Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر October 24, 2017
A A A
القوى السياسية تقرع باب الاغتراب
الكاتب: البناء

الحرب على حزب الله تلقي بظلالها على الوضع اللبناني بمواقف وتحرّكات للأطراف المنضوية تحت مظلة القيادة الأميركية السعودية، حيث تبدو محاولات لملمة التلويح القواتي بالاستقالة من الحكومة باتصال بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لتوظيف الضغوط بوجه حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر، من بوابة الضغوط لقطع الطريق على أيّ مساعٍ للتواصل الحكومي بين لبنان وسورية، سواء تحت عنوان الملف الذي يتبنّاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل لعودة النازحين السوريين، أو تحت عنوان التواصل الطبيعي بين الوزارات في الدولتين لتنسيق الشؤون المشتركة، خصوصاً ما يتصل منها بالشأن الزراعي، حيث مواسم الموز اللبناني تنتظر تفاهم وزارة الزراعة مع وزارة التجارة السورية لتنظيم اتفاقية تتيح تصدير الموز اللبناني إلى سورية بشروط وميزات وكميات، اعتاد المزارعون اللبنانيون تخصيصهم بها، بحيث يبيعون نصف إنتاجهم لسورية وبسعر يعوّض الكثير من خسائرهم، بموجب استثناءات تقرّرها الحكومة السورية بتوجيه سياسي من الرئيس السوري بشار الأسد، وقبله من الرئيس الراحل حافظ الأسد، بطلب سنوي متجدّد منذ ثلاثة عقود وأكثر لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، كترجمة لتحصين بيئة المقاومة وجمهورها، ويقف حزب الله في موقع المساند لها.

لبنانياً أيضاً، بدأت التحضيرات المتفاوتة لملاقاة الاستحقاق الانتخابي، حيث شكّلت دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري للمغتربين للتسجيل في السفارات تحضيراً لمشاركتهم في الانتخابات أول دعوة مباشرة لشرائح من الناخبين للاستعداد، ولبنانياً بدأت الاستعدادات المشتركة بين وزارة المالية ولجنة المال النيابية لخوض غمار التأسيس على إنجاز موازنة العام 2017 للبدء بورشة موازنة العام 2018، بينما على الصعيد السياسي والدبلوماسي سجل اللقاء الذي جمع رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو بسفير الصين في بيروت وانغ كيجيان، تثمين الحزب والقوى الوطنية لمواقف الصين إلى جانب شعوب المنطقة، وتأكيداً من السفير الصيني على سعي حكومة بلاده لتسريع الحلً السياسي في سورية.

جعجع يتراجع بعد اتصال الحريري
انشغلت الأوساط السياسية بتلويح حزب «القوات اللبنانية» بخيار الاستقالة من الحكومة في اليومين الماضيين، والتي ربطها أمس، رئيس الحزب سمير جعجع بشرطَيْ «بلوغ الخروق حدَّ عودة العلاقات مع نظام الأسد واستمرار محاولات تمرير المناقصات المشبوهة»، ما فسّرته مصادر على أنه تراجع مموّه عن الاستقالة بعد المعلومات التي سرت عن اتصال تلقاه جعجع من رئيس الحكومة سعد الحريري لاحتواء الموقف وتمّ الاتفاق بينهما على تحديد موعد لاجتماع يُعقد بعد عودة جعجع من الخارج لبحث الملفات الخلافية، وفي وقت لفتت أوساط سياسية لـ «البناء» الى أن مشكلة «القوات» ليست فقط مع التيار الوطني الحرّ بل مع تيار المستقبل أيضاً، لم تهدأ جبهة السجالات السياسية عبر الإعلام بين المسؤولين في «القوات» والتيار الوطني الحر، فقد أشار عضو كتلة التغيير والإصلاح النائب ألان عون للـ «أو تي في» الى أن «القوات قد توقعت أكثر مما هو ممكن بعد التفاهم، ولكن هناك نوع من المبالغة في التعبير عن الاستياء من التعيينات»، بينما رد وزير الإعلام ملحم رياشي على هذا الكلام قائلاً: «لا أحد يتناسى حصة رئيس الجمهورية أو حصة التيار، ولكن هناك تناسٍ لحصة القوات. وهناك اتفاق واضح هو اتفاق معراب ونحن الاثنان نعرف ما هو».

طربيه لعدوان: النتائج تحكم وليس الآليات

وفي إطار ذلك، واصلت «القوات اللبنانية» أيضاً حملتها على مصرف لبنان، ما دفع برئيس جمعية المصارف جوزف طربيه الى الردّ أمس، على النائب جورج عدوان، واعتبر أن «النتائج التي تحكم وليس الآليات»، مؤكداً أن «سياسة البنك المركزي حتى اليوم حيال لبنان والقطاع المصرفي، كانت ناجحة وأدّت إلى ما أدّت إليه من استقرار في الأوضاع الاقتصادية والنقدية حتى الآن». وإذ أكد أن «مصرف لبنان يتقيّد بالنصوص التي ترعى أعماله»، قال طربيه: «أخطر ما يمكن أن يحصل في البلد هو أن يناقش غير الاختصاصي عمل المؤسسات المتخصصة. فمصرف لبنان هو مسؤول عن إدارة السياسة المصرفية والسياسة النقدية… فنحن نُصرّ على أن هذا الموضوع يجب أن يُراعى بكل دقة، ومن مصلحة لبنان ألا نثير مواضيع لسنا ممسكين بأرقامها».

القوى السياسية تقرع باب الاغتراب
وفي ما لم يحسم المعنيون بالشأن الانتخابي آلية انتخاب اللبنانيين المتأرجحة بين الخطة «أ» و«ب» وما بينهما، لجأت القوى السياسية في الوقت الضائع الى شدّ العصب الانتخابي واختارت قرع باب الاغتراب اللبناني في أصقاع الأرض، فبعد الجولات المكوكية للوزير باسيل في بلاد الاغتراب، حطّ رئيس «القوات» سمير جعجع أمس، في مالبورن داعياً المغتربين الى الاقتراع في الانتخابات المقبلة، بينما خاطب رئيس المجلس النيابي نبيه بري المغتربين على طريقته، حيث دعاهم الى تسجيل أسمائهم قبل 21 تشرين الثاني المقبل في السفارات والقنصليات التي تمثل لبنان في الخارج للمشاركة في الاستحقاق النيابي، وخلال مؤتمر صحافي عقده في عين التينة لفت بري الى أن «لبنان الجيش والشعب والمقاومة يستدعي أبناءه الخُلّص في كل أصقاع الدنيا لمشاركته غداً في انتخاب وصياغة مجلسه التشريعي المقبل ورفض محاولات الإقصاء والتهميش والمقاطعة وكل الكلام السلبي».

وفي حين تحدثت معلومات عن أن تقييد الرئيس بري مهلة تسجيل المغتربين أسماءهم للمشاركة في الانتخابات في 21 تشرين الثاني، لاقت اعتراضاً من التيار الوطني الحر. قالت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ «البناء» إن «مهلة تسجيل المغتربين منصوص عليها في قانون الانتخاب الجديد»، موضحة أن تسجيل المغتربين للاقتراع في سفارات الدول الموجودين فيها لن يطبق في الانتخابات المقبلة بل التي تليها، أما الذين سيأتون الى لبنان للمشاركة فعليهم تسجيل أسمائهم قبل المهلة التي حدّدها القانون، كي يتسنى لوزارة الداخلية إحصاءهم وضمهم الى الناخبين اللبنانيين الآخرين، وبالتالي يمكنهم إرسال أسمائهم عبر البريد الالكتروني واختيار مكان الاقتراع بين مكان القيد أو مكان سكن ذويهم إن توافر». وتوقعت المصادر أن «يتجاوب المغتربون مع دعوات رئيس المجلس بعد أن استقرت الأوضاع في لبنان الى حدّ كبير بعد التسوية الرئاسية».

وفي سياق ذلك، وبعد أن حسم كل من بري ووزير الداخلية نهاد المشنوق إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في أيار 2018، وضعت عجلة الانتخابات على السكة، وبدأت الأحزاب بتزييت ماكيناتها الانتخابية بعد أن أصابها صدأ التمديد للمجلس النيابي ثلاث مرات متتالية، فقد أطلقت حركة «أمل» ماكينتها الانتخابية في قضاء صور، استعداداً للانتخابات، وذلك خلال لقاء عام لرؤساء وأعضاء لجان البلدات الانتخابية عقد في مركز باسل الأسد الثقافي في مدينة صور.

غير أن المصادر نفسها أشارت الى أن مسألة البطاقة الممغنطة لا زالت موضع خلاف بين القوى السياسية، مرجّحة أن ترسي الامور في نهاية المطاف على الآلية العادية للاقتراع اي عبر الهوية العادية أو إخراج القيد وجواز السفر إن عجزت الداخلية عن حسم الأمور في اجتماع اللجنة الوزارية هذا الأسبوع».