Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر February 18, 2021
A A A
القصة الكاملة لمبادرة توفير لقاحات كورونا للفقراء.. إلى أين وصلت مبادرة “كوفاكس”؟
الكاتب: واشنطن بوست

تم الاتفاق على مبادرة كوفاكس للقاحات كورونا في يونيو/حزيران من العام الماضي، والهدف منها ضمان التوزيع العادل لتلك اللقاحات بمجرد تطويرها، حتى تصل للفقراء، بغرض القضاء على الوباء، فإلى أين وصلت تلك المبادرة الآن؟

إذ منذ انتشار فيروس كورونا وتحوله لجائحة عالمية مطلع 2020، أصبح واضحاً للجميع أن الفيروس القاتل لا يفرّق بين غني أو فقير، وكونه سريع الانتشار يعني أنه حتى لو نجحت الدول الغنية في القضاء عليه على أراضيها فإنَّ خطره لن ينتهي إلا إذا تمت محاصرته تماماً حول الكرة الأرضية بكاملها.

 

 

متى بدأت “كوفاكس” ومن المشاركون فيها؟
وعلى أساس تلك الفلسفة تم إطلاق مبادرة “كوفاكس” تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية في أبريل/نيسان من العام الماضي، ويشارك فيها أكثر من ثلثي دول العالم، وتضم حكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والجمعيات الخيرية؛ لضمان تنسيق جهود مكافحة الوباء حول العالم من التشخيص إلى العلاج إلى اللقاحات؛ لضمان وجود عدالة بين دول العالم الغنية والفقيرة.

وقد وُضِعَت خطط “كوفاكس”، منذ يونيو/حزيران من العام الماضي، بواسطة “تحالف غافي للقاحات”، الذي يهدف إلى زيادة فرص الدول الفقيرة في الحصول على التطعيمات، وتحالف ابتكارات التأهّب للأوبئة، ومنظمة الصحة العالمية. وسيذهب ما لا يقل عن ثلثي تلك الجرعات مجاناً إلى 92 من الاقتصادات ذات الدخل المنخفض، ويقول برنامج كوفاكس إنّه في طريقه إلى تحقيق هذا الهدف.

وبعد التوصل للقاحات متعددة لوباء كورونا مع نهايات العام الماضي، مثل فايزر وموديرنا وأسترازينيكا وسبوتنيك وساينوفارم وغيرها في الطريق، بدأت بالفعل كثير من دول العالم توفير اللقاحات لمواطنيها، بينما لا تزال كثير من الدول الأخرى لم تبدأ بعد.

والآن بعد أكثر من شهرين على بدء دول، مثل بريطانيا والولايات المتحدة، تطعيم مواطنيها الأكثر عرضة لخطر الإصابة، أعطت منظمة الصحة العالمية الضوء الأخضر، الاثنين 15 فبراير/شباط، للقاح الذي طورته جامعة أوكسفورد وشركة أسترازينيكا؛ مما يعني السماح لبرنامج “كوفاكس” بالشروع في طرح مئات الملايين من الجرعات.

 

 

ما خطة “كوفاكس” المتفق عليها؟
ولأن “كوفاكس” عبارة عن برنامج تعاوني يهدف إلى ضمان إتاحة وصول عادل إلى لقاحات “كوفيد-19″ للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، إذ تشتريها بعض البلدان بينما يحصل البعض الآخر عليها مجاناً بفضل الدول المانحة والجمعيات الخيرية، كان المخطط لـ”كوفاكس” هو توزيع نحو 366 مليون جرعة بنهاية يونيو/حزيران، وإجمالي 2 مليار جرعة بنهاية العام.

وعجز “كوفاكس” عن تحقيق هدفه ببدء التطعيم في الدول الفقيرة تزامناً مع طرح اللقاح بالدول الغنية؛ مما دفع العديد من الدول النامية إلى إبرام اتفاقيات خاصة بها لشراء اللقاح؛ خوفاً من فشل البرنامج في تلبية أيٍّ من وعوده على الإطلاق.

وهذا تحديداً ما حدث حتى الآن. إذ قال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأسبوع الماضي، إن أكثر من 130 مليون جرعة من اللقاح نُشِرَت بالفعل على مستوى العالم، ثلاثة أرباعها في عشر دول فقط، في حين أنَّ ما يقرب من 130 دولة بها 2.5 مليار شخص لم تُعطَ جرعة واحدة.

وعكس معظم الدول الغنية، لا تمتلك العديد من البلدان النامية الموارد اللازمة لتقييم ما إذا كان ينبغي الموافقة على اللقاحات؛ لذا تعتمد على منظمة الصحة العالمية لتحديد ما إذا كانت اللقاحات آمنة وفعالة ومُصنَّعة على النحو الملائم، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأميركية.

 

 

لماذا لقاح أسترازينيكا؟
وباتت أكثر لحظة حاسمة حتى الآن لبرنامج “كوفاكس” وشيكة مع موافقة منظمة الصحة العالمية على لقاح “أسترازينيكا”؛ فقد اشترى البرنامج مئات الملايين من الجرعات، على الرغم من عدم وجود ضمان توقيت تلقّي الدول هذه الجرعات. وكان معهد Serum Institute في الهند، الذي سينتج معظمها، قد صرَّح سابقاً، بأنَّ توفيره اللقاح لبرنامج “كوفاكس” سيخضع للتكييف مع ما يتماشى مع احتياجات الهند المحلية وغيرها.

لكن أثيرت أسئلة مؤخراً حول استخدام اللقاح؛ نظراً إلى الانتشار المتزايد لمتغير الفيروس الذي رُصِد لأول مرة في جنوب إفريقيا. إذ تشير الدراسات الأولية إلى أنَّ لقاح أسترازينيكا أقل فعالية ضد هذا المُتغيِّر، وأنَّ حكومة جنوب إفريقيا أجَّلت خططها لطرح إمداداتها الخاصة من اللقاح. بيد أنَّ منظمة الصحة العالمية صرَّحت، في الأسبوع الماضي، بأنَّ جرعات أسترازينيكا لا يزال يتعين استخدامها في البلدان التي اكتشفت المُتغيِّر الجنوب إفريقي لديها، لكن رئيس المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها حذَّر دول المنطقة من إعطاء الأولوية للقاحات الأخرى بدلاً من أسترازينيكا.

 

 

من سيحصل على الجرعات أولاً؟
لم يُفصِح قادة “كوفاكس” عن أية معلومات في هذا الشأن. وقال جيان غاندي، منسق إمدادات اليونيسف لبرنامج “كوفاكس”، إنَّ تأكيد الجرعات التي يمكن لوكالة الأطفال التابعة للأمم المتحدة نشرها، سيأتي بمجرد موافقة منظمة الصحة العالمية على لقاح أسترازينيكا.

وتأخذ منظمة الصحة العالمية في الاعتبار الاستعداد لبدء التطعيم ومدى الحاجة إليه، وقد أعطت الأولوية للحصول على الجرعات للعاملين في مجال الرعاية الصحية والأشخاص الأكثر عرضة للخطر مثل كبار السن.

وأضاف غاندي أنَّ نشر اللقاح “سيختلف من دولة إلى أخرى. ففي بعض الحالات، يمكن أن يكون الإطار الزمني في نطاق الأيام والأسابيع، بينما في حالات أخرى قد يستغرق عدة أسابيع”.

والآن تأمل منظمة الصحة العالمية والشركاء تمكين “كوفاكس” من البدء أخيراً بشحن اللقاحات في وقت لاحق من الشهر الجاري، والسؤال: هل تصدق الوعود هذه المرَّة؟ فعلى سبيل المثال، أعلنت كندا قبل أسبوعين، أنها طلبت الحصول على ملايين الجرعات من اللقاحات عبر “كوفاكس”، وهو ما أثار انتقادات عديدة.

فكندا من الدول الغنية التي تعاقدت بالفعل مع شركات الأدوية للحصول على 398 مليون جرعة من لقاحات كورونا، وهو رقم يكفي لتطعيم سكانها البالغ عددهم نحو 37 مليون نسمة، أكثر من عشر مرات. ودافعت الحكومة الكندية عن قرارها الحصول على نحو مليوني جرعة من دفعة اللقاحات المخصصة لـ”كوفاكس”، على أساس أن هدفها الأساسي هو توفير اللقاحات لمواطنيها أولاً.

وعلى الرغم من أن منطق الحكومة الكندية يعكس مواقف غالبية الدول بالفعل، فإن ذلك المنطق يتناقض بشكل مباشر مع فلسفة ومنطق مبادرة “كوفاكس”، لأن هذا معناه ببساطة أنه لن تكون هناك عدالة في توزيع لقاحات كورونا، لأن الدول الغنية أقدر على دفع تكاليف تلك اللقاحات والحصول على ما يكفي مواطنيها ويزيد في البداية، بينما ستنتظر الدول الفقيرة دورها.