Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر June 18, 2020
A A A
القرار المالي لم يُلجم الدولار… وخليّة الأزمة لا تـملك الحلول السحريّة
الكاتب: محمد بلوط - الديار

لم يتبدل المشهد العام في البلاد في ظل فشل القرارات والخطوات «الترقيعية» الاخيرة التي اتخذتها الحكومة بعد اجتماع بعبدا لوقف تدهور الليرة وفرملة الانهيار الاقتصادي والمعيشي.
فبعد ايام على القرار المتعلق بضخ مصرف لبنان كمية من الدولار الى الصيارفة في محاولة للحدّ من ارتفاع الدولار الجنوني بقيت الامور على حالها، واستمر التعامل في السوق السوداء، رغم محاولات ملاحقة المتعاملين بهذا السوق، حيث لامس سعر الدولار الخمسة الآلاف ليرة.

ونتيجة تجربة الايام القليلة الماضية فإن قرار الحكومة الاخير لم يحدث اي اضافة ايجابية على الوضع النقدي فبقي سعر الدولار متفلّتا صعودا، وتعامل التجار والمؤسسات التجارية أمس في عمليات البيع على اساس سعر الخمسة الآلاف ليرة ما ادى الى ارتفاع اضافي في الاسعار للعديد من المواد الغذائية وفي مقدمها اللحوم.

ووفقاً للمعلومات، فإن الاجتماع المالي الذي يترأسه وزير المال غازي وزني اسبوعياً مرتين، لم يتوصل في ضوء تقييمه للتجربة الى خطوات واجراءات جديدة من شأنها ان تحسن من نتائج القرار الحكومي، مع العلم ان مصرف لبنان يضخ ما يقارب الخمسة الملايين دولار يوميا الى الصيارفة لدعم الليرة.

وتقول المعلومات ان هذا القرار سيخضع لمزيد من التقويم وسيستمر في الايام القليلة المقبلة قبل اتخاذ اي خطوة جديدة بشأنها، لا سيما ان الجهات المعنية ترى انه لا يمكن الحكم على النتائج من خلال ثلاثة ايام وان هناك حاجة لاطالة هذه التجربة لايام اخرى وربما اكثر قبل الحكم عليها بشكل دقيق ومدروس.

ويقول مصدر وزاري في هذا المجال: صحيح ان الدولار بقي يتداول بطريقة غير شرعية في السوق السوداء بسعر يتجاوز سعر الصيارفة بنسبة غير قليلة، لكن القرار الذي بدأ تطبيقه له ايجابيات لناحية توفير كمية من هذه العملة الصعبة للمواطنين المضطرين للحصول عليها لاسباب وحاجات عديدة، لا سيما ان المصارف توقفت نهائيا عن اعطاء المودعين اي مبلغ ولو قليل بالدولار.

ويضيف المصدر ان كمية الدولارات التي يغذي بها مصرف لبنان الصيارفة بالسعر المحدد يوميا هي كمية محدودة ولا تشكل استنزافاً خطراً للمصرف كما توحي بعض اوساط المعارضة، مع العلم ان هناك اجراءات وتدابير عديدة اتخذت وستتخذ لتحسين طريقة تطبيق هذا القرار من دون او لتفادي حصول اي تداعيات سلبية.

ويعترف المصدر بأن القلق الحاصل وأزمة الثقة يؤديان دورا سلبياً ايضاً في اضعاف تأثير القرار المتخذ وتعاظم تهافت الناس على الدولار بشكل كبير، مشيرا الى ان قانون قيصر الاميركي ضد سوريا والذي بدأ سريانه امس ساهم ويساهم بزيادة الهواجس لدى اللبنانيين.

ويشير المصدر الى ان الحكومة اخذت بعين الاعتبار الصعوبات التي ستعترض تنفيذ القرار وتحقيق الغاية منه، لذلك شكلت خلية الازمة للاجتماع مرتين اسبوعيا من اجل متابعة النتائج ومحاولة تحسينها. كما انها ستقوم هذه التجربة في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء لاتخاذ الخطوات المناسبة في ضوء تقييمها من كل الجوانب.

وبغضّ النظر عن نتائج تقويم الحكومة لهذه الخطوة، فان التطورات التي سجلت مؤخراً أكان على صعيد الوضعين الاقتصادي والمالي أم على صعيد تداعيات الاحداث الاخيرة في الشارع بالاضافة الى التداعيات المحتملة جراء سريان مفعول قانون قيصر الاميركي، فرضت وتفرض الارتقاء الى خطوة انقاذية من شأنها ان تبرّد الاجواء السياسية في البلاد وتخفف من حدة الاحتقان على الساحة السياسية من خلال اللقاء الحواري الذي بدأ العمل عليه بين الرئيسين عون وبري لعقده في 25 الجاري في بعبدا والذي يفترض ان يجمع رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة مع رؤساء الجمهورية والحكومة السابقين ورؤساء الكتل النيابية ونائب رئيس المجلس.

وتقول المعلومات ان الرئيس بري الذي بدأ مسعى ناشطاً لتعزيز التلاقي والحوار بين مختلف القوى السياسية موالاة ومعارضة يتفق مع الرئيس عون في العمل لهذا اللقاء الحواري المنتظر للتداول في كل الاوضاع الراهنة، والتركيز على وحدة الصف في هذه المرحلة الدقيقة والصعبة.

وتقول مصادر مطلعة ان الرئيس بري مقتنع منذ فترة غير قصيرة بأهمية العمل لتوسيع التفاهمات بين الاطراف والقوى السياسية من خلال تنشيط الحوار، وان الاحداث الاخيرة التي لامست الوضع الامني عززت من قناعته بوجوب العمل قدر الامكان لتنقية الاجواء والتلاقي على عناوين جامعة ابرزها: التصدي لأي محاولات فتنوية، وتعزيز الاستقرار الامني، وتخفيض منسوب التوتر السياسي، وايجاد اكبر قدر من التواصل والنقاش حول سبل مواجهة الازمتين الاقتصادية والمالية لان التدهور الحاصل يصيب كل اللبنانيين ولا يفرّق بين موال ومعارض.

لكن المصادر تنظر الى فكرة اللقاء الحواري في بعبدا بحذر، مشيرة الى ان الايام القليلة المقبلة ستحدد ما اذا كانت هذه الخطوة ستأخذ مسارها بشكل ايجابي ام لا. وينتظر ان تتكثف الجهود والمساعي لضمان مشاركة كل المدعوين، ولخلق اجواء قد تؤدي الى التوصل الى نتائج او توافق على بعض العناوين العريضة التي قد تساهم في تحسين المناخ العام في البلاد.

لكن مصادر معارضة ترى ان هذه المبادرة لن تؤدي او تساهم في تحقيق خطوات انقاذية جدّية لاسباب عديدة، ابرزها الخلاف العميق حول الحكومة الحالية وأدائها، بالاضافة الى التباينات السياسية الحادة بين القوى والكتل المدعوة للقاء المرتقب.