Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر March 8, 2022
A A A
الكابتن هدى مطر: الطائرة لا تعرف الفرق بين رجل وامرأة
الكاتب: ريتا ابراهيم فريد - نداء الوطن

 

لم تكتفِ بالحلم، بل حلّقت به عالياً. سارت في طريقها من دون خوف، واختارت وجهة مميّزة لأحلامها، وتولّت قيادتها بنفسها. الكابتن هدى مطر هي شابة لبنانية في مقتبل العمر، جميلة، مثقّفة، صلبة. تمتلك ما يكفي من الثقة بالنفس لخوض أكبر التحدّيات. فهي واحدة من عدد قليل من النساء اللواتي يقدن الطائرات في لبنان. درست في بريطانيا، كما أنّها مدرّبة طيران. وفي اليوم العالمي للمرأة، “نداء الوطن” تواصلت مع الكابتن هدى مطر في حوار ممتع تحدّثت فيه عن تجربتها، وأكّدت على أنّ “المرأة إذا أرادت، فهي حتماً تستطيع”.
كيف كانت البداية ولماذا اخترتِ هذه المهنة بالذات، علماً أنّها تُعتبر حكراً على الرجال؟

البداية لم تكن سهلة كما يمكن تصوّرها. فقد احتجتُ الى القيام بالكثير من الأبحاث عن الأكاديميات التي كان يمكن أن أتوجّه إليها، إضافة الى كيفية تأمين التمويل المادي للدراسة التي كانت كلفتها مرتفعة. اخترتُ هذا المسار الوظيفي في سنّ مبكرة، علماً بأنّ المجتمع كان يذكّرني دوماً بأنّني امرأة، في إشارة الى أنني أقلّ كفاءة من الرجل، وأنّ النجاح سيكون صعباً عليّ. لقد استمعتُ الى الكثير من الآراء والتساؤلات والنصائح، التي تمحور معظمها حول إعاقة حياتي كأمّ مستقبلية كوني سأكون مضطرّة للسفر إلى أماكن مختلفة ومغادرة منزلي لفترات طويلة من الزمن. لكن رغم ذلك كنتُ منغمسة كلّياً في شغفي للوصول الى أحلامي. لذلك سعيتُ بكلّ إمكاناتي لتحقيقها.

هل واجهتِ صعوبات في إقناع أهلك برغبتك في دراسة الطيران، أم أنك حصلت على تشجيع منهم؟

لطالما كان أهلي من أشدّ الداعمين لي وللحلم الذي كان شبه مستحيل بسبب التكاليف المادية. لقد بذلت أسرتي جهداً كبيراً للبحث عن الوسائل المناسبة التي تتيح لي السير في الطريق نحو تحقيق حلمي. ولا شكّ في أنّ دعمهم منحني الثقة لتعزيز إيماني بنفسي، وبأنني إذا أردت تحقيق شيء ما، فإنني أستطيع ذلك.

 

 

كيف تصفين شعورك خلال أوّل رحلة قمتِ بها؟

رحلاتي الأولى كانت برفقة مدرّب، بالتالي كانت تقنية للغاية. حيث كنتُ أصبّ كامل اهتمامي للمحافظة على أعلى مستوى تركيز يسمح لي بالتعلّم وإتقان المهامّ والمهارات. إلا أنّ الإحساس الكبير بالابتهاج والفرح ظهر خلال رحلتي الثالثة التي كنتُ انطلقتُ فيها بمفردي. أتذكّر أنني اخترتُ الطيران صوب البحر وبدأتُ بالغناء، فقد كنتُ في غاية السعادة!

ماذا عن ردود فعل الركاب حين يعلمون أنّ القبطان إمرأة؟

أحاول كقبطان أن أتأكّد من أنّ الراكب يشعر بالأمان والثقة حين يراني. لا بدّ من الإشارة هُنا الى أنني كنتُ محظوظة بعددٍ كبير من الركّاب الداعمين والمشجّعين الذين التقيتُ بهم على متن الطائرة، وبعضهم عبّر لي عن فخره. لكن في المقابل، مررتُ ببعض المواقف الطريفة حين اعتقد بعض الركّاب أنني مندوبة لشركة الخدمات الأرضية أو مهندسة أو مضيفة طيران، من دون أن تخطر في بالهم مجرّد فكرة أن أكون أنا قبطان الطائرة.

من المعروف أنّ القبطان (أو أي قيادي بشكل عام) عليه أن يحافظ على تماسكه في الظروف الصعبة، كي يوحي بالثقة للركاب. هل حصل أن تعرّضتِ لموقف ما خلال الرحلة وشعرتِ فيه بالخوف؟

التخطيط للرحلة قبل الانطلاق هو المفتاح الأساسي لنجاحها. بالتالي، حين نواجه أيّ موقف غير مرغوب فيه أثناء الرحلة، إنما نكون بالفعل قد اتّخذنا جميع الاحتياطات اللازمة من أجل التخفيف قدر الإمكان من نسبة الأضرار.

وعندما أسافر مع ركّاب يخشون السفر بالطائرة، فإنني أستغلّ الوقت المتاح كي أتناقش معهم في ظروف الرحلة، أو كي نتحدّث عن توقّعات الطقس. وأعتقد أنّ تزويد الركاب بالمعلومات والتفاصيل حول الرحلة، إضافة الى رؤيتهم لي وأنا أقوم بعملي بجدية، من شأنه أن يمنحهم الثقة والاطمئنان بأنّهم يسافرون في أيدٍ أمينة.

كيف تردّين على من يعتبر أن بعض المهن (ومن بينها قيادة الطائرات) قد تؤثّر على أنوثة المرأة؟

مبدأ الحفاظ على الأنوثة ينبع من خيار شخصي. ومن المؤسف أننا كنساء ما زلنا نشعر أننا لا نؤخذ على محمل الجدّ، لمجرّد أننا نتصرّف انطلاقاً من حسّنا الأنثوي. عندما كنتُ أصغر سناً، شعرتُ أنني بحاجة إلى التخفيف من أنوثتي إلى الحدّ الأدنى الذي يمكنني أن أصمد فيه. لكن في ما بعد، وعندما عملتُ ضمن بيئة داعمة، شعرتُ براحة أكبر حين كنتُ كما أنا. النجاح في العمل لا علاقة له بنوع الجنس. ويمكنك أن تكون طياراً رائعاً سواء كنت رجلاً أو إمرأة، فالطائرة لا تعرف الفرق!

في اليوم العالمي للمرأة. ما هي رسالتك لكلّ سيّدة تخشى خوض التحدّي للوصول الى أحلامها؟

رسالتي للجميع، الفتيان والفتيات، النساء والرجال: الطريق سيكون صعباً، وسنواجه الكثير من العقبات. لكن لا يمكننا الوصول الى أهدافنا إلا من خلال المثابرة.

رسالتي لكلّ فتاة وامرأة: إذا كان بإمكاني أنا أن أقوم بهذا العمل، إذاً يمكنكِ أنتِ أيضاً أن تقومي به.

وماذا تقولين للرجال الذين يعتبرون أنّ المرأة لا يمكنها تولّي القيادة؟

جميع الرجال وُلدوا من رحم نساء. ومعظمهم يعرفون أنّهم حين كانوا صغاراً، ربّتهم أمّهاتهم حتى أصبحوا رجالاً اليوم. أمّهاتنا قويات ولا يعرفن الخوف، في حين أنّهن رقيقات ولطيفات في الوقت نفسه. لذلك أطلب من هؤلاء الرجال أن ينظروا إلى أمّهاتهم اللواتي يشبهن الجبال، حينها سيتذكّرون أنّ المرأة يمكنها أن تتولّى القيادة وأن تنجح في مسؤوليتها.