Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر December 8, 2020
A A A
الـبـلـد يسير بـدون قـيـادة تنفيذيّة حاكمة… والمخاطر الاجتماعيّة أهمّ من الأمنيّة
الكاتب: ناجي س. البستاني - الديار

لم يعد يعرف اللبنانيّون إذا كان عليهم أن يقلقوا من الحديث المُتزايد عن إحتمال عودة الإغتيالات والعمليّات الإرهابيّة، وما يعنيه هذا الأمر من ضرب للإستقرار وما قد يُسبّبه من ضحايا، أو أن يقلقوا من الحديث عن قُرب رفع الدعم عن المحروقات والأدوية والطحين، وما سيلي ذلك من تفجّر مُخيف للأسعار. ولم يعد يعرف اللبنانيّون إذا كان عليهم أن يقلقوا من الحديث عن عجز مصرف لبنان والمصارف عن مُواكبة تداعيات الأزمة المالية المُستفحلة، وما يعنيه هذا الإحتمال من خطر على ودائعهم المُجمّدة ومن فقدانهم لجنى عُمرهم، أو أن يقلقوا من إستمرار تفشّي وباء كورونا من دون حسيب أو رقيب، مع ما ينجم من ذلك من ضرر إضافي للدورة الإقتصاديّة المَعدومة أصلاً ومن تزايد مطّرد في أعداد العاطلين من العمل… كل هذا القلق والضياع والخوف على المصير، ولا سُلطة سياسيّة تنفيذيّة كاملة السُلطات والصلاحيّات تتحمّل مسؤولية الوطن! فما الذي يحصل؟

كشفت أوساط سياسيّة مُطلعة أنّ أكثر من جهة حاولت إقناع رئيس الحكومة المُستقيلة حسّان دياب، بإعادة تفعيل عمل حُكومته، بسبب إستمرار التعثّر في ملفّ تشكيل حُكومة، لكنّ الدُكتور دياب لا يُحبّذ فكرة إعادة تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، ويتجنّب دعوتها إلى الإنعقاد، على الرغم من تلقّيه أخيرًا مُطالبات مُباشرة وغير مُباشرة مُتعدّدة في هذا الصدد، بعضها جاء من أعلى المرجعيّات. وأضافت أنّ السبب يعود إلى أنّ رئيس الحُكومة المُستقيلة لا يريد مُخالفة القوانين المَرعيّة، لجهة حصر عمل الحكومات المُستقيلة بالحد الأدنى من تصريف الأعمال، والأهم أنّه يُدرك أنّ حكومته ستبقى لوقت مُستقطع ولا صلاحيّات تنفيذيّة لها، ما يعني أنّها ستكون في مرمى الإنتقادات من كلّ حدب وصوب أكثر من السابق في حال إنعقادها، كونها ستكون عاجزة عن مُعالجة الملفّات المُتراكمة. وتابعت الأوساط نفسها أنّ دياب يتمنّى تسليم السُلطة اليوم قبل الغدّ، لانّه مُقتنع بأنّ الجهات التي لم تسمح لحُكومته بالعمل، والتي وضعت كل أنواع العراقيل أمامها يوم كانت كاملة الصلاحيّات، لن تسمح لها بالعمل اليوم وهي مُجرّدة من صلاحيّاتها التنفيذيّة، وتريد عودتها إلى الواجهة بهدف جعلها من جديد كبش محرقة لفشل ذريع لا تتحمّل مسؤوليّته إطلاقًا.

ولفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّ رؤساء الحكومات السابقين وعدداً من القيادات اللبنانيّة بشكل عام، والسنّية بشكل خاص، يرفضون من جهة أخرى مُحاولات العودة إلى ما يُسمّونه «الحُكم الرئاسي»، حيث سجّلوا اعتراضات مباشرة وعلنية، وأخرى غير مُباشرة وبعيدًا عن الإعلام، في ما خصّ أن يتمّ تحويل المجلس الأعلى للدفاع الذي ينعقد بين الحين والآخر، برئاسة رئيس الجُمهوريّة العماد ميشال عون، إلى مجلس رئاسي يتخذ القرارات ويُعطي الأوامر التنفيذيّة لتطبيقها، بعكس ما هو مُتاح له في القانون والدُستور. وأضافت أنّ هؤلاء المُعترضين على تجاوز «إتفاق الطائف» وعلى مُصادرة سُلطات رئيس الحُكومة بالتحديد والحُكومة مُجتمعة أيضًا، أبدوا إمتعاضهم من توظيف إجتماعات المجلس الأعلى للدفاع للضغط ولتحسين شروط التفاوض على خط تشكيل الحُكومة. ونقلت الأوساط عن المُؤيّدين لإنعقاد المجلس الأعلى للدفاع بصورة دَوريّة، والمُؤيّدين أيضًا لإعادة تفعيل حُكومة تصريف الأعمال، رفضهم ترك البلاد بدون أي قيادة، طالما أنّ رئيس الجُمهوريّة مُجرّد من سُلطاته التنفيذيّة، وهم يعتبرون أنّه لا تُوجد أيّ مُخالفة للدُستور بسبب الظُروف الإستثنائيّة التي يمرّ بها لبنان، والتي تستوجب عدم تركه من دون قيادة فاعلة.

وختمت الأوساط السياسيّة نفسها بالقول انّه بين غياب حُكومة بصلاحيّات تنفيذيّة نافذة، ورفض حُكومة تصريف الأعمال الحُكم بدون صلاحيّات، والإعتراض على أن يتحوّل المجلس الأعلى للدفاع إلى سلطة تنفيذيّة تتخذ القرارات وتُعطى الأوامر بتنفيذها، وإعتبار رئيس الجُمهوريّة أنّه بدون سُلطات تتيح له الحُكم كما كانت الحال عليها قبل «إتفاق الطائف»… تسير البلاد عمليًا من دون قيادة تنفيذيّة، بغضّ النظر عن التواصل المُتقطّع الحاصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المُكلّف، علمًا أنّ لبنان يمرّ في أصعب مرحلة بتاريخه الحديث، واللبنانيّون باتوا يخشون على لقمة عيشهم، ويعيشون وهاجس الفقر والعوز يقضّ مضاجعهم أكثر ممّا يُقلقهم الهاجس الأمني، ولا من يَسأل عن حال صارت مُبكية، أو يُطمئِن إلى غدٍ أفضل!