولكن..

ولا حاجة لذكر الآثار المدمرة لهذه السياسة، سواء في ما خصَّ الأوضاع في بلد مثل سوريا، او في ما خصَّ الأرض المحتلة في الجولان وغيره..
ولكن الحاجة تبدو ماسة لمناقشة الآثار الدامية للعبة كسب الوقت، إما بالتأجيل وإمَّا بالتعطيل وإمّا بالتمديد.

كانت الحاجة لتمديد الأزمات في الحقبة السورية تأتي، إمّا من خلال كمب ديفيد، والانقسام العربي، أو من خلال 11 أيلول، وما أدراك ما 11 أيلول، وإمّا من خلال غزو العراق عام 2003 وإسقاط نظام الحكم هناك، الأمر الذي فتح الباب أمام اسقاط أنظمة الحكم العربية، الستالينية، إمّا بالانتفاضات الداخلية التي غالباً ما تتحول الى حروب داخلية، وإمّا بالتدخل المباشر عبر تنظيم تحالفات دولية، تقف الولايات المتحدة الأميركية على رأسها، قبل ان يأتي باراك أوباما، ويحاول إخراج جيوش بلاده من وحول الحروب من التفجيرات والعمليات الانتحارية في مستنقع الشرق الأوسط، وبلدانه العربية والإسلامية..

تعايشت في الحقبة هذه حكومات، وقامت تحالفات انتهت الى ما انتهت اليه عام 2005، حيث شكل هذا التاريخ فاتحة انهيارات، آخذة في التفاقم، بحيث كان من نتائجها:

1 – ارتفاع الدين العام الى ما يقارب الثمانين مليار دولار اميركي، تستنزف خدمته، ما يزيد عن 35٪ من موازنة الدولة.

2 – باتت عملية اقرار الموازنة واحدة من أصعب المحاولات الاقتصادية، بعد ان صار الدستور حبراً على ورق، وبعدما تحولت المواد ذات الصلة بتمويل الموازنة، وانجازها، وقطع الحساب، وعدم القيام بأي تشريع قبل إقرارها الى مواد ميتة معطلة، لا جدوى منها..

3 – تفاقمت الازمة المالية، وتفاقمت مخاطر بطء النمو (بين صفر و1،5٪) وانخفضت الودائع، وعانى اللبنانيون من ازمات الصحافة والاعلام واقفال الشركات و«الحجر العربي» على الاقتصاد اللبناني.

4 – وبفضل هذه السياسات، بدت سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، اشبه بلعبة ممجوجة، تتحدث عنها الطبقة السياسية اما لأسباب الحشد الطائفي في الشارع، او الحشد الانتخابي او ما شاكل من حاجة زعماء الطوائف لتحريك العصبية لديهم، بفتح شهية الولاء عبر السلسلة، فترتفع الأسعار ويذهب أصحاب الدخل المحدود من احباط الى إحباط، بانتظار فرصة اخرى، باعتبار النسيان من أحسن فضائل استمرار الحياة، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل..

5 – وفي هذه الصورة، التنازلية، باتت الكهرباء أشبه بحلم «ليلة صيف»، فالصيف هذا دخل منذ 21 حزيران، وها هو يقترب من نهاية شهر على بدئه ولا بواخر ولا سفن، ولا معامل، حتى ولا اقرار بعد للخطط «العظيمة» في وزارة الطاقة في مجلس الوزراء..

6 – ولا حاجة الى الكلام عن النفايات، وجبال النفايات، وغياب البرامج المطلوبة، او المقدمة، من دون تنفيذ.. فهل تنفجر الأزمة ذات يوم من هذا الصيف، كما هي القاعدة في أوقات سابقة من ايام صيف ممتدة منذ 5 سنوات على الأقل.

7 – ثم يأتي الكلام على السيادته، وعلى النخوة اللبنانية وكرم الضيافة، وإغاثة الملهوف (في اشارة الى السوريين النازحين، من ارض الدمار والموت، والمشردين الفلسطينيين الذين طالت بهم الغربة، وتحولت مهلة الـ 48 ساعة لعودتهم، الي ما يزيد مرة ونصف المرة عن 48 سنة).

يتخبط المجتمع السياسي اللبناني بأزماته، وترحب الطبقة السياسية بإنجازات القوى الامنية في ردع «جماعات الارهاب» وتفكيك خلاياها واحجارها، بعد أن تحولت مخيمات النازحين الى بيئات حاضنة، وبعدما تحولت مخيمات اللاجئين الى «تورا تورا» لبنانية (نسبة الى تورا بورا في باكستان حيث تختبئ قيادات القاعدة، وهناك اسامة بن لادن قبل قتله). فيما يختبئ المطلوبون «للعدالة اللبنانية» او العربية او الدولية، بحماية تكاد تكون كاملة من السلاح المفترض ان يكون في خدمة صد أي اعتداء اسرائيلي او غيره، (بعد مجازر صبرا وشاتيلا).

وهذا الترحيب والدعم الغاية منه البحث عن نجاحات وهمية لهذه الطبقة.. التي عادت تختبئ وراء أقنعة ما عرف «بوثيقة بعبدا 2017» والموضوعة لمعالجة الأزمات الحياتية والاجتماعية والاقتصادية في لعبة فصل مفتعلة بين السياسي والأمني والاجتماعي – الاقتصادي.

على أن الاهم، في هذه المراجعة المأساوية، لطبقة، فشلت أيما فشل، وعجزت أيما عجز، هو نجاح هذه الطبقة، في التمديد لنفسها سنة جديدة، على ظهر قانون الانتخاب الجديد الذي دفن القانون 25 المعروف بقانون الستين.

ولم يقتصر هذا النجاح، الذي يعمل بالطاقة نفسها، وبالمناورة نفسها «كسب الوقت» او حل أزمات المستقبل «بالوقت»، بل أوجد «متاهات» للبنانيين يلعبون داخلها، كما تلعب الفأرة، او القط، او كلاهما معاً، فهما في داخلها، لا يعرفان كيف يخرجان او يحددان طرق التوقف عن اللعب داخلها.
تحوّل قانون الانتخاب الى متاهة، وتحولت وزارة الداخلية الى خلية الازمة للبحث عن مخارج من هذه المتاهة..

وفي خضم الحسابات الانتخابية، والتحالفات، والتفاهمات، عاد الكلام عن تعديلات القانون والعجز عن الجهوزية وربما التأجيل أو… أو…