Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر March 14, 2017
A A A
“العهد الجديد” بلا “قيامة”؟!
الكاتب: ربيكا سليمان -

لعلّ تسمية “العهد الجديد” قد انطوت، منذ إطلاقها، على بعض المبالغات والأحلام المبنيّة على الرمال، إن لم نقل على إيحاءات ورسائل مبطنة تترجم حقيقة مشاعر مطلقيها وحامليها. فلطالما اعتبر “التيار الوطني الحر”، من رأس الهرم إلى أسفله، أنّ زمن “الإحباط المسيحيّ” لا بدّ من أن يزول “بعون” جنرال أحدث فور عودته من منفاه “تسوناميّ” نصّبه “ممثل الأكثرية المسيحية” وحضّه على المضيّ في صوغ حلم الرئاسة، إلى أن حققه، فنقل اللبنانيين بعامة والمسيحيين بخاصة من “عهد قديم” إلى “عهد جديد” يحكمه رجاء القيامة.

هذا في سوريالية التسميّة وواقعيتها في آن. حين انتخب العماد عون رئيساً للجمهورية، اختارت الأكثرية الساحقة من اللبنانيين فكّ الارتباط بماض سوداويّ، أقلّه من ناحية القضايا المعيشية، متخلّية عن “متلازمة” انعدام الثقة بالتغيير وتحقيق حلم العيش بوطن يحترم ابناءه، وراحت تعوّل على “قدرات” هذا العهد الجديد وخططه، وإن كان من اللبنانيين من رفض “التوّرط” في الأمل، باعتبار ان تلك الانتخابات الرئاسية أنتجها مجلس نيابيّ غير شرعيّ (نتيجة تمديدين متتاليين)، بالإضافة إلى اعتبارات أخرى كثيرة، فإنهم أيضاً لم ينزلقوا في مستنقع الأحكام المسبقة، بل تريّثوا مفضلين إعطاء “العهد” فرصة دحض مواقفهم منه و”توقعاتهم”.

فماذا حدث بعد مضيّ أكثر من أربعة أشهر على انطلاقة العهد الجديد؟

قد يكون من المجحف الإصرار على تحسسّ تغييرات جمّة في هذه المدة القصيرة. فبناء الدولة، على عكس هدمها، يستلزم بعض الوقت والكثير من الجهد والإرادة.

لكنّ الشعب الذي يعايش شتّى أنواع المعاناة، ما عاد بمقدوره الانتظار أكثر. ها هو يفتّش عن “إنجاز” يتحسسه ويتسفيد منه بشكل يوميّ، وعبثاً يفلح. لا يزال المواطن يدفع فواتير مزدوجة و”دسمة”. هل وُضعت خطّة لحلّ معضلة الكهرباء في لبنان وإنقاذ اللبنانيين من “براثن” أصحاب الموّلدات؟ لا!

هل وضعت خطّة لحلّ أزمة السير الكارثية، وإنقاذ المواطن والبيئة والاقتصاد اللبناني؟! لا!

هل باتت خدمات الانترنت والاتصالات أفضل من قبل؟! لا…

هل “تفرملت” هجرة الشباب والأدمغة، وهل عاد المغتربون ليستثمروا في أرض الوطن الأم؟!

هل تمتّ محاكمة أحد المتورطين بالفساد أو الإهمال أو التقصير؟ هل حقاً ولّى “زمن النفايات المكدسّة على الطرقات” إلى غير رجعة؟

هل بدأت القوانين تُطبّق بحذافيرها، بدءاً بقانون السير، مروراً بمنع التدخين وصولاً إلى قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري؟

هل بات السلاح محصوراً في يد القوى الأمنية الشرعية وحدها؟ وهل “انقرضت” مصطلحات مثل “اشتباكات” ورصاص عشوائي” من قاموسنا اليوميّ؟

هي قضايا يومية، إن طالتها “عصا التغيير السحرية”، فإنها بالنسبة إلى المواطنين، بمثابة “القيامة” في زمن “العهد الجديد”.

لكنها للأسف، لا تزال وعوداً على ورق. الأخطر، أن “إنجازات العهد” المرتقبة سوف تتمثل باستحداث ضرائب جديدة من أجل تمويل موازنة وُصفت بـ “الضريبية” لا “الإصلاحية”، فيما تظلّ “حنفية” الهدر والفساد مفتوحة على سجيّتها. وعلى الأرجح، سوف تتمثّل أيضاً بقانون انتخابيّ عاجز عن دفع لبنان خطوة إلى الأمام، وفي أسوأ الأحوال بتأجيل الانتخابات، وبالتالي إطلاق رصاصة الرحمة على الدستور.

حينذاك، لن يكون أمام الشعب اللبناني رجاءٌ إلا بعصا النبيّ موسى التي شقّت البحر…وكانت النجاة!