Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 10, 2016
A A A
الفساد هو السر الحقيقي للأزمات في لبنان…
الكاتب: رؤوف شحوري - الأنوار

الأزمة اللبنانية مثل مرتا… مرتا، تهتم بأمور كثيرة ولكن المطلوب واحد. ولهذه الأزمة عناوين كثيرة وينطوي كل واحد منها على عدد لا يحصى من العناوين الفرعية الأخرى. وبمراجعة لبنود جداول أعمال وما يجري من نقاش حول طاولات الحوار ومجلس الوزراء واللجان النيابية لتبين انها قضايا ومسائل لا تقع تحت الحصر، هذا بصرف النظر عن طوفان الثرثرة السياسية في وسائل الاعلام على تنوعها، والمنتديات والمنابر والأحزاب والتيارات والمجالس البلدية وحتى هيئات الحراك المدني… ومع ذلك، فان هذا الكمّ الهائل من الأزمات – كبيرها وصغيرها على السواء ليس هو المشكلة… المشكلة الأعظم هي في الحلول! واذا أخذنا أمراً واحداً من الأمور الكثيرة التي تهتم بها مرتا الأزمة اللبنانية، فان المرء سيصاب بالصدمة عندما يجد ان المعضلة الحقيقية ليست في غياب الحلول، بما على العكس هي في عرض طوفان من الحلول لأية مشكلة مهما كانت صغيرة، ولكن لا يلتقي منها حلاّن اثنان فقط على رأي واحد!
***

تسمية الواقع الحالي ب الأزمة هو نوع من التبسيط الخادع. الشغور الرئاسي تحوّل الى شماعة تعلق عليها كل هموم البلد والحكم والناس. واذا توخينا الدقّة، فان الشغور لا يقتصر على رئاسة الجمهورية، وانما يشمل الرئاسات الثلاث مجتمعة، وكل هياكل السلطة، وما يظهر للعيان هو شكل دولة من الخارج، ولكنها مجوّفة ومفرغة من الداخل! وتتعرّض الناس الى أعظم غش عندما يقال ان أصل المشكلة هو الشغور الرئاسي، وقانون الانتخاب، والنظام الطائفي، والالتباسات في الدستور، وعدم استقلالية القضاء، وضعف أجهزة الرقابة، وعدم توازن السلطات وغير ذلك من مقومات الدولة الحديثة والعصرية. وحقيقة الأمر ان كل هذا الخلل الفادح هو من أعراض المرض وعلاماته الخارجية، وليس هو البلاء بذاته. المرض الحقيقي الذي يعاني منه لبنان والدولة والناس في مجموعهم وعلى اختلاف انتماءاتهم هو طبقة سياسية، داخل السلطة وخارجها، طغت على غالبية منها نزعة الاتجار بالسلطة والنفوذ، ووجدت ان أقصر طريق الى الاثراء غير المشروع، هو في نهب المال العام والخاص. وكل ما يمكن ان تصل الأيادي اليه! العلّة الحقيقية هي في هذا الفساد المستشري أفقياً وعمودياً، ومن أخمص القدمين الى النخاع!
***

العبارة الشائعة هي: ابتسم… أنت في لبنان! والأصح، هو البكاء لا الضحك، لأنه أصدق تعبيراً عن الواقع!