Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر November 4, 2016
A A A
الكوميديا الأميركيّة
الكاتب: نبيه البرجي - الديار

كل شيء يتزعرع فينا باستثناء سذاجتنا. كل شيء يتحطم فينا باستثناء سذاجتنا. الهذا ما زلنا نتساءل ايهما افضل للعرب هيلاري كلينتون ام دونالد ترامب؟
السؤال اياه الذي بدأنا بطرحه منذ ايام وودرو ويلسون، وصدور وعد بلفور، وحتى باراك اوباما مرورا بهاري ترومان الذي لم يأخذ بنصيحة وزير خارجيته جورج مارشال  الانتظار ولو ليوم واحد، ولو لساعة واحدة، قبل الاعتراف باسرائيل.
متى لم يتعامل معنا الاميركيون ككائنات من التنك، ولا نشبه الكائنات (البشرية)  الاخرى، الآن هيلاري كلينتون تعطي بنيامين نتنياهو الضوء الاخضر لقتل اي فلسطيني او اي فلسطينية ولو كانت تحمل سكين المطبخ، اما دونالد ترامب فيشترط علناً ان تدفع الدول العربية بدل حماية الولايات المتحدة لها.
فات المرشح الجمهوري ان انظمتنا الغراء استنزفت كل مواردنا، وكل امكاناتنا، وكل ازمنتنا، للبقاء، ودون ان تقدم لنا اميركا شيئاً سوى وضع مجتمعاتنا في الثلاجة، اميرة الديموقراطية اذا تسنى لكم ان تقرأوا كتاب الكسي دوتوكفيل، كرست التوتاليتارية والقبلية، بل وكرست ثقافة الغيب، وهي الوجه الآخر لثقافة العدم، في ديارنا…
الآن توحي او تشي المقالات التي تنشر في الولايات المتحدة، واحيانا في اسرائيل، بان المرشحة الديموقراطية تعهدت لاركان اللوبي اليهودي بدفع عشر دول عربية على الاقل لتوقيع معاهدات سلام مع تل ابيب في غضون ولايتها الاولى…
لا نعتقد ان السيدة هيلاري كلينتون ستجد صعوبة تذكر في الايفاء بتعهداتها. كل الطرق (العربية) تقود الى حائط المبكى. اين هي سوريا؟ واين هي مصر؟ واين هو العراق؟ حطام سياسي وعسكري او حطام اقتصادي (وسوسيولوجيا)…
بل واين الدول العربية الاخرى التي اكتشفت ان الاولوية للصراع مع ايران على الصراع مع اسرائيل الذي بات، عملياً، اثراً بعد عين. وراء الضوء كلام كثير حول التنسيق الاستخباراتي، وحتى الاستراتيجي، الذي ذهب ابعد من التصور. لا نعتقد ان طهران حزينة على انهيار العرب هنا وتيه العرب هناك…
على احدى الشاشات، قال خبير اقتصادي ان البورصات العربية مهددة بالتراجع على نحو دراماتيكي اذا ما دخل دونالد ترامب الى البيت الابيض. حقاً لا ندري لماذا. هل نعرف شيئاً عن السياسة الخارجية لهذا الرجل سوى انه التقى هنري كيسنجر الذي نصحه بان يترك الشرق الاوسط يحترق. لا تتدخل…
هيلاري كلينتون لم تتحدث مرة واحدة عن التسوية السياسية في سوريا بل وعدت برفع مستوى الدعم لفصائل المعارضة. هكذا لتتواصل اوديسه القتال والقتل، وبعدما بات جلياً ان من يتولون ادارة الخيوط يريدون ان تكون سوريا مقبرة الجميع بالدرجة الاولى… مقبرة العرب..
اياً كان الداخل الى البيت الابيض لن يغير شيئاً في السياق العبثي للعبة الدم. ثمة من اتخذ ذلك القرار الرهيب بتواصل الحرب في سوريا وحتى آخر سوري. لا رهان على دونالد ترامب ولا على هيلاري كلينتون. العقل الاميركي اياه، ولو كان عقل ثور هائج او عقل امرأة تعتبر ان المدى الاستراتيجي لاظافرها قد يتعدى المدى الاستراتيجي للصواريخ العابرة للقارات…
اذاً، لماذا لا تتمتع بتلك الكوميديا الانتخابية التي تجري امامنا، الجمهوريون يتهمون مدير الـ «اف.بي.آي» (مكتب التحقيق الفديرالي) جيمس كومي بمحاولة «اغتيال» المرشحة الديموقراطية، والبعض يستذكر كيف ان مدير الـ «اف.بي.آي» الشهير ادغار هوفر والذي بقي في منصبه منذ عام 1924 وحتى وفاته في عام 1972، كان يلاحق جون كينيدي في الشقق السرية مع مارلين مونرور، حتى ان هناك من اتهمه بالوقوف وراء اغتياله.
وتردد ان هوفر المثلي كان مثقلاً بالعقد الجنسية والسياسية، وكان يحكم اميركا من وراء الستار…
كومي يكاد يقلب المعارك رأساً على عقب، اوباما يظهر بمظهر من يسعى لانقاذ هيلاري. لا احد يصدق لان الرجل الذي لم يطق وجودها في وزارة الخارجية لا يطيق ان تكون خليفته في البيت الابيض وتمحو كل اثر له على الارض الاميركية .
لا يسعنا الا ان نتفرج او ان نتمتع، كل من في البيت الابيض لا ينظر الينا سوى كوننا كائنات من… التنك!!