Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر October 23, 2017
A A A
«القوات» رأس حربة الهجوم على العهد؟
الكاتب: البناء

لا زالت تداعيات حكم المجلس العدلي بحق المقاوم حبيب الشرتوني ترسم المواقف السياسية للأطراف اللبنانية، وقد حدّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم موقف حزب الله في كلمة له رفض خلالها التبريرات التي يسوقها البعض لتخفيف فعل العمالة للعدو، بينما كانت وفود سياسية ودبلوماسية وحشود شعبية تشارك بتأبين اللواء الشهيد في الجيش السوري عصام زهر الدين بدعوة من الوزير طلال أرسلان، وحضور سفراء إيران وسورية وروسيا وتونس، حيث أكد السفير السوري علي عبد الكريم علي والوزير أرسلان على أنّ انتصار سورية والمقاومة آتٍ وأنّ لبنان وسورية سينتصران معاً.

على الصعيد السياسي الداخلي وضعت القوات اللبنانية في التداول التلويح باستقالة وزرائها من الحكومة، تعبيراً عن الاحتجاج على ما وصفته بالمحاصصة في التعيينات والتلزيمات من خارج القانون، متهمة شريكيها في التحالف تيار المستقبل والتيار الوطني الحر بتقاسم الصفقات والمناصب، وقد لقي الكلام القواتي ردوداً من حليفي القوات وضعت الكلام في خانة الابتزاز من جهة، مؤكدة عدم الاستعداد للاسترضاء بأثمان إضافية للقوات من جهة مقابلة.

«القوات» رأس حربة الهجوم على العهد؟
في غضون ذلك، تفاقمت الأزمة بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» وانتقلت من «العتاب» في دوائر القصر وأروقة السراي المغلقة الى التهديد العلني، بعد أن ضاق صدر «القوات» ذرعاً من ممارسات التيارين «البرتقالي» و«الأزرق» في الحكومة ومخالفات بالجملة للقانون والدستور، كما تعبر مصادر في حزب «القوات» الذي وزع أمس الأدوار بين وزرائه ونوابه ومسؤوليه الذي استنفروا مطلقين الرسائل والتحذيرات من مواقع ومتاريس انتخابية متعددة.

فقد هدّد نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني باللجوء إلى خيارات لا نتمناها، بينما نفى وزير الإعلام ملحم رياشي الحديث عن أن استقالة وزراء القوات مكتوبة، مشيراً الى أنه «اذا دعا الظرف ستُكتب، وليس هناك ما يستدعي كتابتها حتى الآن، والتعبير مجازي من خلال مواقف الاعتراض التي نمارسها في مجلس الوزراء في امور وملفات معينة، سواء نتحفظ على بعض الامور أو نعترض على أخرى، وابرز النقاط الخلافية هو ملف الكهرباء، حيث تشكلت لجنة وزارية اعترضنا على الدخول فيها». بينما حاول نائب رئيس «القوات» جورج عدوان تحييد التفاهم بين «التيار» و«القوات» عن الصراع داخل الحكومة، لكنه لم يُطمئن شريكه حيال مخالفات المناقصات والمحاصصة الحكومية، مؤكداً أن «الاختلافات بوجهات النظر على هذا الملف او ذاك لا يمكن أن تعيدنا الى الخلف، ولا يمكن أن تؤثر على هذا التفاهم الذي طوينا به صفحة من النزاعات، لكننا نريد بناء دولة تقوم على أسس علمية بعيدة عن الفساد والاستزلام والمحاصصة. وأي مكان فيه مخالفة للدستور والقانون وأي مكان لا تنظم المناقصة فيه كما يفترض أن تتمّ، وكل مكان فيه شيء نعتبره يتعارض مع بناء الدولة، سوف نقف بوجهه». وعاد عدوان مساء أمس وهدّد باستقالة نواب حزبه «إذا لم تلتزم الحكومة بالبيان الوزاري، كما كرر اتهامه المصرف المركزي بأنه «لا يقدّم حساباته كما ينصّ القانون».

مصادر سياسية تساءلت عن أسباب التصعيد «القواتي» المفاجئ في الحكومة، وهل هي حكومية بحتة أم خارجية تتعلّق بالضغط على العهد والرئيس ميشال عون وعلى الحكومة في ما يتعلق بملف النزوح والعلاقات مع سورية وقرار العقوبات الأميركي على حزب الله الذي سيصدر الأسبوع المقبل بحسب المعلومات المتوفرة، لا سيما بعد استدعاء رئيس «القوات» سمير جعجع ورئيس «الكتائب» سامي الجميل الى السعودية والحديث عن تجميع القوى المسيحية لمحاصرة عون والتيار في الحكومة لدفعهم إلى حصار حزب الله؟ وتضيف المصادر: هل تحوّلت «القوات» رأس حربة الهجوم على العهد؟

«التيار»: نحن في حلٍ من أمرنا…
مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر نفت لـ «البناء» تبلّغها من «القوات» قراراً بالاستقالة من الحكومة، واضعة ذلك في إطار التسريبات الإعلامية المقصودة والتي تهدف إلى الضغط على الحكومة لانتزاع مكاسب وحصص في التعيينات والخدمات وغيرها لاستثمارها في الانتخابات النيابية المقبلة. وأبدت استغرابها للموقف «القواتي» الذي لا تفسير له، وما الاتهامات التي تُساق عن صفقات وغيرها الا في إطار المزايدات، «فليس هناك أي قرارات اتخذت في مجلس الوزراء مخالفة للقوانين، بل تمّ تحقيق إنجازات متعددة ملحة للمواطنين والبلد لا سيما الموازنة التي أقرّت من دون قطع الحساب بهدف اعادة الانتظام الى المال العام، وبعد وعد وزارة المال بإنجاز الحسابات كافة بمهلة لا تتعدّى السنة، والتيار الحر أول من ساءل الحكومات عن المال العام المهدور، لكن كيف نقرّ الموازنة؟

ووضعت المصادر علامات استفهام حول التهديد بالاستقالة، وهل هي فعلاً اعتراض على سلوك حكومي معين أم تتعلق بمصالح سياسية انتخابية شعبوية خدمية؟ وتؤكد المصادر العونية نفسها أن «ما يجري في مجلس الوزراء خاضع للاصول الديموقراطية في اتخاذ القرار الذي يتمّ أحياناً بالتوافق أو عبر التصويت ووزراء القوات يمارسون كغيرهم دورهم في الاعتراض والتحفظ أو الموافقة على قرارات حكومية». وأوضحت أن «التسوية الرئاسية لم تشمل الملفات الاقتصادية والاجتماعية والأمور التفصيلية، بل اقتصرت على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة وترسيخ المصالحة المسيحية الى جانب عناوين أمنية تتعلّق بحماية لبنان، وبالتالي نحن في حلٍ من أمرنا تجاه أي أمر آخر، فلم نتفق مع القوات على المناصفة في كل المواقع والتعيينات والتشكيلات، فلا يمكن تحميل التفاهم أكثر مما يحتمل»، لكنها أوضحت أن «التسوية مع المستقبل لا تتم على حساب التفاهم مع القوات، نحن اتبعنا سياسة الانفتاح مع جميع الأطراف منذ التسوية الرئاسية حتى الآن».

وعن مدى تأثير الاستقالة على التفاهم، لفتت الى أن «الحكومة جزء من التفاهم وليست التفاهم كله ولا تنسف الاستقالة هذا التفاهم الذي نعتبر عناوينه أكبر من الحكومة التي تأتي وتذهب وليست ثابتة».

ولفتت المصادر الى الخلاف في مقاربة ملف النازحين بين «التيار» و«القوات»، إذ يرى الأول أن إعادة النازحين حاجة ملحّة وبأي طريقة وبأي ثمن ولا يمكن بقاؤهم في لبنان الذي بات يشكل عبئاً اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً كبيراً ويهدد استقرار البلد وبالتالي علينا أن نتواصل مع النظام القائم في سورية ومع الرئيس بشار الأسد كرئيس شرعي حتى الآن، وهناك علاقات دبلوماسية بين الدولتين، وذلك لحل أزمة لبنانية وليست سورية، في حين لا يمكن حلها عن طريق الأمم المتحدة، كما ترى «القوات». وفي سياق ذلك، حذّر وزير الاقتصاد رائد خوري من أن الاقتصاد اللبناني بات بخطرٍ جراء أزمة النزوح، مشيراً الى أن «رئيس الحكومة سيفعّل عمل لجنة النازحين».

وعن الانتخابات النيابية، رجحت المصادر العونية أن يصمد التفاهم بين الحليفين المسيحيين أمام العواصف حتى الانتخابات النيابية المقبلة، مشيرة الى أن التيار لم يحدد التحالفات الانتخابية في الدوائر كلها، لكنه اتخذ القرار بخوض معركة ديموقراطية في دائرة الشوف وعاليه في وجه تحالف «القوات» والحزب «الاشتراكي»، كما سنخوضها في الدوائر الأخرى على «القطعة»، وحيث يجب أن نتحالف مع «القوات» سنتحالف وفي دوائر أخرى بلوائح مستقلة، معتبرة أن «القانون النسبي سيفرز الأحجام والأوزان الحقيقية».

«المستقبل» لـ «القوات»: لا تغامروا ولن تنفع تهديداتكم…
على الضفة «المستقبلية»، وفي وقتٍ يعاني «البيت المستقبلي» من اهتزاز وتشقق بين أركانه سيخلف تداعيات سلبية على نتائج الانتخابات المقبلة، تستبعد مصادر «التيار الأزرق» أن تخرج «القوات» من الصف الحكومي حالياً، وتشير لـ «البناء» الى أن «كل الأطراف الحكومية تدرك مخاطر إطاحة الحكومة وتعريض البلاد لأزمة سياسية واللعب بالاستقرار الداخلي، فالقوات جزء من التسوية الرئاسية والحكومية وإذا قرّرت الخروج منها تتحمل المسؤولية أمام المواطنين». وأوضحت أنه «لا يمكن لأي فريق التصرّف على قاعدة إما أن أحصل على ما أريد، وإما أنسحب من الحكومة، ولن تنفع التهديدات في الضغط على رئيس الحكومة الذي يتبع سياسة تدوير الزوايا قدر المستطاع وتأمين التوافق على أي ملف، لكن عندما يتعذر ذلك يلجأ الى الديموقراطية والدستور ويمارس صلاحياته لتأمين مصلحة البلد». ودعت المصادر «القوات» الى عدم اللجوء الى مغامرة لا تدرك أبعادها، لا سيما في ظل الوضع الحساس الراهن في الداخل والدقيق في المنطقة، فلا يمكن اللعب بمصير الحكومة، مستبعدة وجود قرار خارجي بتطيير الحكومة».